«هدى غالية».. فتاة فلسطينية صغيره تعيش في غزة، ظهرت عام 2006 على القنوات الفضائية وهي تبكي بالقرب من جثمان سبعة من أفراد عائلتها على شاطئ بحر غزة ، بعد مجزرة شاطئ غزة حين قصفت البوارج الإسرائيلية الشاطئ فقتل عشرات الشهداء ومنهم عائلة هدى (والدها وستة من أشقائها).
صورة وفيديو الطفلة «هدى» وهي تصرخ زاحفة علي الرمل: «بابا.. بابا.. صوروا صوروا»، وهي تشير إلى جثث والدها وإخوتها الملقاة بجانبها، نالت اهتمام دول العالم وحظيت بشهرة كبيرة، بعدما أبدت منظمة حقوق الإنسان وصحيفة التايمز شكوكا حول تقارير جيش الدفاع الإسرائيلي التي بررت العدوان، فسعي عدد من القادة العرب لتبني قضية هذه الطفلة مستفيدين من «البروباجندا» ورغبة كل العالم في معرفة مصير هذه الطفلة بعد ذبح أسرتها.
«محمود عباس» رئيس السلطة الفلسطينية، كان أول من أعلن تبنيه لقضية الطفلة هدي وتحدث عن كفالته له، ولكنه تركها بعدما انتقت إلى الإمارات، وكان قراره بتبنيها كارثة عليها لأنه حرم «هدى» من الاستفادة من معونات المؤسسات الاجتماعية بدعوى أنها ابنته التي أعلن تبنيها ولكنه خذلها هي وعائلتها.
ثم قام الشيخ «حمدان بن زايد آل نهيان» نائب رئيس مجلس الوزراء الإماراتي حينئذ بمبادرة تبني علاج «هدى» والناجين من عائلتها على نفقته الخاصة في دولة الإمارات العربية المتحدة، بعدما قامت قناة الجزيرة ببث تقرير عن حالة «هدى غالية»، يبين أن هدى تعاني من مشاكل في الاستيعاب والتركيز الدراسي منذ الحادث، وأصبحت انطوائية أكثر على الرغم من محاولات صديقاتها والمرشدة النفسية في تحسين وضعها النفسي.
وأمر الشيخ «خليفة» باستقدام الطفلة إلى الإمارات، ووضع الترتيبات اللازمة لاستضافتها ومرافقيها وتوفير أوجه الرعاية الصحية والنفسية لها ولهم، وبمجرد وصولها إلى البلاد واستقرار حالتها استقبل الطفلة وعائلتها في قصره.
أيضا أعرب نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس هيئة الهلال الأحمر الشيخ «حمدان بن زايد آل نهيان»، حينئذ، عن رغبته لرئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس بتقديم كافة الرعاية الشاملة للطفلة الفلسطينية·
وعندما تم نقل الطفلة هدي إلي الإمارات سارعت صحف الإمارات إلى إجراء حوارات في مستشفى زايد العسكري بأبوظبي، ونقلوا عنها قولها عن مبادرة الإمارات: «هي مبادرة نبيلة فتحت باب الأمل بالحياة والعيش الكريم، لقد فقدت للحظات إحساسي بالحياة، ولكن اليوم وأنا على هذه الأرض الطيبة وبرعاية الشيخ الكريمة أحس أن الحياة ابتسمت لي من جديد، فلسموه ولجميع شعب الإمارات كل الشكر والحب والتقدير».
المفاجأة.. 90 دولار شهرياً
الصحفية «نهى أبوعمرو» المقربة من «هدى غالية» كتبت تفاصيل محزنة عما حدث للفتاة بعد كل هذه البروباجندا، حيث كشفت أن الإمارات تخلت عنها، بعد أن أعلنت رغبتها في العودة للعيش في غزة وعدم البقاء في الإمارات، وبعدما وعدوها ببناء قصر لها، لم يعد يصلها منهم سوي 90 دولار فقط شهريا، ثم نسوها تماما ولم يعد يصل لها حتي هذا المبلغ البسيط، والفتاة حاليا تصرف علي نفسها وعلي عائلتها الفقيرة من رعاية محل بسيط كان لأبيها.
