أبرزت وسائل الإعلام الإماراتية عودة الشيخ الدكتور« سلطان بن خليفة بن زايد آل نهيان»، إلى صدارة المشهد الإعلامي على مدار يومين بثلاث أخبار متتالية، مسبوقاً بلقب «مستشار رئيس الدولة»، وهو ما ينفي ما تداوله نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» مؤخرا بأنه يقيم في منفى إجباري بأحد قصور سلطنة عمان.
ولي العهد «المفترض»
يعد الشيخ «سلطان بن خليفة» واحدا من أبرز الوجوه من الأسرة الحاكمة من حيث كونه ابناً لرئيس الدولة الحالي الشيخ «خليفة بن زايد آل نهيان» ووليا سابقاً ”مفترضاً“ للعهد، والذي أزيح من موقعه بتوجيه من أرملة الشيخ زايد «الشيخة فاطمة بنت مبارك» في أعقاب دخول الشيخ « زايد بن سلطان آل نهيان» غيبوبته السريرية في جنيف، حيث حرص أبناؤه منها أثناء فترة الغيبوبة بترتيبات لعدم خروج منصب رئيس الدولة من نسل أبيهم مباشرة، فقاموا بالضغط عليه وإجباره على توقيعات تقضي بتعيين نجله «محمد بن زايد» نائباً لولى العهد الشيخ «خليفة بن زايد» رئيس الدولة الحالي، وجعل ذلك شرطا لقبول تسميته كرئيس للدولة، وإشهاد أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات، حيث تسلم منصبه وليا للعهد في الثاني من نوفمبر 2004 في نفس يوم الإعلان عن وفاة والده الشيخ «زايد بن سلطان».
مصادر مطلعة كانت قد أشارت إلى أن اتفاق أبناء الشيخ «زايد» مع أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات اقتضى محاولة استرضاء الشيخ الدكتور «سلطان بن خليفة» وأخواله أشقاء قرينة الشيخ «خليفة بن زايد» رئيس الدولة الحالي الشيخة «شمسة بنت سهيل» بمدينة العين مقابل إزاحته عن منصب ولي عهد أبوظبي ، حيث تشير ذات المصادر إلى عدم موافقتهم، ولكن حرصهم على عدم إثارة القلاقل بسبب مباغتة وفاة الشيخ «زايد» دفعهم حينها إلى إرجاء الأمر للتباحث، لكن الشيخ «محمد بن زايد» بادر بحل المجلس التنفيذي وإعادة تشكيله بعد إزاحة الأعضاء المحسوبين على أخواله، وتم إسناد منصب نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في 30 من ذات الشهر إلى الشيخ «محمد بن زايد» وترقيته في الثاني من شهر يناير 2005 لمرتبة فريق أول، ما بعث برسائل تؤكد رغبة أبناء الشيخ «زايد» في الاستحواذ الكامل على السلطة في أبوظبي، ومن ثم بسط نفوذها على الدولة، وتوظيف الفائض المالي لديها في شراء صمت بقية حكام الإمارات وقبولهم بالواقع.
إلى الواجهة من جديد
شملت أخبار عودة «سلطان» خبرا تحت عنوان « سلطان بن خليفة يوجه بدعم فريق أبوظبي بزوارق جديدة» في أكثر من ثلاثمائة كلمة، لم تأت خلالها إشارة إيجابية أو ذكر عرفان واحدة لوالده الشيخ «خليفة بن زايد» رئيس الدولة أو ولي عهد أبوظبي الشيخ «محمد بن زايد آل نهيان» على غرار الديباجة المعروفة إعلاميا «بأن ما حققته وتحققه الدولة من إنجازات يرجع إلى القيادة الحكيمة لرئيس الدولة ومتابعة وتنفيذ ولي عهده الأمين».
الصراع الخفي على السلطة في أبوظبي كان واضحا في تصريحات «سلطان بن خليفة» الذي منع حقه في قبول أو رفض زحزحته من منصبه كولي للعهد، جسدته كلمات خفية معبره تحمل حكومة أبوظبي مسؤولية إنجاح الفعالية والحفاظ على مكتسبات الدولة، حيث جاءت دعوته بضرورة دعم فريقه بزوارق جديدة لضمان أفضل المراكز والإنجازات للفريق دوما، وبالتالي يرفع المسؤولية عن النادي في أي تراجع يمكن أن يقع يكون مبررا للتدخل وإعادة هيكلة النادي وسلبه منصباً اجتماعياً آخر من قبل الشيخ «محمد بن زايد» ولي عهد أبوظبي رئيس المجلس التنفيذي للإمارة، حسبما يرى خبراء رياضة زوارق الفورمولا من المقربين للمشهد الرياضي والاجتماعي.
