حملت الشهادات التي تضمنتها قضية اتهام الرئيس الأسبق حسني مبارك بالفساد المالي وقتل المتظاهرين في القضية المعروفة إعلاميا بـ “قضية القرن”، اتهامات مبطنة لجماعة الإخوان المسلمين بالمسؤولية عن القتل إبان أحداث ثورة 25 يناير 2011، لكن هذه الشهادات نفسها والحيثيات التي تضمنها حكم براءة مبارك كرئيس للجمهورية تحمل عده أوجه للتشابه مع قضية أحداث الاتحادية التي يحاكم فيها الرئيس المعزول محمد مرسي.
ويمثل مرسي غدا الثلاثاء أمام قاضي أحداث الاتحادية في ثاني جلسة بعد براءة مبارك، ودخلت القضية مراحلها النهائية قبل حجزها للحكم، حيث تستمع المحكمة لدفاع المتهمين، بعد أن فرغت في وقت سابق من الاستماع لمرافعة ممثل الادعاء.
ويشترك الرئيسان “مرسي ومبارك” في سقوط ضحايا ومصابين خلال الأحداث التي وقعت في عهديهما، ولم تحملهما الشهادات التي استمعت لها المحكمة المسؤولية المباشرة عن الأحداث، وهو ما يحيل إلى رصد 3 أوجه للتشابه بين القضيتين:
1-المتهم
المتهم في أحداث ثورة 25يناير 2011 كان يشغل منصب رئيس للجمهورية، وكانت تهمته كما تلتها النيابة لدى مثوله لأول مره في قفص الاتهام صباح يوم الأربعاء الموافق 3أغسطس 2011 ، هي التحريض على قتل المتظاهرين.
ويواجه مرسي نفس الاتهام، وهو تحريض أنصاره ومساعديه على ارتكاب جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار، واستخدام العنف والبلطجة وفرض السطوة، وإحراز الأسلحة النارية والذخائر والأسلحة البيضاء، والقبض على المتظاهرين السلميين واحتجازهم بدون وجه حق وتعذيبهم، إبان أحداث العنف التي وقعت أمام قصر الاتحادية الرئاسي في شهر ديسمبر 2012.
2-شهادة الشهود
لم تحمل شهادة الشهود اتهاما مباشرا لكلا الرئيسين السابقين بالتحريض على القتل، ففي شهادته أمام المحكمة في قضية الاتحادية قال اللواء محمد زكي قائد الحرس الجمهوري إبان الأحداث: “الرئيس السابق كان يطلب منى دائمًا أداء المهمة مع تجنب العنف قدر الإمكان وكان دايماً يقول: “مش عايزين عنف، مش عايز لادم ولاقتلى”.
وتابع قائلاً : “أعتقد أن الرئيس تعمد إخباري بأنه لا يريد قتلى أو دم؛ وذلك من أجل إخلاء مسؤوليته حال مساءلته عن تلك الأحداث، وما يؤكد ذلك أن كلامه كان متناقضا، فكيف يطلب فض الاعتصامات بأي طريقة، وفي الوقت نفسه بدون استخدام عنف”.
وأضاف: “لو كان (الرئيس) يريد عدم استخدام العنف ضد المعتصمين حقيقة، كان أصدر أمراً للمختصين باتخاذ كافة الإجراءات وهى كثيرة لمنع وصول مؤيديه لمحيط قصر الاتحادية؛ لأن المنطق يقول إنه في حال وصول مؤيديه لمحيط القصر في وجود معارضيه ستحدث اشتباكات وخسائر فى الأرواح، وهذا ما حدث بالفعل”.
وفي قضية القرن لم تحمل شهادة قائد الجيش الأسبق المشير محمد حسين طنطاوي، الرئيس الأسبق حسني مبارك المسؤولية، وعندما سئل عن مدى مسئولية مبارك، قال: “مصر دولة كبيرة وكل واحد مسؤول عن القطاع الخاص به، ومبارك مسؤول من الناحية الأمنية، وكل وزير من الوزراء مسؤول عن اختصاصه، ولا يتحمل الرئيس وحده المسؤولية كاملة”.
3- قرار النيابة
في قضية مبارك حكمت المحكمة بأنه “لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ضده”، وحمل القاضي وجدي عبد المنعم عضو اليسار في هيئة المحكمة التي برأت مبارك النيابة العامة المسؤولية عن هذا الخطأ.
وقال في تصريحات صحفية نقلتها صحيفة “التحرير” يوم الأحد 30 نوفمبر إن “هيئة المحكمة لم تبرئ مبارك إلا في قضية تصدير الغاز إلى إسرائيل، بينما كانت صلة المحكمة منقطعة باتهامه بالتحريض على قتل المتظاهرين”.
وأضاف: “هذا هو خطأ النيابة العامة التي أحالت وزير الداخلية حبيب العادلي ومساعديه للمحاكمة دون اتهام مبارك، وهو ما يعتبر أمرا ضمنيا بألا وجه لإقامة الدعوى، ومن ثم فإن صلة المحكمة بالقضية منقطعة منذ البداية بسبب ذلك الخطأ”.
ويثير ذلك تشابها مع قضية الاتحادية المتهم فيها مرسي، والتي سبق وقدم الدفاع في مراحلها الأولية قرار صادر من النيابة العامة بأنه لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في وقائع قتل وتعذيب المتظاهرين أمام قصر الاتحادية، وهو الأمر ذاته الذي اعتدت به المحكمة في حيثيات حكمها ببراءة مبارك في قضية القرن.
وبررت النيابة حينها هذه الورقة، بأن هناك وقائع جديدة ظهرت في القضية، دفعتها قبل 30 يونيو 2013 إلى تقديم مذكرة للنائب العام القاضي طلعت عبدالله بتاريخ 10 يونيو 2013، اقترحت فيها إحالة القيادي بجماعة الإخوان المسلمين علاء حمزة وثلاثة آخرين من أعضاء الجماعة إلى محكمة الجنايات بتهمة قتل وتعذيب المتظاهرين، ولم يصدر النائب العام (طلعت عبد الله) أى قرار بشأنها، غير أن النائب العام الذي تولى المسؤولية بعده (هشام بركات) قام بتحريكها.
فهل سيتخذ القاضي في حكمه نفس قرار قاضي مبارك، أم أن مبررات النيابة ستكون مقنعة بالنسبة له؟ .. سؤال تقترب معرفة إجابته مع دنو يوم الحكم على مرسي.