“تقوم السلطات المختصة حاليًا بمعاينة الموقع للتحقق من أسباب الحادث” عبارة تنتهي عندها دائمًا البيانات العسكرية عقب السقوط المتكرر للطائرات العسكرية التي تقوم بتدريبات مشتركة بين البلدان، وهو ما حدث فى بيانات الإمارات ومصر أمس الأول، بشأن سقوط طائرة تدريب عسكرية بالأراضي المصرية، وإن حدث وتابعت القوات المسلحة الحادث ببيانات توضيحية فسيتم تعليق الحادث على شماعة الـ”عطل الفني”.
ولم يذكر الجانبان المصري أو الإماراتي جنسية الطائرة الساقطة، لكن تقارير إعلامية أشارت إلى أنها “إماراتية”.
وبحسب ما هو مدرس في الكتب العسكرية ومؤرخ فى الديباجات الرسمية للبيانات الصحفية للبلدان، فإن المناورات العسكرية بين البلدان تهدف لرفع جاهزية الجيشين وتطوير القدرات وتدعيم الخبرات العسكرية.
إلا أن المؤرخ إعلاميًا بشأن خبرات الطيران العسكري لكل من مصر والإمارات، يؤكد أن تلك المناروات ستسفر عن مزيد من الخسائر البشرية والمادية.
سقطات إماراتية:
ففي الإمارات، أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة يوم 16 يونيو 2013، عن سقوط طائرة تدريب عسكرية تابعة لها ومقتل قائدها، مشيرة إلى أن “الحادث وقع أثناء مهمة تدريبية اعتيادية ونتج عنه استشهاد قائد الطائرة”.
وبنفس الكلمات السابقة، قالت القيادة ذاتها في 17 سبتمبر 2013: لقي شخص حتفه، إثر سقوط طائرة عمودية تابعة للقوات المسلحة أثناء مهمة تدريب.
وأضافت في بيانها، أن الطائرة التابعة لها سقطت “أثناء مهمة تدريبية اعتيادية، مما أسفر عن وفاة أحد أفراد طاقمها”.
وفي الربع الأول من العام الجاري، وتحديدًا فى 27 فبراير، أعلنت القيادات مقتل طيار ومساعده في سقوط طائرة عسكرية تابعة لسلاح الدفاع الجوي، مشيرة إلى أن الطائرة تستخدم للتدريبات العسكرية، وهي ذات الجناح الثابت وتتبع القوات الجوية والدفاع الجوي للدولة.
إشادات دولية:
ورغم أن تقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، قد تحدث مؤخرًا عن الإمكانيات والقدرات العسكرية لدولة الإمارات العربية المتحدة كقوة عسكرية صاعدة بمنطقة الشرق الأوسط، في ظل التحديث المستمر داخل المؤسسة العسكرية وسعيها المستمر لشراء أحدث الأسلحة وتوسيع أسطولها من الطائرات المقاتلة والمركبات الثقيلة، إلا أن الطائرة التي سقطت على الأراضي المصرية كان بها عطل فني- بحسب ما صرح به الجانبان.
ووفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي، جاءت دولة الإمارات العربية المتحدة في المرتبة 15 من حيث الدول الأعلى إنفاقًا على التسليح في العالم لعام 2013، بميزانية وصلت إلى 14 مليار دولار أمريكي وعلى الطريق لتصبح ثالث أكبر مستورد للدفاع في العالم في عام 2015، فيما كان الإنفاق العسكري لا يتجاوز الـ9 مليارات دولار سنويًا بين 2003 و2005، مقارنة بمتوسط إنفاق 3 مليارات دولار سنويًا في التسعينيات.
حفتر يعترف بملكية مصر والإمارات أسلحة قديمة:
وفيما يبدو أن كلًا من مصر والإمارات يملكان معدات عسكرية قديمة، حيث اعترف اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفترن والذي يحاول الانقلاب على إرادة وثورة الشعب الليبي، أن مصر والجزائر والإمارات العربية المتحدة والسعوديين أرسلوا له أسلحة وذخائر، إلا أنه قال إن تكنولوجياتها “قديمة”، وهو ما يؤكد ما كشفته “فجر ليبيا” من ضلوع مصر والإمارات في شن غارات على مواقع لمسلحيها بليبيا، وتنظيم قصف جوي أسفر عن مقتل العشرات وإصابة آخرين.
