عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، كشف الأمير «سعود بن سيف النصر بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود»، تفاصيل جديدة حول تشكيل «هيئة البيعة» التي أسسها العاهل السعودي الملك «عبدالله بن عبدالعزيز » لتنظيم اختيار الملك وولي العهد السعودي وذلك في شهر أكتوبر/تشرين الأول عام 2006.
وتثار تساؤلات واسعة مؤخراً بخصوص هيئة البيعة، خاصة طريقة تشكيلها وحقيقة مهمتها، بعد أن تم تجاوز مهمتها الرئيسية من خلال قرار العاهل السعودي في مارس/آذار الماضي بتسمية الأمير «مقرن بن عبدالعزيز » أصغر أبناء الملك «عبد العزيز» الأحياء ولياً لولي العهد الحالي الأمير «سلمان بن عبدالعزيز» دون الرجوع إلى هيئة البيعة.
ووفقاً لتغريدات «سعود بن سيف النصر»، وهو حفيد الملك «سعود بن عبدالعزيز» ملك السعودية الأسبق والوريث الأول لعرش الملك المؤسس «عبد العزيز آل سعود»، فإن الهيئة بدأت عملها فعلياً بشكل غير رسمي في عام 2000 وتحديداً في 4 يونيو/حزيران، تحت اسم مجلس العائلة، حيث اشتمل الحضور وقتها على أبناء الملك «عبدا لعزيز آل سعود» وبعض أحفاده إضافة إلى بعض كبار الأسرة من بعض أفرعها وفقاً لتغريدات «سعود».
ووصف «سعود» المجلس الذي أنشيء بهدف إدارة شئون العائلة الإدارية والسياسية إضافة إلى شئون الأسرة المالية بأنه صار أداة في يد بعض «المتنفذين» بهدف تمرير تمرير أهدافهم ومصالحهم الشخصية حيث لم يناقش المجلس أي قضايا تخص شئون الأسرة المالية أو السياسية وفقاً لوصفه.
وجاء في تغريدات «سعود» قوله : «كان من المتوقع أن ينعقد المجلس بشكل دوري كل عام لمناقشة شؤون الأسرة و ترتيب الحكم و طريقة اختيار الملك وولي العهد تفادياً لأي خلافات».
واستدرك قائلاً: «ولكن أصبح المجلس بشكل صوري منذ آخر اجتماع له في 20 مايو/أيار 2001 لتمرير مصالح المتنفذين فقط و قد تبين لاحقاً أن مجلس العائلة تفادى مناقشة ترتيب آليات الحكم فيه من أجل تأسيس ما يعرف بهيئة البيعة التي كان ظاهرها حق و باطنها باطل حيث تمكن المغرضون من الخارج من التغلغل إلى أروقة القرار ورسمها وفقاً لما يناسبهم» بحسب وصفه.
وقال «سعود» أنه تم دعوته في 9 ديسمبر 2007 من قبل الملك إلى قصره في الرياض من أجل الاجتماع حيث وجد أن أبناء وأحفاد الملك «عبد العزيز» مدعوين أيضاً لكن دون أن يعلم أحداً منهم السبب و الهدف من وراء هذا الاجتماع إلى أن بدأ توزيع الأوراق على الحاضرين حيث تبين أن تخص آلية اختيار الملك وولي العهد والتقيّد بأنظمة هيئة البيعة.
ووفقاً لسعود فإن الاجتماع كان «للتوقيع والإقرار فقط ولم يسمح لأحد بالاعتراض أو السؤال حول أية نقاط معروضة في الأوراق».
”حيلة“ من خالد التويجري
التحفظ الأكبر الذي نوه إليه «سعود» في تغريداته كانت بشأن تعيين «خالد التويجري» رئيس الديوان الملكي أميناً لهيئة البيعة، (وصفه سعود في تغريداته بـ”المدعو“)، حيث شعر الجميع – وفقاً لـ«سعود» – أن له صلاحيات تفوق أبناء وأحفاد الملك «عبدالعزيز» في اختيار الملوك مستقبلاً، وعزا «سعود» سكوت الأمراء رغم تحفظهم إلى الجو العام الذي يتطلب «لم الشمل» وفقاً لوصفه، مشيراً إلى أن بعض الأمراء قاموا بالاتصال مع الملك «عبدالله» بشكل شخصي مما أسفر عن تعديل بعض بنود البيعة وأهمها المادة 24 التي سمت «التويجري» أميناً للهيئة باسمه ليتم تعديلها لتسميته بوصفه رئيساً للديوان، كما تمت إضافة فقرة تجعل رئيس الهيئة من أكبر الأعضاء سناً مما هدأ من غضب الأمراء الرافضين.
