ذكرت صحيفة “جارديان” البريطانية أن تونس أبقت الربيع العربي على قيد الحياة، حيث أظهرت إمكانية إقامة دولة توافقية علمانية ديمقراطية من وسط عواصف الثورة.
وأشارت الصحيفة إلى حقيقة أن الربيع العربي، الذي كان مفعما بالأمل بالنسبة لدول الشرق الأوسط، أصبح مجرد فكرة محبِطة، نظرا للكوارث التي تبعته؛ المتمثلة في العنف الذي يعجز عنه الوصف من قبل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وتفكك النسيج الاجتماعي والسياسي في ليبيا، وعودة مصر إلى الحكم العسكري، والقضاء على ثورة البحرين في مهدها، وغير ذلك.
ومع ذلك، تقود تونس “مهد الربيع العربي” الطريق مجددا نحو الديمقراطية؛ فهي أول دولة عربية أثبتت أن الاحتجاجات الشعبية كافية للتخلص من الديكتاتور، وبإجراءها انتخابات سلمية أفرزت فوز الباجي قايد السبسي بالرئاسة، أظهرت تونس للعالم أن الإدارة المنظمة للثورة كانت دائما خيارا على الطاولة، بحسب الصحيفة.
في أربع سنوات قصار، خاضت تونس دورة كاملة من الإطاحة بـ”رئيس مدى الحياة”، وانتخاب جمعية تأسيسية، وصياغة دستور جديد، وتنظيم جولة من الانتخابات التشريعية والرئاسية الديمقراطية، وقد أبحرت بنجاح عبر المياه العكرة المتمثلة في عدم الاستقرار في مرحلة ما بعد الثورة، وأصبح مستقبل الدولة مفتوحا بشكل جعل الإغراء باستخدام العنف السياسي أقوى بكثير من الانضباط اللازم للرضوخ لحكم صناديق الاقتراع، على حد قول الصحيفة.
شهدت تونس حالات قليلة – لكنها مقلقة – من الاغتيال السياسي، لكن ردود الفعل القوية من المجتمع المدني والسياسيين كفلت عدم انحدار السياسة إلى الصراع المسلح، وبالمثل أدانت الطبقة السياسية برمتها عروض القوة التي أظهرتها الجماعات المتطرفة، وهو ما همش الجماعات الجهادية العنيفة.
وفي النهاية، ضمن التزام الدولة لمدة عقود بالتعليم والتنمية أن يكون الحوار السياسي هو الوضع المفضل للتفاوض بالنسبة لغالبية السكان، وقرر معظم التونسيون أن تبقى الدولة علمانية؛ بانتخاب حزب لديه تاريخ حافل بمعالجة المشاكل الرئيسية للبلاد، والتي تطورت خلال السنوات القليلة الماضية، مثل: انعدام الأمن، وتهديد التطرف، والتضخم، وقبل كل شيء البطالة.
وفي حين أن دول الربيع العربي الأخرى تعثرت وانحدرت نحو العنف المروع والمستعصي، أظهرت تونس أنها تمتلك النضج السياسي الضروري ليس فقط للعب وفقا للقواعد الديمقراطية، ولكن أيضا لقبول نتيجة انتخابات تعددية في ظل مكافحة التطرف، وفقا للصحيفة.