«نهى أبو عمرو» كتبت علي حسابها عبر الفيس بوك تقول: «بعد يوم طويل قضيته برفقة الجميلة هدى غالية اليوم ما بين منزلها وجامعتها حصلت على معلومات عنها وعن حياتها وتفاصيلها لا يعرفها أحد ».
وأضافت «نهى» قائلة: «دولة الإمارات قامت بتبني هدى بتوجيه من رئيس الدولة، وخيروها أن تترك غزة وتقيم هناك على أن تقام لها القصور للاستفادة من وضعها إعلاميا، وصناعة بروباجندا للدولة الإماراتية وأمرائها، وعندما رفضت هدى ذلك مفضلة وطنها “غزة” على قصور الإمارات اكتفوا بإرسال لها مبلغ 90 دولار فقط شهريا مبلغ لا يسمن ولا يغني من جوع ولا يتناسب مع مليارات دبي التي نسمع عنها، مع أن الذي يستطيع إنشاء قصور في دبي يستطيع أن يتبناها في غزة أيضا، وبعد فترة بسيطة بفترة بسيطة تم التخلف عن إرسال مبلغ الـ90 دولار -على بساطته- لها».
وأضافت الصحفية قائلة:«هل تعلمون أن الرئيس «محمود عباس» قام بتبني «هدى غالية» عبر بروباجندا إعلامية بينما لم يرسل لها شيكل واحد»، وأضافت قائلة: «لكن يا سيادة الرئيس ألم تعلم بأنك بقرارك هذا حرمت هدى من الاستفادة من معونات المؤسسات الاجتماعية بدعوى أنها ابنتك التي قمت بتبنيها وخذلتها هي وعائلتها» .. «هل تعلمون أن هناك اخوة لهدى لا زالوا يعانون من ألم تلك الحادثة، بينهم الذي يعاني من إعاقة ومنهم من حرمته تلك الحادثة أن يعيش حياة طبيعية»، والأهم الآن «هل تعلمون يا سادة أن هدى تعيش في منزل بسيط جدا عاشت فيه في الحرب وأبت أن تغادره برغم خطورة منطقتهم وقد تأذت هي أيضا من تلك الحرب؟».
وتابعت: «هل تعلمون أن مصدر رزقهم الآن عبارة عن دكان صغير جدا يعود لوالدة هدى يعتاشون منه علهم يتغلبون على قسوة ومرارة الحياة بعد فقدان الأب؟ ..هل تعلمون أن هدى حتى اللحظة تعيش أسيرة تلك اللحظات المؤلمة من حياتها فتخاف أن تبقى وحدها في الظلمة أو وحيدة في المنزل» … و«أخيرا هل تعلمون أن الصحفي الذي التقط لها تلك الصورة واشتهر ولربما حصل على جوائز دولية ترك هدى غالية بين أشلاء وجثث عائلتها وذهب بعد أن التقط الصورة دون أن يشعر بأي مسؤولية إنسانية تجاه هذه الطفلة أو يواسيها أو يحاول أن يبعدها عن تلك المشاهد المؤلمة بل تركها تصرخ وتستنجد فقط ليستطيع اللحاق بسبقه الصحفي؟».
هذه هي «هدى» وعائلتها خاصة لمن يقولوا أنها في حياة مترفة الآن ومرفهة بعدما سمعوا فقط أن أمير الإمارات تبناها، ويتصورون أنها لا تزال تعيش في كنف خيرات الإمارات، بينما هي ملقاه في غزة لا أحد يسأل عنها بعدما بعد أن فقدت قيمتها في بروباجندا الشهرة لمسئولي الامارات والرئيس «عباس».
الخليج الجديد