قالت وكالة الصحافة الفرنسية إنه مع تزايد مناخ القلق في ظل قمع السلطة للمعارضة الإسلامية وغير الإسلامية منذ أن أطاح الجيش الرئيس الإسلامي محمد مرسي في يوليو 2013، تشهد وسائل المواصلات العامة، مناقشات هامسة، فيما يتطوع مواطنون متحمسون للقيام بدور المرشد للشرطة.
ولاحظت أنه في الأماكن العامة في مصر تتوتر الأجواء عندما يتطرق الحديث إلى السياسة وإلى انتقاد نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، القائد السابق للجيش، الذي انتخب رئيسًا للجمهورية في مايو الماضي بنسبة تأييد كبيرة وهو يحظى بشعبية واسعة في بلد مرهق بعد ثلاث سنوات من الاضطرابات السياسية والأمنية والاقتصادية تلت إسقاط الرئيس الأسبق حسني مبارك.
وذكرت أنه “في ظل التعبئة الإعلامية ضد الإسلاميين ومن أجل “مكافحة الإرهاب”، بات بعض المواطنين يعتقدون أن من مهامهم الإبلاغ عن المعارضين وما هو دفع بالناشطين المعارضين إلى توخي الحذر وإحاطة تحركاتهم بالكتمان بل صاروا يتحاشون الحديث في السياسة في الأماكن العامة”.
ودللت بالعديد من النماذج على تلك المخاوف، “ففي نهاية سبتمبر الماضي كان عبدالرحمن يستقل باصًا صغيرًا عندما انتقدت امرأة السيسي فتشجع أحد الركاب بحديثها وشاركها الانتقادات.
لكن فجأة هتفت السيدة عبر نافذة الباص لتستدعي رجال الشرطة قائلة “اقبضوا عليه، إنه إرهابي، إنه عضو في جماعة الإخوان المسلمين” التي ينتمي إليها مرسي. وبالفعل تم توقيف الشاب واستجوابه وضربه أمام بقية الركاب المذهولين، بحسب ما يروي عبد الرحمن.
ويؤكد هذا الطالب البالغ من العمر 20 عامًا أنه أصبح الآن “ينبه كل أصدقائه إلى ضرورة الامتناع عن التحدث في السياسة في وسائل المواصلات أو في الشارع أو في المقاهي”.
وليست هذه الواقعة حادثة معزولة، ففي 13 ديسمبر تم توقيف بريطانيين من أصل مصري مع ابن خالتهما المصري في مترو القاهرة. ووفق مسؤول امني، فقد القي القبض عليهم بعد أن ابلغ راكب الشرطة أنه سمعهم يتحدثون بالإنجليزية ويخططون لأعمال عنف في الذكرى الرابعة لثورة يناير 2011 التي أسقطت حسني مبارك، إلا أنه تم الإفراج عنهم سريعًا إذ تبين أن الاتهامات لا أساس لها.
واعتبر المتحدث باسم وزارة الداخلية هاني عبداللطيف أن هذا السلوك من قبل المواطنين “شيء إيجابي جدًا ومعناه أن المواطن المصري مدرك خطورة وتحديات المرحلة”، مشيرًا إلى أن الشرطة تبحث كل حالة على حدة لجنب توقيف أبرياء”.
وأضاف أنه منذ يناير الماضي “بدأت البلاغات تزيد بمعدلات عالية” عن “عناصر إخوانية داخل مؤسساتهم”. وقال إن “عددًا كبيرًا من مسؤولي المكاتب الإدارية في جماعة الإخوان (الذين يمثلون القيادات المحلية الوسيطة) تم توقيفهم بعد هذه البلاغات”.
ويواجه السيسي اتهامات من منظمات حقوقية دولية بأنه أقام نظامًا أكثر سلطوية من نظام مبارك. ومنذ إطاحة مرسي أسفر القمع عن مقتل 1400 من أنصار جماعة الإخوان وتوقيف أكثر من 15 ألفًا وصدرت أحكام بالإعدام على المئات إلا أنها ليست نهائية ولن تصبح قابلة للتنفيذ إلا بعد أن تؤكدها محكمة النقض وهي المحكمة العليا في القضاء الجنائي المصري.
ويقول كريم طه عضو حركة “6إبريل”، التي شاركت في الدعوة إلى الثورة على مبارك عام 2011، أنه قبل إطاحة مرسي “كانت هناك حرية اكبر وكنا نستطيع الاجتماع حتى في الحدائق العامة أما الآن فهذا مستحيل”.
وفي هذه الظروف فإن يوسف صالحين، وهو متحدث باسم مجموعة طلابية تنتمي للإخوان المسلمين، لا يتحدث مطلقًا في السياسة في المواصلات ويخفي صور التظاهرات الموجودة على هاتفه المحمول من خلال تقنية خاصة تسمح بذلك.
ويقول الباحث في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية شريف محي الدين إن ظاهرة “المواطن-المخبر” نشأت بتشجيع من الإعلام وخصوصًا بعض قنوات التلفزيون الخاصة.
وفي الأول من نوفمبر الماضي، دعا توفيق عكاشة وهو مقدم برامج في إحدى القنوات الخاصة المشاهدين إلى “المقاومة الشعبية” في مواجهة الإخوان قائلاً: “إذا كنتم في الباص أو المترو أو القطار ينبغي مواجهتهم”.
وفي مقهى في وسط القاهرة، بدا حديث الزبائن انعكاسًا لما يقوله الإعلام. ويقول سعد الكاشف وهو سائق في الخامسة والستين من عمره “سأبلغ حتى عن ابني لو كان عضوًا في جماعة الإخوان”.
وخاض علي صفي الدين وهو عضو سابق في حركة 6 ابريل تجربة مماثلة إذ تخلى عن العمل السياسي بعد أن أبلغت أمه الشرطة عنه في يناير الماضي فأمضى أربعة أيام في الحبس الاحتياطي.
ويقول الشاب إنها “ربة منزل تتابع وتتأثر بالبرامج التلفزيونية المسائية التي تتهم الناشطين بأنهم خونة”.
ويلخص الناشط الشاب أحمد الموقف قائلاً “إذا سألك أي شخص في الشارع أو في المترو عن مواقفك السياسية فإنك تخاف من أن تقول رأيك الحقيقي بسبب التضييق الأمني”.
وكان الشاب البالغ من العمر 27 عامًا وضع قيد الحبس الاحتياطي لمدة تسعة أيام في يناير الماضي بعد أن القي القبض عليه في المترو لأن شرطيًا أو مواطنًا مؤيدًا للنظام سمعه يتحدث في هاتفه المحمول عن الثورة والتظاهرات وعن زملائه المحبوسين.