ويقول مراقبون أن الإمارات اضطرت إلى إتاحة الفرصة للشيخ «سلطان بن خليفة» للظهور الإعلامي المحدود لكونه رئيس مجلس إدارة نادي أبوظبي الدولي للرياضات البحرية، ورئيس فريق أبوظبي لزوارق الفورمولا والذي يعتبر أحد أقوى الفرق وأكثرها حضوراً في الفعاليات البحرية والمقرر انطلاقها في شهر مارس 2015 بالعاصمة القطرية الدوحة، وغياب فريقه الممثل لدولة الإمارات دوما قد يؤكد صحة ما جاء على لسان نشطاء بأنه في السجن تارة وأنه ممنوع من العيش في الإمارات وتحديدا في موطن قبيلته الأصلية بمدينة العين، أو أنه يعيش في منفى إجباري بعد تسريبات غير مؤكدة حول محاولته الانقلاب على الشيخ «محمد بن زايد آل نهيان» لانتزاع ”حقه في حكم الإمارة“، على حد قول المقربين للمشهد السياسي والاجتماعي بالإمارات.
ثمة لفتة أخيرة حملها هذا الخبر وكافة الأخبار الثلاثة التي تناولت الشيخ الدكتور «سلطان بن خليفة آل نهيان»، ألا وهي حذف لقب «الدكتور» عنه، رغم تلقيه تهاني عديدة استمرت أياما على صدر صفحات وسائل الإعلام المحلية، وعلى وجه الخصوص صحيفة «الاتحاد» الظبيانية بعد حصوله على درجة الدكتوراة في العلوم العسكرية ، حيث أشرف على إعداد الرسالة اللواء الدكتور «طلعت موسى» مستشار عسكري في ديوان ولي عهد أبوظبي سنوات عديدة، وتم الإيعاز لمقربين منه في وزارة الدفاع بإيجاد عمل آخر له بعد الاستغناء عن عمله، فتم الإيعاز إلى رجل الأعمال المعروف «خليفة النابودة» نائب رئيس جمعية بيت الخير بدبي لقبوله للعمل في الشؤون الإدارية كمكافأة وعرفانا لدوره في مساندة الشيخ «سلطان» على إنجاز أطروحته العلمية في المجال العسكري عام 1999.
الخبر الثاني تناولته وسائل الإعلام تحت عنوان :«سلطان بن خليفة بن شخبوط يشهد حفل ختام بطولة كأس رئيس الدولة للشطرنج للفتيات» في مدينة العين، بينما جاء الخبر الثالث معنوناً: «حمدان بن زايد يستقبل المواطنين في ليوا بحضور سلطان بن خليفة».
انقلاب غير ناجح
يذكر أن معلومات قد تسربت ونشرت على مواقع يديرها نشطاء إصلاحيون « الوطن والجمهور وإيماسك والإمارات 71 »، أن الشيخ الدكتور «سلطان بن خليفة» قام بانقلاب غير ناجح بمعاونة أخواله الذين يطالبون بالحكم في إمارة أبوظبي لأنهم يرون أنهم أحق من أبناء الشيخ زايد في حكم الإمارة ومن ثم الدولة.
كما تجدر الإشارة إلى أن «العرف الدستوري» في الإمارات يقضي بأن يكون رئيس الدولة هو حاكم إمارة أبوظبي، وأن يكون منصب النائب ورئيس الوزراء من نصيب حاكم إمارة دبي ، والخلافة في الإمارات وراثية، ولكن أبناء الشيخ «زايد» من نسل «فاطمة بنت مبارك» قد رسخوا عرفاً دستورياً آخر يقضي بوراثة السلطة في أبناء الشيخ «زايد»، رغم أن الدستور ينص على أن ينتخب الأمراء السبعة رئيس الدولة من بينهم، ومن هنا جاءت محاولات استمالتهم مدخلا لترتيبات مسبقة تقضي بتقديم العرف الدستوري على النص الدستوري.
عن (الخليج الجديد)