جدير بالذكر أن الإمارات تحارب كل ثورات الربيع العربي بكل ما أوتيت من قوة، سواء على المستوى السياسي أو العسكري، حيث اتهمت عملية فجر ليبيا الممثلة للثوار كلًا من دولة الإمارات ومصر بالضلوع في قصف العاصمة طرابلس بالطيران يوم السبت 23-8-2014، مما أدى إلى مقتل مدنيين ليبيين، محتفظة بحق الرد في أي وقت، داعية الأمم المتحدة إلى التحقيق في تلك الحادثة.
قاعدة جوية أمريكية بالإمارات:
ويشار إلى أن الإمارات التي سقطت طائراتها بمصر- بسبب عطل فني- بها قاعدة الظفرة الجوية، التي تنطلق منها الطائرات الأميريكية الموجهة لضرب ما تسمى بـ”الدولة الإسلامية”، المعروفة إعلاميًا باسم “داعش” في كل من سوريا والعراق، والتي تضم 3500 جندي أمريكي يتمركزون في الظفرة، وهي القاعدة الجوية الوحيدة خارج أمريكا التي تضم مقاتلات F-22S.
وذكرت صحيفة الواشنطن بوست أن اختيار الإمارات تحديدًا لتكون مقرًا لقاعدتها، هو أن المسؤولين الأميركيين الحاليين والسابقين يرون أن ما يجعل الإمارات استثنائية، هو مجموعة من العوامل المجتمعة؛ الثروة التي مكنت الدولة لشراء أحدث الأسلحة، وتمويل برامج تدريب مكثفة، واستعدادها لوضع قواتها في مناطق خطرة من خلال المشاركة في عمليات التحالف. فمن عام 2012 حتى بداية العام الحالي، أرسلت الإمارات العربية ست مقاتلات “أف-16″؛ لدعم عمليات الناتو في افغانستان. وجاء نشر القوات الإماراتية في قندهار في وقت كانت فيه قوات الدول الأوروبية تقلل من مستوى وجودها في البلد.
سقطات مصرية:
أما فيما يتعلق بالطيران المصري فحدث عن حوادثه ولا حرج، ففي 21 أبريل 2013، أصيب 7 أشخاص إثر تحطم طائرة حربية بمنطقة شرق العوينات بالوادى الجديد، في الساعات الأولى من صباح اليوم، وتحديدًا بالكيلو 60 طريق الداخلة العوينات، ونقلوا إلى محافظة أسيوط لسوء حالتهم.
وفي أكتوبر 2013، استيقظت محافظة الأقصر على حادث مفجع بسقوط طائرة تدريب عسكرية من طراز “ميج 21” تابعة للقوات المسلحة الجوية على منطقة المدامود التابعة لمركز الزينية غرب المحافظة، بعيدًا عن القاعدة الجوية بما يقرب من 7 كيلو مترات، وذلك بالتزامن مع الاحتفال بعيد القوات الجوية، ونتيجة عطل فني مفاجئ أيضًا أسفر عن حالة وفاة و3 إصابات!
وكان سقوطها بجوار مدرسة محمد عامر الابتدائية بمنطقة المدامود، بمركز الزينية بالأقصر، ما تسبب في تصدع مبنى المدرسة.
وفي 8 يناير 2014، سقطت طائرة حربية من طراز s16 أثناء تنفيذها لإحدى المهام التدريبية اليومية داخل الأراضي الزراعية بقرية متوه التابعة لمركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية، وكالعادة تم إرجاعها لـ «عطل فني مفاجئ»، ولم يسفر عن أي خسائر بشرية، حيث فقز طاقم الطائرة بالبراشوت.
وفي 25 من الشهر ذاته، تحطمت مروحية عسكرية جنوب الخروبة بشمال سيناء وفقد طاقمها المكون من خمسة أفراد، وعلقت صحيفة إسرائيلية على الواقعة، لافتة إلى أن عددًا من الخبراء رجحوا أن سقوط الطائرة يرجع إلى استهدافها بالصواريخ من بعض المجموعات المتطرفة المتمركزة داخل سيناء.
