افترض المراقبون نهاية سنة 2014 ستكون بمثابة منعطف في تاريخ الدبلوماسية المغربية بعدما أكدت الدولة الاقتراب من روسيا والصين وبرمجت زيارات للملك محمد السادس، لكن المنعطف التاريخي تحول إلى انتقادات بسبب إلغاء الملك الزيارتين وذهابه في زيارة خاصة، حيث وصل إلى تركيا على متن خمس طائرات، ثلاث منها تحمل أمتعته الشخصية.
وبعد التوتر الذي وقع بين المغرب ودول غربية وهي بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة على خلفية نزاع الصحراء الغربية، قامت الدولة وخاصة وسائل الإعلام المقربة منها بالحديث عن رهان استراتيجي للرباط على كل من موسكو وبكين. ويحتاج المغرب لصداقة دول كبرى بسبب دخول نزاع الصحراء مرحلة حساسة، ولم يعد يحظى بالدعم نفسه من باريس وواشنطن.
لكن الزيارة إلى روسيا لم تحصل وتأجلت لأسباب غامضة حتى الآن ولم يعد يتم الحديث عنها نهائيا. بينما أصيب الملك بزكام منعه من الذهاب إلى الصين في الزيارة الرسمية. وفي المقابل، قام مباشرة بزيارة خاصة إلى الإمارات العربية المتحدة امتدت ثلاثة أسابيع، وحل يوم الأحد بتركيا في زيارة خاصة.
وتحمل الزيارة الخاصة إلى تركيا الكثير من التساؤلات والانتقادات، فهو يحل بتركيا في زيارة خاصة وليست رسمية، بينما الأتراك كانوا ينتظرون زيارة رسمية لاسيما أن هناك برودة نسبية في العلاقات الثنائية بعدما كان الملك محمد السادس قد تغيب عن استقبال رئيس الحكومة طيب رجب أردوغان سنة 2013 وقبل أن يصبح رئيسا عندما زار المغرب.
وفي الوقت ذاته، حل بتركيا على متن خمس طائرات بين مدنية وعسكرية. وركزت وسائل الإعلام التركية على عدد الطائرات، فقد وصل إلى إسطنبول على متن طائرة مدنية خاصة، ثم وصلت زوجته على متن طائرة أخرى خاصة، بينما حطت ثلاث طائرات عسكرية للشحن محملة بأمتعة العائلة الملكية.
ويتساءل المغاربة عن سر تغيب الملك كل هذه المدة، وإن كانوا قد اعتادوا غيابه الطويل بين الحين والآخر خاصة في فرنسا التي يبدو أنه استبدلها بالإمارات العربية نتيجة التوتر القائم بين البلدين على خلفية ملاحقة الفرنسيين لمسؤولين أمنيين مغاربة في ملفات خرق حقوق الإنسان.
ونشرت الصحافة الرقمية المغربية الخبر أمس الاثنين بدون تعليق، لكنها فتحت المجال للتعليقات مثل جريدة هسبريس، حيث انقسم القراء بين من يدعم سفر الملك في خمس طائرات رغم أن أفراد عائلته لا يتعدون الأربعة، وبين من وجه النقد الشديد للملك متسائلا عن حجم الأمتعة.
وذهبت الانتقادات إلى التساؤل إلى المقارنة بين الأوضاع الاقتصادية للبلاد والتي تتميز بالأزمة وغلاء الأسعار وكذلك ما يعيشه جنوب المغرب من فيضانات أدت إلى وفاة أكثر من خمسين شخصا ولم يكن تدخل الإنقاذ في المستوى والرفاهية التي ينعم فيها ملك البلاد محمد السادس. وكان بعض الانتقادات قويا للغاية حول الزيارة الخاصة والطويلة في شبكات التواصل الاجتماعي وخاصة الفايسبوك.
وبعد انفجار الربيع العربي، يعمد رؤساء وملوك الدول العربية إلى التقليل من الظهور الباذخ، إذ لم يعد ملك وأمراء السعودية يسافرون في طائرات متعددة، لكن الوضع مختلف في المغرب.
حسين مجدوبي
القدس العربي