12 شهرا قضاها صحفي الجزيرة الإنجليزية محمد فهمي وراء القضبان كانت كفيلة بإحداث تغييرات جذرية داخل شخصيته، إذ شعر بأهمية عائلته بالنسبة له، مع تضاؤل رغبته في الجري وراء الحصريات الإعلامية.
وشكك الصحفي المصري الكندي في كفاءة المحامين الذين عينتهم شبكة الجزيرة للدفاع عن المتهمين الثلاثة، إذ فضل الاستعانة بمحامين آخرين أبرزهم البريطانية اللبنانية أمل كلوني زوجة النجم العالمي جورج كلوني.
وادعى فهمي أن شبكة الجزيرة القطرية رفضت تعويضه عن التكلفة القانونية التي تكبدها لجلب فريق الدفاع.
ونقل الكاتب البريطاني روبرت فيسك، في وقت سابق، رسائل لفهمي عبر عائلته، عبر فيها عن تذمره من مسؤولي الشبكة القطرية بدعوى أن إهمالها عرض حياته وزميليه للخطر قبل أيام من اعتقالهم.
ووفقا لعائلة فهمي، فقد اشتكى صحفي الجزيرة غير ذات مرة، لمسؤولي الشبكة، لا سيما بعد إغلاق النظام المصري لمكاتب القناة، وطالب بعدم استخدام فندق ماريوت لبث التقارير، على نحو خفي، وهو ما منح فرصة للحكومة المصرية لاحقاً بتوجيه اتهامات إرهابية “زائفة” للصحفيين.
صحيفة “ذا ستار” الكندية نقلت مشاعر فهمي المحبوس مع زميليه بيتر جريست وباهر محمد والذين صدرت ضدهم أحكام بالحبس تتراوح بين 7-10 سنوات في القضية المعروفة باسم “خلية الماريوت”.
وقال فهمي في تصريحات على لسان عائلته: ” هذه التجربة أحدثت داخلي تأثيرا، وغيرتني كشخص، أدركت أن أهمية عائلتي بالنسبة لي أكثر من الجري وراء الحصريات، والتغطية من الخطوط الأمامية، وأن يستهلكني عملي فحسب”.
فهمي هو صحفي مخضرم سبق له العمل لدى “سي إن إن” و “نيويورك تايمز”، قبل أن يبدأ عمله في مكتب القاهرة بالجزيرة الإنجليزية في 13 سبتمبر 2013، قبل ثلاثة شهور فقط من إلقاء القبض عليه في 29 ديسمبر الماضي.
ودانت المحكمة الثلاثي المذكور في اتهامات تتعلق بالتآمر مع الإخوان المسلمين لنشر “أخبار كاذبة”، و”تشويه سمعة مصر” من أجل إسقاط الحكومة..
ورغم أن ملاحظين وصفوا المحاكمة بـ “الصورية”، إلا أن القاضي ناجي شحاتة أصدر أحكاما بحبس الصحفيين الثلاثة سبع سنوات، بالإضافة إلى ثلاث سنوات أخرى ضد باهر محمد لحيازته غلاف رصاصة مستهلكة أخذها كتذكار.
واعتبر القاضي أن “الشيطان” جلب المتهمين الثلاثة معا لزعزعة استقرار الوطن.
ومن المقرر أن تصدر محكمة الاستئناف حكمها في 1 يناير المقبل بتأييد الأحكام أو إعادة المحاكمة.
وفي ذات السياق، قال فهمي: ” أدعو القاضي أن يلتزم بحيادية مهنته، وأن يحكم علينا بعيدا عن أي أجندة سياسية خبيثة”.
وفي الأسابيع الأخيرة، بدأت العلاقات بين مصر وقطر في التحسن بعد مرحلة من التوترات، حيث زار مصر مبعوثا من أمير قطر، بوساطة سعودية لإصلاح العلاقات بين البلدين، أعقبها إعلان وقف بث الجزيرة مباشر مصر.
وأردف فهمي بحسب الصحيفة الكندية: ” سعيد جدا بروح المصالحة التي دبت مؤخرا بين مصر والجزيرة..المحكمة كانت في حقيقة الأمر تحاكم الجزيرة وقطر وليس نحن”.
وكما كان الحال في المحاكمة الأولية، اختار فهمي الاستعانة بفريق دفاع من طرفه، واصفا محاميي شبكة الجزيرة بأنهم ليسوا جاهزين للتعامل مع القضية، وادعى أن الجزيرة رفضت تعويضه عن التكلفة القانونية.
وبعد أن اضطرت عائلة فهمي لبيع أسهمها والاقتراض لدفع الرسوم القضائية، أطلقوا حملة تبرع على الإنترنت جمعت نحو 38 ألف دولار.
وبالإضافة إلى محامي كندي، استعان فهمي بخدمات المحامية اللبنانية البريطانية الشهيرة أمل كلوني لتمثيله.
ومن المتوقع أن يطير وزير الخارجية الكندي جون بيرد إلى مصر في يناير لمناقشة قضية حبس فهمي.
وأرسلت كلوني خطابا مفتوحا الشهر الماضي انتقدت فيه دور الحكومة الكندية في القضية قائلة: ” كبار المسؤولين صمتوا على نحو مخز بشأن تزييف العدالة الذي أدى إلى حبس غير مشروع لمواطن من بني جلدتهم”.
وتسبب العام المنصرم الذي قضاه فهمي في السجن في نتائج وخيمة على عائلته حيث أصيب والده مؤخرا بمرض “باركينسون”(الشلل الرعاش)، غير أنه استمر في السفر لمصر لدعم نجله، رغم افتراض مكوثه في كندا للرعاية الطبية.
وأجرى فهمي ذاته جراحة في كتفه منتصف نوفمبر الماضي، إثر إصابة قديمة تفاقمت خلال فترة حبسه، كما تأجل زواجه من خطيبته مروة عمارة، والذي كان مقررا له في أبريل الماضي.
وأعربت خطيبته إلى استعدادها للزواج من فهمي في السجن، ومضت تقول: ” كونه خلف القضبان لن يمنع خططنا في الزواج”، إذ أن دورها كزوجة سيعينها على تقديم دعم متزايد له.
ولا تمانع عمارة من انتظار فهمي لحين انقضاء السنوات السبع وراء القضبان، ولفتت أن التجربة زادت من جرعة حبها له.
وتجري خطيبته في الوقت الحالي إجراءات للحصول على التأشيرة الكندية، وتأمل أن يساعدها المسؤولون في الدولة الأوروبية في اللحاق إلى فهمي هناك إذا ما تقرر ترحيله إلى كندا.