قال تقرير نشره موقع “المونيتور” الأمريكي إنّ إدارة الرّئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي تتصدّر المشهد إقليميًّا لمحاصرة الجماعات الإسلاميّة المسلّحة في ليبيا، بالتعاون مع دول عربية، ونقلت عن مسؤولين مصريين تأكيده أن مصر ودولًا خليجية تنفذ خطّة عسكريّة وسياسيّة مع “حفتر” لإبادة إسلاميي ليبيا.
وقالت: “تستمرّ تحرّكات القاهرة في كلّ المسارات، ليظلّ الهمّ الأكبر لديها، الإطاحة بأذرع جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا“.
وقال التقرير الذي نشرته الصحيفة تحت عنوان: “مصر تلعب دورًا في دحر الميليشيات الإسلامية في ليبيا“، إنّ القاهرة تتحرك في خطوات عسكرية لدعم قوات الجيش الليبي (قوات اللواء حفتر) وأخرى ودبلوماسية مكثّفة في إطار التّنسيق الدوليّ مع مجموعة دول الجوار من أجل تسوية الأزمة وتخفيف حدّة النزاع المسلّح في الأراضي الليبيّة.
وقالت إنه بفضل الدعم المصري الخليجي، تتمكن قوات الجيش الليبيّ من السيطرة تدريجيًّا على مدينة بنغازي وتحريرها من الميلشيات الإسلامية المسلّحة، وذلك بدعم سياسيّ وعسكريّ ولوجستيّ واضح من القاهرة.
ونقلت “المونيتور” عن “مصدر مصريّ دبلوماسيّ معنيّ بالملف الليبيّ”، قوله: “نعمل مع كلّ الأطراف في الداخل والخارج لتقويض الجماعات الإسلامية المسلّحة والإخوان المسلمين في طرابلس وبنغازي ومحاصرتهم”.
كما نقلت عن “مصدر رسميّ مصري آخر”، وثيق الصلة بالملف الليبيّ قوله: “إنّ المعلومات الأمنيّة التي تقدّمها القاهرة تساهم في شكل كبير برسم السياسات العامّة لتحرّكات الجيش الليبيّ في إطار عمليّة الكرامة بقيادة اللواء خليفة حفتر في حربه على الإرهاب”.
وأضاف: “نعمل سويًّا مع الجيش الليبيّ والمجموعات العربيّة من دول الجوار، خصوصًا الجزائر وفق خطّة عسكريّة وسياسيّة محكمة بدأ تنفيذها في بنغازي، والانتقال قريبًا إلى طرابلس”، وأكّد أنّ “هناك مؤشّرات قويّة ومطمئنة باستعادة بنغازي من أيدي الميليشيات المسلّحة“.
واشارت إلى أن القاهرة: “استطاعت التّقليل من تدخّلات نظام الرّئيس السودانيّ عمر البشير في المشهد الليبيّ، الذي كان يدعم الجماعات الإسلاميّة التّابعة لحركات أنصار الشريعة وميليشيات فجر ليبيا وجماعة الإخوان المسلمين في طرابلس وبنغازي، وكان الملف الليبيّ على رأس مباحثات الرئيسين المصريّ والسودانيّ خلال زيارة الأخير للقاهرة في 18 أكتوبر الماضي“.
وقال النائب في البرلمان الليبيّ بمدينة طبرق الليبيّة لـ “المونيتور” خلال زيارته للقاهرة: “لقد تخطّينا الآن الأزمة مع السودان بفضل توسّط الرّئيس المصريّ الحازم“، وأضاف: “لقد وافقنا في مجلس النواب على فتح صفحة جديدة مع السودان“.
ورأى محلّلون إنّ القاهرة لا تزال تواجه تحرّكات مضادّة من جانب تركيا وقطر الّلتين لا تزالان تدعمان بقوّة الجبهة الأخرى المسيطرة على طرابلس.
وقالت “المونيتور”: “تحاول الإدارة المصريّة بقيادة الرّئيس عبد الفتّاح السيسي، الدفع بتحقيق الاستقرار النسبيّ في الأراضي الليبيّة، التي لا تزال تشكّل قلقًا مستمرًّا للقاهرة بسبب قوّة وسيطرة عدد من الجماعات الإسلاميّة الجهاديّة وامتلاكها السلاح، وهو ما يعتبر تهديدًا مباشرًا لإدارة السيسي التي كانت وراء إزاحة نظام الإخوان المسلمين والرّئيس محمّد مرسي، في 3 يوليو من العام الماضي“.