ووصف «سعود» هيئة البيعة بأنها حيلة من «التويجري» ومن منطومته لتغيير مسار الحكم وصياغة آليته لخدمة أجنداتهم و مصالحهم الشخصية و تدمير الوطن والمواطن وفقاً لوصفه، وتساءل «سعود» عن دور هيئة البيعة وإذا ما كان قد تم مراعاة نظامها عند استحداث منصب ولي ولي العهد وتسمية الأمير «مقرن» له وهو ما وعد سعود بتوضيحه في تغريدات لاحقة.
ويعد «خالد التويجري» رئيس الديوان الملكي أحد أكثر الشخصيات المثيرة للجدل في المملكة، حيث تربطه بالملك «عبد الله» علاقة صداقة منذ أن كان ولياً للعهد، قبل أن يصبح رئيساً للديوان الملكي، ثم يصدر قراراً بدمج الديوان الملكي وديوان مجلس الوزراء تحت رئاسة «التويجري» برتية وزير في عام 2011، كما يشغل «التويجري» أيضاً منصب رئيس الحرس الملكي وأمين هيئة البيعة.
ويتسبب «التويجري» ونشاطه بخلافات حادة بين الملك «عبد الله» والعديد من أمراء العائلة المالكة، حيث يتهمه بعض الأمراء بمحاولة الوقيعة بين أفراد العائلة، بينما يرى مراقبون أن «التويجري» يعد بمثابة مهندس سياسات الحكم الخاص بالملك «عبد الله» حيث تهدف سياسات الملك وفقاً للمراقبين إلى تعزيز نفوذه على حساب نفوذ إخوته السديريين «أكبر تكتل لأبناء الملك عبد العزيز وهم أبناؤه وأحفاده من زوجته حصة بنت أحمد السديري»، حيث يرى المراقبون أن الملك «عبد الله» يهدف إلى تمرير السلطة إلى ابنه الأمير «متعب بن عبد الله » قائد الحرس الوطني عبر بوابة الأمير «مقرن بن عبدالعزيز» ولي ولي العهد الحالي.
ويعاني ولي الهد الحالي الأمير «سلمان بن عبد العزيز» من مرض ”الخرف“ مما قد يمهد لإقصائه لأسباب طبية وفقاً لـ«سايمون هندرسون» الباحث بمعهد واشنطن لصالح أخية الأمير «مقرن بن عبدالعزيز» وساعتها ربما يكون منصب ولي ولي العهد من نصيب الأمير «متعب بن عبد الله» وزير الحرس الوطني.
كان قرار تعيين «مقرن بن العزيز» ولياً لولي العهد في مارس الماضي قد أثار جدلاً واسعاً، من ناحية بسبب استحداث منصب جديد غير مسبوق في تاريخ الحكم في المملكة العربية السعودية، ومن ناحية أخرى بسبب تسمية الأمير «مقرن» لهذا المنصب على حساب بعض إخوته الأكبر سناً والأرفع نسباً – يعود نسب الأمير مقرن لأمه بركة اليمانية التي كانت أحدى جواري الملك عبدالعزيز – وعلى رأسهم الأمير «أحمد بن عبدالعزيز» أحد الأخوة السديريين، الأمر الذي فسرته مصادر مقربة من الملك وفقاً لعامل السن، حيث رغب الملك في تسمية أصغر إخوته سناً خاصة بعد وفاة وليي العهد السابقين الأمير «سلطان» والأمير «نايف».
ورغم تأكيد القرار الملكي بتسمية «مقرن» للمنصب أنه جاء بعد موافقة هيئة البيعة بنسبة تزيد عن 75%، إلا أن العديد من المصادر وعلى رأسها المغرد الشهير «مجتهد» قد كشفت في وقت سابق أن هيئة البيعة لم تنعقد أصلاً لاختيار ولي ولي العهد وأن بعض الأمراء من أعضاء الهيئة لم تتم استشارتهم أصلاً ولم يعلموا بالقرار إلا بعد إعلانه.
ويتوقع مراقبون أن تشهد المملكة صراعاً حاداً على مستوى السلطة بعد وفاة الملك «عبد الله» خاصة مع حتمية انتقال الخلافة قريبأً من جيل أبناء الملك «عبد العزيز» إلى أحفاد، حيث ينتظر أن يبرز صراع مراكز القوى داخل العائلة المالكة بشكل يهدد «صورة الاستقرار »التي يرغب «آل سعود» في تمريرها حول علاقاتهم.
الخليج الجديد