أثار ظهور النائب العراقي السابق أبو مهدي المهندس، المطلوب دولياً في قضايا إرهاب دولي، العديد من التساؤلات حول جدية الحكومة العراقية بفتح صفحة جديدة مع دول الجوار، في وقت تسند قيادة قواتها الشعبية إلى متهم بمحاولة اغتيال رئيس دولة جارة، ومشارك في تنفيذ هجمات على مصالح دبلوماسية.
وعقد المهندس، واسمه الحقيقي جمال جعفر الإبراهيمي، في وقت سابق من الأسبوع الحالي، مؤتمرا صحفيا، وسط العاصمة بغداد، وقدم نفسه نائبا لرئيس هيئة الحشد الشعبي، مستعرضا مجموعة من الفعاليات القتالية ضد “الإرهابيين” في “الدولة الإسلامية”.
وفي الفقرة الأولى من مؤتمره الصحفي، أعلن المهندس عن قيام قواته في محافظة صلاح الدين بقتل مجموعة من السعوديين الذين قال إنهم يشكلون العدد الأكبر من المقاتلين الأجانب داخل صفوف “الدولة”، لكن استدرك بالقول إنه شخصياً لا يعلم إن كان هولاء يقاتلون بعلم حكومتهم أم لا.
ويرى المحلل السياسي عدنان الحاج أن عودة المهندس وتسنمه منصبا رفيعا في قيادة الميليشيات الشيعية، وظهوره بصورة المقاتل، يحمل الكثير من الرسائل السلبية تجاه دول الجوار، وخصوصاً الكويت التي تضعه في مقدمة المطلوبين لديها على خلفية تورطه بمحاولة اغتيال أميرها الراحل جابر الصباح سنة 1985، وتفجير سفارتي الولايات المتحدة وفرنسا في العاصمة الكويت عام 1983.
ويتابع الحاج في تصريح خاص لـ”عربي21″، أن عودة “المطلوب الدولي” تثير استغرابا كبيرا من موقف الولايات المتحدة التي يقاتل مستشاروها جنبا إلى جنب مع عناصر ميليشيا الحشد الشيعي في المحافظات العراقية، فيما يتولى طيرانها تأمين الغطاء الجوي لقوات المهندس الذي من المفترض أنه مطلوب وبشدة لواشنطن، على خلفية استهداف مصالحها الدبلوماسية في الخارج.
ويخلص الحاج إلى القول بأن إرجاع “أبو مهدي” المهندس، وتمهيد الأرضية له من أجل لعب دور سياسي كبير عبر بوابة “مكافحة الإرهاب”، هو جزء من التقارب الأمريكي الإيراني في عموم المنطقة، والعراق خصوصا.
ويؤكد برلماني عراقي سابق أن المهندس، الذي شغل عضوية مجلس النواب العراقي في دورة سابقة، كان يدعى بين زملائه بـ”الشبح”، لأن اسمه متواجد ضمن كشوفات الرواتب، ولكنه لم يحضر جلسة واحدة، ولم يشاهده أحد من خارج كتلته في التحالف الشيعي.
ويضيف البرلماني في تصريح خاص لـ”عربي21″ أن المهندس كان معروفا لدى الكتل البرلمانية الأخرى باسم جمال جعفر الإبراهيمي، وأن سبب تغيبه المستمر هو إدراجه ضمن لائحة الإرهاب الدولي سنة 2009، وخشيته من اعتقاله بواسطة القوات الأمريكية التي كانت تتولى مسؤولية حماية مبنى البرلمان العراقي في المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد.
وبعد حادثة تفجير السفارتين الأمريكية والفرنسية في الكويت عام 1983، لجأ المهندس إلى إيران، حيث تزعم “منظمة بدر” التابعة للمجلس الإسلامي الأعلى، وقاتل في صفوفها ضد الجيش العراقي في حرب السنوات الثماني، ثم عاد إلى العراق بعد الاحتلال الأمريكي سنة 2003.
وبالإضافة إلى هجوم السفارتين ومحاولة اغتيال أمير الكويت الراحل، فإن المسؤولين الأمريكيين يعتقدون بأن المهندس كانت له صلة بمنفذي عملية تفجير مبني الإذاعة والتلفزيون في العاصمة العراقية بداية عقد الثمانينات، حيث قتل 8 مدنيين وجرح 23 آخرون.
وفي بيان أسباب إدراجها للمهندس ضمن لائحة الإرهاب الدولي، فإن وزارة الخزانة الأمريكية أكدت أن “أبو مهدي” عمل مستشاراً لقائد قوة القدس الإيرانية والمسؤولة عن تقديم دعم مادي لحزب الله في لبنان، كما اتهمته بإدارة شبكة لتهريب الأسلحة إلى المتشددين الشيعة من أجل استخدامها في شن أعمال عنف داخل العراق.