ونقلت عن المصدر الدبلوماسي المصري، الذي فضّل عدم ذكر اسمه لدواعٍ اعتبرها أمنيّة: “إنّ التحرّكات المصريّة حقّقت نجاحات نسبيّة في الدّاخل الليبيّ حيث توجد هيئات شرعيّة يمكن البناء عليها مثل البرلمان الليبيّ المنتخب والحكومة الانتقاليّة الّتي أعطت الثقة للجيش الوطنيّ الليبيّ“، ولكنه تخوّف مما أسماه “استمرار قوّة الجماعات المسيطرة على العاصمة طرابلس”، وقال: “الدخول في مواجهات عسكريّة لن يكون سهلًا الآن“.
وقالت إنّه برغم الغموض الكبير الذي لا يزال يسيطر على طبيعة العلاقة بين القاهرة والقوّات العسكريّة التّابعة للجيش الوطنيّ الليبيّ في مواجهاته ضدّ ميليشيات الجماعات الإسلاميّة، إلا أنّ التّصريحات الرسميّة من الجانبين الليبيّ والمصريّ تقول إنّ المساعدات تتلخّص في التدريب وتقديم الخدمات المعلوماتيّة والدّعم الفنيّ.
واستقبلت القاهرة على مدار الشهرين الآخرين عشرات المسؤولين السياسيّين الليبيّين البارزين وأعضاء مجلس النوّاب في زيارات رسميّة وغير معلنة، التقوا خلالها عددًا من المسؤولين في الرئاسة والخارجيّة المصريّة والجهات الأمنيّة من أجل التّنسيق الذي تقوم به القاهرة بين الفصائل الليبيّة غير الرّاضية على أنصار الجماعات الإسلاميّة.
وتدفع العديد من الأسباب القاهرة للتشابك المباشر مع الملف الليبيّ في الوقت الرّاهن، رغم المشاغل والأزمات في البيت الداخليّ المصريّ، بحسب “مونيتور”، ويأتي في مقدّمها الخوف من وجود خصم سياسيّ قويّ لنظام الرّئيس السيسيّ عند الحدود الغربيّة لمصر، لا سيّما أنّه يمتلك قوّة السلاح ولديه إمكانات السيطرة على دولة لديها موارد غنيّة في ظلّ التناحر والضعف التامّ للدولة الليبيّة منذ سقوط نظام الرّئيس الليبيّ معمّر القذافي، فضلًا عن مصالح اقتصادية مصريّة واسعة مع جارتها الليبيّة.
وبدت القاهرة والجزائر على توافق كبير في شأن حلّ الأزمة الليبيّة، من خلال تقاسم الأدوار بين البلدين لإدارة المشهدين السياسيّ والعسكريّ داخل الأراضي الليبيّة، وهو ما عكسته تصريحات رئيس الوزراء الجزائريّ عبد الملك سلال، خلال زيارته للقاهرة في 20 نوفمبر الماضي بإقامة جسر استراتيجيّ بين القاهرة والجزائر لمحاربة الإرهاب في المنطقة واستئصاله، خصوصًا على الأراضي الليبيّة.
وقال الخبير الأمنيّ والمحلّل الاستراتيجيّ العقيد خالد عكاشة لـ”المونيتور”: “إنّ محاولات مصر التدخّل في تسوية الأزمة الليبيّة هي لمحاصرة الجماعات المسلّحة “الإرهابيّة”، وليست تحرّكًا للقضاء النهائيّ عليها“، قائلًا: “إنّ مصر وحدها لن تستطيع مواجهة ذلك، إلاّ بتعاون دول الجوار حتّى إنّه يمكن مواجهة الإرهاب على أرضه“.
ورأى أهميّة التّحالف المصريّ – الجزائريّ خصوصًا حيث قال: “ترعى الجزائر الآن المصالحة، نظرًا لعلاقاتها الجيّدة مع أطراف ليبيّة من الجماعات المسيطرة على طرابلس، وقد تتمكّن من إقناعها بالدخول غير المشروط في الحوار الوطنيّ، بينما تقوم القاهرة بدعم أجهزة الدولة الليبيّة ومؤسّساتها وتمكينها من السيطرة على مفاصل الدولة“.
عادل القاضي – التقرير