لم يمضِ وقت طويل على إعلان خبر تغريم الإعلامي الساخر، باسم يوسف، والشركة المنتجة لبرنامجه “البرنامج؟”، من قبل مركز القاهرة للتحكيم التجاري الدولي، لصالح مجموعة قنوات “سي بي سي” مبلغ 50 مليون جنيه مصري لكلّ من الاثنين (أكثر من 7 ملايين دولار أميركي)، حتى أثار الموضوع جدلاً واسعاً في مصر، والعالم العربي، ظهرت تجليّاته على مواقع التواصل.
فأطلق المستخدمون وسمي “#متضامن_مع_باسم_يوسف”، و”#يحيا_البرنامج”، ليتصدّرا الوسوم الأكثر تداولاً في مصر منذ يومين. وكتب المستخدمون تغريدات أظهرت تضامنهم مع يوسف، ورفضهم للحكم. وتحدّثوا أيضاً عن فقرات سياسيّة تضمّنها القرار برأيهم.
وأشارت إحدى الناشطات المصريّات إلى ما ورد في القرار: “إذا كانت البرامج الساخرة منتشرة في الدول المتقدمة، ففضلا عن أنها هادفة وبناءة ولا تنحدر إلى حد الإسفاف أو التجريح أو الإيحاءات الجنسية، فإن تأثيرها على شعوب تلك الدول يكاد يكون منعدما لرسوخ قناعاتهم وثباتهم على مبادئهم وتوجهاتهم السياسية التي يصعب النيل منها أو تغييرها”. وأضاف القرار: “كما تناشد هيئة التحكيم وسائل الإعلام المختلفة، مرئية ومسموعة ومقروءة وإلكترونية، بأن تقف صفاً واحدا خلف مصالح الوطن، وأن يكون رائدها الوصول بمصر إلى بر الأمان مقدرة ما تمر به من منعطف خطير وظروف استثنائية صعبة، وأن تعتصم في قيامها بهذا الدور بميثاق الشرف الإعلامي والقيم التي يتسم بها مجتمعنا، وأن تبتعد في هذه الفترة عن أساليب تحقيق مكاسب مادية زائلة على حساب مصالح وطن يجب أن يبقى ويستمر”.
وسألت: “مش القناة هي اللي وقفت البرنامج، يعني نظريا اللي اتضر من قرارهم باسم يوسف و فريق العمل و الانتاج و احنا المشاهدين. ليه القناة هي اللي تاخد تعويض؟”. وقال مستخدم آخر: “باسم شاهد على العقد فقط، لماذا غُرّم هو؟”. وكتب آخر: “من الواضح انّ القرار سياسي”.
وعلّق يوسف على القرار من خلال تغريدة أيضاً. وقال: “تم الزج بي في خلاف تحكيمي تجاري أنا لست طرفا فيه يختص بإيقاف CBC للبرنامج وتوقيت تسريب الخبر مثير للتساؤل”. وفي تغريدة أخرى، قال يوسف: “وفي وسط كل العك ده اوصيكم خيرا بجهاز الكفتة #يحيا_البرنامج”. وتابع في تغريدة أخرى: “تاخدوا الخمسين مليون اسياخ؟ جربوا تاخدوهم. #يحيا_البرنامج”. من جهتها، أبدت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان “دهشتها وقلقها” من تسريب جزء من قرار أحد مراكز التحكيم الدولي، بتغريم باسم يوسف، وشركة “كيو سوفت” مبلغ 100 مليون جنيه مصري، بالمناصفة، لصالح قناة “CBC” الفضائية المصرية، بدعوى إخلال شروط التعاقد لبرنامج “البرنامج” الذي كان يقدمه يوسف. وأوضحت الشبكة المواد القانونية كالمادة (53) والتي تنص على ألا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلا في الأحوال الآتية: إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو جاوز حدود هذا الاتفاق، ومع ذلك إذا أمكن فصل أجزاء الحكم الخاصة بالمسائل الخاضعة للتحكيم عن أجزائه الخاصة بالمسائل غير الخاضعة له، فلا يقع البطلان إلا على الأجزاء الأخيرة وحدها. ومن هذا المنطلق، رأت الشبكة، أن هذا الحكم، يمثل خطراً داهماً على حرية التعبير وحرية الإبداع الفني، سواء في خروجه عن حدود النزاع التعاقدي، أو في محاكمته للأعمال الإبداعية وفقا للقواعد القانونية مما يستوجب الطعن عليه، ولا سيما أن العمل الفني يخضع فقط لمعايير النقد الفني والإبداعي وليس من مجال على الإطلاق لمحاكمته، وأن هيئات التحكيم تنظر فقط للعلاقة التعاقدية وليس لها أن تفرض رأيا في الأمور الإبداعية والفنية والأدبية، وكأنها تنصب نفسها راعيا ومسؤولا ورقيبا لتسييد نمط محدد من البرامج وفق رؤاها، مما يعد خلطاً مرفوضا، وتدخلاً في الإبداع الفني وحجر ووصاية على حرية التعبير.
ودعت الشبكة، هيئة التحكيم إلى أن “تبادر بنشر الحكم كاملاً، وتراجع قرارها إن كان الحكم قد تجاوز حدود الخلاف التعاقدي في التدخل في الشأن الإبداعي الذي هو أبعد ما يكون عن الحكم عليه، وفقاً لقواعد قانونية أو وفق آراء تحتمل الاختلاف”.
عن (العربي الجديد)