بعد ما أثاره الشيخ الدكتور أحمد الغامدي – الرئيس السابق لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة مكة المكرمة – من جدل، بخروجه مع زوجته في لقاء مع قناة “إم بي سي” أول أمس السبت، وهي كاشفة وجهها، أعلن “الغامدي” رصده وثائق إلكترونية لتقديمها للجهات المختصة ضد جهات هددته بالقتل، بعد فتواه بجواز كشف المرأة لوجهها، وظهوره وزوجته في برنامج فضائي وهي كاشفة وجهها.
وأكد الغامدي – في تصريحات لصحيفة عكاظ السعودية – أنه تعرض لهجمة غير مبررة من قبل من أسماهم بالظلاميين، لكنه لم يتعرض حتى أمس لأي اعتداء شخصي أو عائلي، كاشفًا أن حسابه تلقى أمس فقط، وخلال 12 ساعة، أكثر من 10 آلاف متابع ما بين مؤيد ومعارض، مؤكدًا أن ردود الأفعال على فتواه بجواز الاختلاط التي أطلقها عام 1429هـ، كانت أشد شراسة من الوضع الحالي، حيث بدأ المجتمع على حد وصفه يفوق من غيبوبته.
ورأى الدكتور الغامدي أن ما تردد من تحرك مجموعة من مشايخ منطقته لإصدار بيان للتبرؤ منه لا يضيره شيئًا، وقال: “سبق أن حدث مثل هذا من قبل 22 شخصًا، بعضهم لا أعرفه وبعضهم جاء إلي وحلف لي بأنه لم يوقع مثل هذا البيان، هؤلاء لا يمثلون إلا أنفسهم، والقبيلة إن دفعتني للخروج عن ثوابت الدين لا خير فيها”.
وحول توقيت إثارته لمثل هذه الأمور الجدلية قال الغامدي: “كلما طرحت رأيًا أو تحدثت في أمر اتهموني بسوء التوقيت والتآمر وأن ورائي أجندة خفية، والمسألة ليست كذلك، فكل ما في الأمر أني تلقيت سؤالًا من معرف نسائي في حسابي في “تويتر” نصه: “هل يجوز نشر صور وجهي في مواقع التواصل الاجتماعي. فأجبت بالجواز كما أعلم واعتقد، حتى لو كانت الصورة مجملة بالمساحيق، فقامت الأرض ولم تقعد بعد على كلمات لم تتجاوز 140 حرفًا، فيما كتب العلم ومواقف السلف والتابعين مليئة بمثل هذا الأمر، وهو ديننا الذي جاء به الرسول الكريم”.
وأرجع الغامدي سر هذا الهجوم الذي تلقاه إلى مواقفه المعروفة من أيام شغله منصب مدير عام الهيئات في منطقة مكة المكرمة، وقال: “ارتباطي بالهيئة عزز جاهزية المعارضين ولا سيما بعد كشف زيف بعض مواقفهم وسوء نياتهم وحقيقة مواقفهم، فالدين في حقيقته ورع وتقوى، ليس مظهرًا في لحية طويلة وثوب قصير، لكن هناك من يحاول حصر الدين في هذا فقط، وهؤلاء هم الذين لم يسهموا في رقي المجتمع وتطوره ويحاولون تهميش وحرب كل من يحاول كشف ما يعتقدونه من أمور، وهم بهذا وذلك يحبطون مسيرة التنمية ويتخلفون عن مواكبة ركب الحضارة التي جاء بها أصلًا الدين الإسلامي المعتدل”.
وحول ما يدور من أحاديث حول ظهوره وزوجته في قناة فضائية، قال: “يجب أن ندرك أن العفة الحقيقية التي يجب أن يتشربها المجتمع تكمن في المبادئ والقيم، وليس الحجاب كشكل ظاهري، فهذه المسألة السطحية التي يدندنون حولها حاليا هي سر بقائهم على وصاية المجتمع التي يرونها وما لا أراه ألا يتم قصر المجتمع على رأي واحد ومذهب واحد وهذا بلا شك خلاف الدين وأصله، التنوع والخلاف وارد ورحمة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة كذلك مواقف معروفة ومشهودة في مسألة تغطية الوجه، فهل نحن في هذا الزمن أفقه من رسول الله، وما أوردته وقلته وعملت به في أهل بيتي ليس من قولي بل مما أمرت به شرعًا”.
وروى الغامدي قناعته في هذا الأمر بقوله: “منذ عام 1413هـ للهجرة وأنا أؤمن تمامًا بهذا وزوجتي التي هي ابنة عمي لا تغطي وجهها لقناعتنا بذلك، وقد سبق وأن طرحت هذا الأمر على الشيخ عبدالعزيز بن باز وقلت له إننا في مكة نواجه شعوبًا مختلفة المذاهب ونجد خلافًا كبيرًا في تغطية وجه المرأة، فكتب لرئاسة الهيئة بعدم التضييق على الناس في هذا الأمر وعمم وقتها على كافة الفرق الميدانية بذلك، مشكلتنا في هذا الزمن البعض من علمائنا يعرفون الحق لكن يخشون الملامة من بعض الفئات والأحزاب فيصمتون، وهو ما لا أراه مطلقًا، وقد سبق لي أن خالطت فئات من المتشددين منذ عام 1402هـ للهجرة، وحاولوا غير مرة استمالتي لآرائهم التي كنت أعارضها، فكنت أرفض جملة وتفصيلًا، لأني لن أكون تبعًا لآرائهم وأترك الشريعة السمحة النيرة”.
وحول موقفه من قيادة المرأة من السيارة طالما رأى كشف الوجه جائزًا، قال: “هذه مسألة لا أجد فيها حرجًا مطلقًا ولا أمانع فيها ولا غبار من جوازها، لكننا أخذنا الأمر لحدود ضيقة جدًا، فالعالم كله تقود فيه المرأة السيارة ماذا جرى؟ على العكس يسهل لها قضاء أمورها ولا مانع منه وفق ضوابط أمنية تضمن عدم وجود تجاوزات، ورأيي في هذا الأمر معروف سلف”.
وبسؤاله هل علَّمت زوجتك قيادة السيارة قال: “ليس بعد، لم تدع الحاجة لذلك وأنا شخصيًا كاره لقيادة السيارة فأعتمد على السائق، ولو دعت الحاجة لذلك لفعلت، حيث سأعلمها قيادة السيارة”.
واختتم الغامدي بقوله: “لم ندع النساء لكشف الوجه، والمسألة اجتهادية وهذا ما عرف في سلف الأمة ولم اختلق بدعًا من القول، لكن هناك جهل مطبق على بعض فئات المجتمع، وسئلت فأجبت فقط”.
شؤون خليجية