لم يجف مداد التحليلات التي تحاول سبر أغوار التغيير الطارئ على لغة الإعلام المغربي الرسمي إزاء النظام الحاكم في مصر، حتى انطلقت حملة إعلامية أخرى مفاجئة ضد حكومة المغرب، مصدرها هذه المرة من الإمارات، وذلك على لسان شخصية إماراتية وازنة.
ضاحي خلفان تميم، نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، بعد أن توقع ضمن تغريدة على موقع تويتر، أن تسقط الحكومة التي يتزعمها حزب العدالة والتنمية سقوطا مدويا بعد عام او يزيد”، عاد ليهاجم حزب “المصباح” بقيادة عبد الإله بنكيران، واصفا الإخوان بأنهم “أجسام بغال وعقول عصافير”.
ودبج المسؤول الإماراتي المثير للجدل تغريدة انتقد فيها حزب العدالة والتنمية المغربي بالقول “لا عدالة ولا تنمية لديه”، قبل أن يردف “الإخوان في كل مكان، في حزب أو جماعة أو جمعية “كلهم زي بعض”، متابعا “الإخوان أصلا عصابة في أي دولة” على حد قوله.
وعادت ذاكرة خلفان إلى الثاني من دجنبر الماضي حين التقى بمسؤولين من حزب العدالة والتنمية في لقاء بالرباط، وأورد: “جمعتني الصدفة بمسؤول مغربي من الإخوان، وقال لي إنه لا يستطيع أن يفعل شيئا، لأنه طاعن في السن، وأتى للسلطة متأخرا” وفق رواية المسؤول الإماراتي.
ويبدو أن الهجوم “المفاجئ” لرجل الإمارات القوي على حكومة المغرب، وتحديدا على “العدالة والتنمية”، ليس اعتباطيا أو بدون رواسب سابقة، فالرجل التقى بداية شهر دجنبر المنصرم قياديين بالحزب، وعلى رأسهم بنكيران الذي قال اليوم الأحد في ملتقى حزبي إن “خرجات ضاحي خلفان رفعتها للملك محمد السادس، ولا أريد أن أقوم بشئ قد يسيئ إلى العلاقات بين المغرب والإمارات”.
بنكيران لخلفان: “الأخ من الشرطة؟”
لم يكن أول لقاء جَمَع بين بنكيران وخلفان وديا تماما، فالرجلان، المتباعدان فكريا، التقيا في 2 دجنبر الماضي، في حفل أقامته سفارة الإمارات، بالرباط، احتفاء بالعيد الوطني الـ43 للإمارات، حيث حضر بنكيران إلى الحفل مرفوقا بالعديد من وزراء حكومته.
هسبريس كانت حاضرة حينها لتفاصيل اللقاء بين بنكيران وخلفان، حيث لما وصل رئيس الحكومة إلى الفندق ذي الخمس نجوم، وجد في استقباله سفير الإمارات بالمغرب، العصري سعيد الظاهري، وضاحي خلفان، نائب رئيس شرطة دبي، فضلا عن وفود دبلوماسية، والعديد من شخصيات المال والأعمال.
المفاجأة، أو هكذا اعتبرها البعض، عندما بدأ السفير الإماراتي في تقديم الشخصيات الإماراتية الحاضرة بالحفل، لرئيس الحكومة المغربي، وكان أولهم خلفان الذي تقدم للسلام على بنكيران، غير أن الأخير تعامل معه ببرودة بادية، جعلت السفير الإماراتي يسارع ليقدم صفة خلفان، ومكانته داخل الهرم الأمني بإمارة دبي.
وبعد أن علم بنكيران بأن خلفان يعد من الشخصيات المهمة في الإمارة الخليجية، أطلق بنكيران قفشاته المعروفة بالقول حرفيا لخلفان: “الأخ من الشرطة.. يا هَلاَ يَا هَلاَ”، لحق ذلك ضحك بدون سبب جعل نائب رئيس الشرطة بإمارة دبي، ينقبض، ويرجع للخلف، وعلى وجهه “ابتسامة دبلوماسية”.
جلس الجميع في مكان جانبي بالفندق، خُصِصَ لكبار الضيوف بالحفل، حيث انغمس بنكيران في الحديث مع السفير الإماراتي الذي جلس على يمينه، عن الفيضانات التي ضربت المغرب حينها، وقدرة الحكومة على التغلب على آثارها.
وكان باديا لكثير من الحاضرين كيف “همش” رئيس الحكومة ضاحي خلفان الذي كان يجلس على يساره، وكأنه غير موجود، ولا يحمل كل ذلك الثقل الذي جعله من أقوى الشخصيات المثيرة في الإمارات، طيلة السنوات الماضية.
قُطِعت ذلك اليوم حلوى الاحتفال بالعيد الوطني للإمارات، وأخذت الصور للذكرى، وغادر بنكيران الحفل، غير مُدرك أن ضاحي خلفان لم “يهضمه” وسيبدأ في “قصفه” من منصته على “تويتر” حيث يخوض حروبه ضد الإخوان المسلمين، ومن يدور في فلكهم الفكري.
هسبريس ـ خالد البرحلي