قالت مصادر اعلامية عربية في العاصمة الامريكية واشنطن، ان الامارات تضغط على واشنطن لقبول بقاء الاسد ضمن تسوية مع المعارضة.
ووفقا لتلك المصادر فان لقاء المعارضة السورية بشقيها الداخلي والخارجي في مصر، والتي تدعم خيار بقاء الاسد، ياتي في هذا السياق.
فرانك ويزنر هو السفير الأميركي السابق في القاهرة، وهو يعمل في شركة لوبي «باتون بوغز» وينسق عن كثب مع الامارات ، اقنع ادارة الرئيس باراك اوباما في فبراير 2011، ان بإمكانه «التوصل الى حل» مع الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وبعد زيارته القاهرة ولقائه الرئيس السابق، خرج ويزنر ليقول ان الحل يكمن في مرحلة مصرية انتقالية تتطلب بقاء مبارك في الحكم وتتم تحت اشرافه.
على الفور، تبرأت إدارة أوباما من ويزنر، الذي عاد في وقت لاحق ليحشد التأييد للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في المرحلة التي سبقت توليه الحكم في مصر.
ومع ان ويزنر مختص بالشأن المصري ويعمل بإيعاز من الامارات، حسبما تظهر وثائق معاملات اللوبي التي قدمتها شركته للحكومة، الا انه كان لافتا جدا ان السفير الأميركي السابق قام بنشر مقالة في صحيفة «ذا دايلي بيست»، في يناير الماضي، علّق فيها على مجريات مؤتمر «جنيف – 2»، المنعقد في حينه للنظر في الأزمة السورية، حيث اعتبر ان المؤتمر مصيره الفشل، وان الإدارة الأميركية كانت تعرف ذلك سلفا.
لذا، اقترح ويزنر على إدارة أوباما ان تقوم «بإعادة تعريف الأهداف الأميركية في سورية»، معتبرا ان «الهدف الأول والمفتاح هو العمل على دعم التعاون بين نظام الأسد والثوار المعتدلين ضد التطرف الجهادي، وهو الخطر الأكبر على كل السوريين والجوار».
وهذا الشق من الاقتراح، أي تعاون النظام والمعارضة المعتدلة ضد المجموعات المتطرفة، لا يختلف عن موقف الحكومة الأميركية ورؤيتها للحل السوري.
لكن ما يختلف عن رؤية أوباما حول الحل السوري، مما ورد في مقالة ويزنر، يكمن في قوله التالي: «يجب ان يكون هناك ترتيب عمل بين السوريين المعتدلين وحكومة الأسد، حتى لو تضمن ذلك الأسد، على الأقل في الوقت الراهن».
بقاء الأسد الذي دعا اليه ويزنر يختلف تماما عن مواقف أميركا والسعودية والمعارضة السورية المعتدلة، ويتطابق تماما مع مواقف روسيا وإيران والأسد نفسه.
وكتب ويزنر انه «من شأن هذا الهدف الجديد ان يخدم الأولوية الأميركية الثانية القاضية بإقامة مناطق إنسانية»، متابعا ان أيا من الهدفين الاميركيين «لا يتطلبان تسوية سياسية سابقة لأوانها في جنيف حول أي حكومة مؤقتة او مستقبلية»، أي ان لا ضير البحث في القضاء على الإرهاب والشأن الإنساني من دون البحث في مصير الأسد.
الولايات المتحدة بدأت بتطبيق وصية ويزنر، على الأقل في شقها الثاني الانساني، وهو ما يقع في صلب نشاط مبعوث الأمم المتحدة الى سورية سيتفان دي ميستورا، الذي قدم خطة تقضي بـ «تجميد القتال» في المناطق السورية والسماح بمرور قوافل الإغاثة الإنسانية.
وعمل دي ميستورا يتم بتنسيق مباشر مع «مجلس الأمن القومي» الأميركي، وخصوصا «كبير المدراء للخليج العربي » روبرت مالي، صديق الأسد الذي التقاه مرارا في دمشق قبل العام 2011. ومالي، المعين في منصبه في فبراير الماضي، تحول فجأة الى مسؤول الملف السوري الارفع في العاصمة الأميركية، وهو شارك قبل أسبوعين في لقاء وفدي اميركا وإيران النوويين في جنيف، بما يشي ان اللقاء لم يتناول
الشؤون النووية، بل تركز حول شؤون الشرق الأوسط، وخصوصا سورية.
ومنذ عودة مالي من لقاء الإيرانيين، تزايد نشاط ديبلوماسية موسكو، التي نجحت في اقناع المعارضة السورية بما صار يسمى «المبادرة الروسية»، فيما اقنعت الامارات حليفتها مصر باستضافة المعارضة للخروج بموقف موحد لتقديمه في «مؤتمر موسكو» المزمع عقده.
وحدها السعودية مازالت تعارض سيناريو بقاء الأسد وتصر على ان أي تحالف بين المعارضة المعتدلة والنظام يجب ان يتم شرط خروجه من الحكم. لكن هل تنجح السعودية في وقف المد الدولي – العربي الماضي في تبني وجهة نظر الأسد في «مؤتمر موسكو» بعد عام على إصرار الأسد على تمسكه بخطته في «مؤتمر جنيف»؟