وفي 17 مايو 2014، هبطت طائرة حربية موجهة بدون طيار، في المنطقة الواقعة شرق مدينة القنطرة شرق بمسافة 20 كيلو مترًا بالإسماعيلية، وأثارت جدًلا واسعًا حينها، حيث ترددت أنباء حول قيام قوات الأمن بإسقاطها لأنها طائرة تجسس، إلا أن المتحدث العسكري أعلن أنها هبطت بسبب عطل فني مفاجئ متمثل في نقص الوقود.
وفي 21 سبتمبر 2014، سقطت طائرة عسكرية بمنطقة كوم أوشيم بالفيوم وتوفي طاقمها، نتيجة توقف محرك الطائرة فجأة، فهوت بالقرب من قرى الهيئة ولم تتمكن قوات الدفاع المدني من إنقاذ أي من أفرادها.
كما سقطت طائرتان بالكلية الجوية طراز k8 خلال العام الجاري، ولم يتم الإعلان عنهما مطلقا- بحسب مصدر سري لصفحة خالد سعيد.
وأوضح المصدر أن العام الجاري شهد أيضًا سقوط طائرة ميراج على حدود ليبيا ووفاة قائدها مقدم طيار محمد وجيه، وبسبب الحادثة تم عزل قائد اللواء عقيد طيار / محمد حسن، كاشفًا عن انفجار طائرة F16 علي الممر بعد نزولها بقاعدة بني سويف ومات قائدها على الفور، كما تم تعطل طائرة مي 17 بمطار فايد ونجح قائدها في الهبوط بها على الأسفلت بعيدًا عن الممر.
إصرار على المناورات رغم الفشل:
ورغم كل ما سبق ذكره من حوادث للطائرات العسكرية بكلا البلدين، إلا أنهما نفذا المناورة التدريبية أمس الأول، التي أسفرت عن مقتل 4 طيارين (2 إماراتين و2 مصريين) وسط تأكيدات سياسية بأن المؤسسة العسكرية بمصر فاسدة ومتروكة دون صيانة أو تجديد أو استيراد لأسلحة وطائرات جديدة، وشغلت نفسها بالوضع السياسي داخل البلاد حتى وصلت إلى الحكم من خلال انقلاب عسكري دموي ازاح فيه عبد الفتاح السيسي- الرئيس الحالي للبلاد والمشير السابق- الرئيس الشرعي محمد مرسي، ليأخذ هو الكرسي ويصبح ممثل المؤسسة العسكرية رئيسًا للبلاد.
حقيقة دور الطائرة الإماراتية:
وفي سياق متصل، كذب الكاتب الصحفي أحمد عطوان بيان القوات المسلحة المصرية بشأن سقوط طائرة عسكرية اماراتية بمصر أثناء خوضها تدريبات مشتركة مع قوات مصرية.
وقال عبر صفحته الرسمية علي موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: “وكالة الأنباء الإماراتية”: “سقوط طائرة عسكرية إماراتية في مصر أثناء تدريب عسكري مشترك مع الجيش المصري ومصرع طاقهما المكون من 4 ضباط”. “الخبر كاذب”.
وأضاف: الحقيقة التي عرفتها من مصادر وثيقة الصلة بالداخل الليبي تؤكد أن قوات فجر ليبيا التي تقود الثورة الليبية قامت بإسقاط الطائرة العسكرية، والتي كانت في مهمة قتالية داخل الأراضي الليبية تحارب إلى جانب قوات حفتر.
هذا فيما جاء بيان المتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية يؤكد سقوط الطائرة داخل الحدود المصرية بسبب عطل فني.
وقال المتحدث العسكري: “إنه في تمام الساعة السابعة مساء اليوم، الأربعاء، 17 / 12 / 2014 سقطت إحدى الطائرات العسكرية أثناء تنفيذ تدريب مشترك (مصري / إماراتي)، نتيجة خلل فني بالطائرة/، مما أدى إلى استشهاد طاقمها المكون من أربعة ضباط، وهم (ضابطان مصريان، وضابطان إماراتيان).
شؤون خليجية