اعتبر تقرير صحافي أن “الحركة الدبلوماسية المكثفة التي تجري خلف الكواليس لفرض حل سياسي في سوريا يؤدي لبقاء الرئيس السوري بشار الأسد في الحكم، تقف خلفها كل من الإمارات العربية المتحدة ومصر وروسيا”.
وجاء في التقرير الذي نشرته مجلة العصر أن “الخطوة الأولى المطلوبة هي “تذويب” هادي البحرة (رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية) ومجموعته في جبهة معارضة واسعة تتضمن فصائل متعددة لا تمانع في التوصل إلى اتفاق سياسي في سوريا لا يؤدي للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد. لذا، استضافت مصر لقاء موسعاً للمعارضين، بعد سعي حثيث قام به نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، لإقناعهم بالذهاب إلى القاهرة وإنشاء جبهة موحدة تشارك في “مؤتمر موسكو” المزمع عقده الشهر المقبل”.
ورأى الكاتب الذي رمز لاسمه بـ(حسين. ع) أن “الهدف من لقاء القاهرة هو تحويل مجموعة البحرة إلى أقلية صغيرة في جبهة معارضة أكبر، فتصبح معارضته بقاء الأسد في الحكم أقل وزناً، ويصبح ذهاب المعارضة إلى موسكو للقاء وفد الأسد وتنفيذ مطالبه أمراً مؤكداً”.
وأضاف أن “ذهاب المعارضة السورية إلى موسكو هو بمثابة انتصار سياسي مؤكد للأسد وداعميه الدوليين. فالبحرة قال إنه لا أجندة حتى الآن لمؤتمر موسكو، وهذا صحيح، فالمؤتمر المذكور سيبنى على مقررات “مؤتمر جنيف” الثاني، لا الأول. أما في حال رفضت المعارضة السورية البناء على مقررات “جنيف 2″، فتظهر بمظهر معرقلة الحلول”.
ويرصد التقرير الفرق بين مؤتمري جنيف الأول والثاني فيما يلي: “في الأول، تفاجأت الولايات المتحدة قبول الروس عبارة تشكيل حكومة سورية مؤقتة تشرف على العملية الانتقالية، واعتبروا أن الحكومة المذكورة تعني حكماً تحييد الأسد وإجراء الانتقال في غيابه. في مؤتمر جنيف الثاني، وتحت ضغط من الروس والأميركيين، ارتكبت المعارضة السورية خطأ بتراجعها عن مقررات “جنيف 1″، لكن عنجهية وفد الأسد أنقذت المعارضين السوريين من سقطتهم”.
وينقل التقرير قول السفير الأميركي السابق في سوريا، روبرت فورد في مقابلة أجرتها معه مجلة “بروسبكت” في وقت سابق من هذا الشهر: “يبدو أن الأسد كان يعتقد أن سبيله الوحيد للبقاء في الحكم يكمن في تحقيقه نصراً عسكرياً مؤكداً على الثوار. لكن بعد مرور قرابة العام، وبعدما بدا أن انتصار الأسد عسكرياً صار متعذراً، وبعدما أبدت دول كانت في مصاف مقاطعي الأسد ليونة في التعاطي معه، يبدو أن الأسد صار يدرك أن رياح الدبلوماسية الدولية تجري في مصلحته”.
ولهذا، “سارع نظام الأسد إلى تأييد المشاركة في مؤتمر موسكو، حتى في غياب جدول أعمال للمؤتمر، فالأسد يدرك أن انعقاد المؤتمر، هو أمر في مصلحته. ولن يكون غريباً أن نسمع وفد الأسد يشيد بمقررات “جنيف 2″، ويدعو للتمسك بها في موسكو كنقطة انطلاق للحل السياسي المزعوم”.
وعن دور الإمارات في هذه الخطة، يقول التقرير: “وفي واشنطن، وبضغط دبلوماسي هائل ونشاط اللوبي التابع للإمارات العربية المتحدة، تراجع الأميركيون المتمسكون برحيل الأسد، وصار فريق الرئيس باراك أوباما يتحدث عن النتائج المرجوة فقط: وقف إطلاق نار وهدنة إنسانية. أما كلام الولايات المتحدة عن ضرورة رحيل الأسد، فصار من الماضي، حتى إن أبرز الدبلوماسيين الذين حملوا هذا الشعار على مدى السنوات الثلاثة الماضية، صاروا جميعهم خارج وزارة الخارجية، فالسفير جيفري فيلتمان أصبح مستشار أمين عام الأمم المتحدة للشؤون السياسية، وفرد هوف تحول إلى محلل سياسي في “مركز رفيق الحريري” التابع لمركز أبحاث “مجلس الأطلسي”، فيما انضم فورد إلى مركز أبحاث “معهد الشرق الأوسط”.
وعن دور مصر، يقول التقرير إنه “عندما التقى المعارضون السوريون في مصر، وخصوصاً المتمسكين من بينهم برحيل الأسد، وجدوا أنفسهم في ضيافة دبلوماسية مصرية لا تميز بينهم وبين عدائها لجماعة الإخوان المسلمين”. مضيفًا: “هكذا، مارست القاهرة الضغط على البحرة وصحبه لتبني “جنيف 2″ كأساس لحل يتم التوصل إليه في موسكو. أما البحرة، فوجد أن خلاصه الوحيد أمام عدوانية القاهرة كان في القول إنه لا جداول أعمال ولا مبادرات، لذا لا مؤتمر في موسكو. وأطل البحرة عبر الإعلام العربي في ما بدا وكأنها محاولات دق نواقيس الخطر الداهم”.
وكما في القاهرة، يضيف التقرير، كذلك في موسكو، سيجد البحرة التمسك بخروج الأسد من الحكم أمراً بالغ الصعوبة، وسيجد الائتلاف السوري نفسه في مواجهة روسيا ووفد الجامعة العربية ووفد الأسد ومؤتمر “جنيف 2″، وسط تقاعس أميركي، بل تواطؤ مع الأسد وداعميه.
وأشار التقرير إلى أن “دبلوماسيين سوريين عادوا إلى السفارة السورية في الكويت لتصريف الأعمال، والإمارات وعمان لم تقطعا علاقاتهما بالأسد يوماً، وكذلك العراق والجزائر والسودان ولبنان، واليوم تونس”.
وتوقع التقرير أنه “في مؤتمر القمة العربية المقرر انعقاده برئاسة مصر في القاهرة في مارس المقبل، قد يجد الأسد نفسه في موقع جيد للعودة ليشغل كرسي سوريا الذي تقرر إعطاءه في قمة الكويت 2014 للمعارضة”.
وخلص التقرير إلى أنه “قد تجد المعارضة السورية نفسها في مواجهة عالم يقف ضدها، باستثناء بعض العواصم العربية التي صارت تبدو، بشكل متزايد، غير قادرة على فرض نفوذها وحماية المعارضين السوريين من تغلب الأسد عليهم دبلوماسيا، بعدما فشل في إلحاق الهزيمة بهم شعبياً وعسكرياً”.