قالت صحيفة “نيويورك تايمز” إن الطائرات المقاتلة الإيرانية قصفت مواقع لداعش في العراق مؤخرا، كما أكد مسؤولون إيرانيون وأمريكيون ذلك، في أحدث مؤشر على استعداد طهران للقيام بعمليات عسكرية علنا في ساحات القتال الخارجية بدلا من التخفي وراء التكتم ووكلائها في العراق.
وأفادت الصحيفة أن هذا التحول ينبع في جزء منه من رغبة إيران في تعميق دورها العسكري في العراق في الحرب ضد مقاتلي الدولة الإسلامية و”متطرفي السنة”، كما يعكس أيضا تغييرا عميقا في إستراتيجية إيران عبر الانتقال من حروب الظل والوكالة إلى الاستعراض العلني للقوة الصلبة، إلى جانب تعزيز النفوذ الشيعي في المنطقة.
وأقر مسؤولون إيرانيون وأمريكيون في البنتاغون أن إيران قد صعدت عملياتها العسكرية في العراق الأسبوع الماضي، وذلك باستخدام طائرات مقاتلة من زمن سبعينيات القرن الماضي لقصف أهداف في المنطقة العازلة التي تمتد 25 ميلا في العراق.
ورأت الصحيفة أن النهج العسكري الجديد يسلط الضوء على التقاء المصالح، وبشكل غير عادي، في كل من العراق وسوريا، حيث تحارب طهران وواشنطن العدو نفسه وبشكل علني. وفي حين لا يوجد تنسيق مباشر بين إيران والولايات المتحدة، فإن هناك في الواقع اتفاقا بعدم الاعتداء، بحيث إن كلا من الجانبين حريص على عدم الاعتراف بهذا.
ولعدة أشهر، تحرك إيران قوتها العسكرية في جميع أنحاء المنطقة، حيث عرضت تسليح الجيش اللبناني ودعمت المتمردين الحوثيين الشيعة في اليمن الذين سيطروا على العاصمة صنعاء.
في سوريا، أنقذ حزب الله، المدعوم من إيران، وفيلق القدس الإيراني، بشار الأسد من السقوط وانهيار حكمه. وفي العراق، برز اللواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، كشخصية عامة مع نشر صور له في ساحات المعارك.
وقالت الصحيفة إن التحول البارز في إستراتيجية إيران الأكثر إثارة للانتباه كان في العراق، حيث يعترف حتى المسؤولين الأميركيون بالدور الحاسم للميليشيات المدعومة من إيران، وخصوصا في حماية بغداد من هجمات داعش، والعمل مع الحملة الجوية التي تقودها الولايات المتحدة.
وفي حين، يستدرك التقرير، أثبتت الدور العسكري العام، وعلى نحو متزايد، ضرورة الوجود الإيراني في صد تقدم تنظيم الدولة الإسلامية، فإن المسؤولين الأمريكيين يشعرون بالقلق من أن ذلك قد يزعزع استقرار العراق في نهاية المطاف من خلال تعميق الانقسامات الطائفية. ذلك أن سنة العراق يلقون باللوم على الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران في ارتكاب جرائم وانتهاكات الطائفية.
هذا، وقد شنت إيران غاراتها الجوية في نهاية نوفمبر على محافظة ديالى شرق العراق، حيث الأراضي الإيرانية هي الأقرب إلى ساحات القتال في العراق، كما قال حميد رضا تراغي، وهو سياسي إيراني، وأكد أيضا وجود المنطقة العازلة، التي قال إن العراقيين وافقوا عليها.
وأضاف: “نحن لا نتسامح مع أي تهديدات داخل المنطقة العازلة، وكانت هذه الأهداف في محيط المنطقة العازلة”، مضيفا أن الغارات قتلت العشرات من المقاتلين المتطرفين.
وقالت الصحيفة إن وجود تنسيق بين الجيش الأمريكي وإيران في العراق، وإن بدرجة معينة، أمر حتمي ولكن أيضا محرج، ذبك أنه يظهر أن الولايات المتحدة تعمل جنبا إلى جنب مع عدوها. وفي كثير من الأحيان، يعمل ضابط عراقي كمنسق ووسيط بين الحملة الجوية التي تقودها الولايات المتحدة والإيرانيين.
وتنقل الصحيفة عن قادة عراقيين قولهم إن طهران كانت في كثير من الأحيان أسرع من واشنطن في تقديم المساعدة، فعندما اقتحمت الدولة الإسلامية الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق، في شهر يونيو وانتقلت جنوبا باتجاه بغداد، ضغط الرئيس أوباما من أجل تغييرات سياسية قبل الالتزام بالعمل العسكري. لكن إيران سارعت بالدعم، وكانت أول دولة ترسل أسلحة للأكراد في الشمال، وتحركت بسرعة لحماية بغداد وعملت مع الميليشيات التي صنعتها من قبل.