حذر مراقبون من محاولات سعودية كويتية لإعادة التطبيع مع نظام بشار الأسد في سوريا مرة أخرى، بعد سنوات من القطيعة، التي جاءت استجابة لقرار مجلس التعاون الخليجي الصادر في 22/1/2012، والذي قضي بإغلاق كافة دول التعاون الخليجي لسفاراتها في سوريا وسحب سفرائهم وقطع العلاقات مع نظام بشار بسبب جرائمه البشعة التي ارتكبها ولا زال يرتكبها ضد أبناء الشعب السوري.
وبحسب المراقبين فإن قرائن عدة بدأت تلوح في الأفق تؤكد عزم السلطات السعودية والكويتية إعادة تطبيع العلاقات مع بشار ونظامه مرة أخرى، وأن هذا يأتي بحسب المراقبين في إطار مساعي الدول الخليجية وعلى رأسها “السعودية والكويت والإمارات” لوأد ثورات الربيع العربي والقضاء عليها تماما.
وأوضح المراقبون حسب موقع “شؤون خليجية” أن هناك (7) أدلة تنبئ عن بداية لتطبيع خليجي مع نظام بشار الأسد مرة أخرى تقوده السعودية والكويت تتمثل في الآتي:
1- وقف حدة الانتقاد في المحافل الدولية.
2- وقف جمع التبرعات للمعارضة السورية.
3- إغلاق قنوات تهاجم بشار الأسد.
4- التنسيق مع بشار في ضربات التحالف الدولي ضد المعارضة.
5- مرور شاحنات سعودية في سوريا.
6- قبول دبلوماسيين سوريين في الكويت.
7- مغادرة قادة المعارضة السورية لكافة الدول الخليجية.
فبحسب مراقبين فإن السعودية أوقفت في الفترة الأخيرة حدة النقد الدائم لنظام بشار الأسد والذي كانت تحرص عليه دائما بشكل متكرر في جميع المحافل الدولية، وبالإضافة لوقف حدة الانتقاد لنظام بشار، اتخذت السعودية مؤخرا قرارًا بإغلاق مكتب قناة “وصال” في الرياض، ومنع أي بث لها من المملكة، وهي القناة التي يديرها الشيخ عدنان العرعور وتدعم من مشايخ السعودية، وكانت تهاجم نظام بشار الأسد باستمرار وتعمل على جمع تبرعات للقوى المعارضة المسلحة في سوريا والتي تقاوم نظام بشار الأسد.
ولم تكتف السلطات السعودية بذلك، بل قامت بالإطاحة بوزير الثقافة والإعلام السعودي د. محيي الدين خوجة، وجمدت حسابات الشيخ عدنان العرعور وأولاده في السعودية، ومنعه من جمع التبرعات بعد أن كان مرحبًا بها في السابق ويحظى بالدعم القوي من وزارة الداخلية السعودية.
وعلى ما يبدو أن نظام بشار الأسد أراد أن يثبت للنظام السعودي “حسن نواياه”، ويقدم له بعض الأدلة التي تؤكد حرصه على عودة العلاقات السعودية السورية، قام مجلس الوزراء في نظام بشار الأسد مؤخرا بالموافقة على السماح بدخول شاحنات نقل تجارية تحمل لوحات سعودية إلى سوريا مرت عبر معبر نصيب الحدودي مع الأردن، وهو ما فسره بعض المراقبين باحتمالية عودة استئناف العلاقات التجارية بين البلدين مرة أخرى بعد توقفها عدة سنوات.
الكويت أيضا كان لها نصيب في إظهار نيتها لعودة العلاقات مع نظام بشار الأسد، حيث أعلن وكيل وزارة الخارجية الكويتية السفير خالد الجار الله، اليوم الاثنين 2 نوفمبر 2014 عن منح بلاده تأشيرات دخول لثلاثة دبلوماسيين سوريين للعمل في سفارة بلادهم، وإعادة افتتاحها مرة أخرى، بحجة أنهم سيقومون على رعاية الجالية السورية الموجودة بالكويت والبالغ عددهم نحو 130 ألفًا بحسب تصريحات الوزير.
لا مكان لقادة المعارضة السورية في دول الخليج:
وبالرغم من مرور 4 سنوات على قيام الثورة السورية إلا أن مقعد سوريا في الجامعة العربية لا يزال شاغرا رغم الوعود العربية والخليجية المتكررة والتصريحات السابقة بشأن ضرورة منح المعارضة السورية مقعدا في الجامعة العربية لتمثيل الشعب السوري ودعم صموده في وجه العدوان الغاشم من قبل نظام بشار.
كما أن المعارضة السورية أصبحت لا تأمن على نفسها من الاجتماع في أي من الدول العربية وعلى رأسها الخليجية منها، ومن ثم قامت بنقل مكتبها لتركيا، الأمر الذي يؤكد تغيير الموقف الخليجي جملة وتفصيلا من ثورة الشعب السوري.
وكانت المملكة العربية السعودية رئيسة الدورة السابقة لمجلس التعاون، قد أعلنت في يناير 2012 بأن دول المجلس قررت سحب جميع سفرائها من سوريا، والطلب في الوقت ذاته من جميع سفراء النظام السوري مغادرة أراضيها وبشكل فوري، وذلك بعد أن انتفت الحاجة لبقائهم بعد رفض النظام السوري كل المحاولات، وأجهضت كافة الجهود العربية المخلصة لحل هذه الأزمة وحقن دماء الشعب السوري الشقيق.
هل النموذج اليمني مطروح في سوريا؟!
“فيما أكد مراقبون أن هناك مساعي خليجية لتكرار النموذج اليمني في سوريا، عن طريق تأمين بشار الأسد وأسرته، وضمان عدم ملاحقتهم قضائيا محليا ودوليا، في مقابل إجراء انتخابات رئاسية وتعديلات دستورية بالتوافق مع بعض القوى المعارضة في سوريا، إلا أن تشابك الوضع السوري وتعقيداته الحالية تؤكد صعوبة او استحالة تطبيق هذا النموذج في الوضع الراهن.
الخليج يستهدف القضاء على ثورة سوريا:
وبحسب مقال نشرته “شؤون خليجية” في وقت سابق للكاتب “عبد الله بن محمد القرني” فإن السعودية تسير “على الخط الأمريكي”، الذي يستهدف القضاء على القوى الثورية المسلحة في سوريا، وتكون البداية بتنظيم الدولة الإسلامية، ثم جبهة النصرة، وغيرها من الجماعات المسلحة المعارضة لسعودية وأمريكا، والتحالف مع النظام السوري في هذه المرحلة.
واستشهد بذلك على وجود تنسيق حاليا في ضربات الطيران السعودي والأمريكي والإماراتي مع طيران النظام السوري في توجيه ضربات جوية إلى معاقل القوى الثورية في الرقة ودير الزور، وتأجيل أي حديث عن مستقبل النظام السوري في ظل الحرب على “تنظيم الدولة الإسلامية.
وأشار الكاتب إلى أن هناك خطوات أخرى اتخذتها السعودية للتنسيق مع نظام بشار الأسد برعاية روسية، حيث أوضح أن نظام دمشق يحاول حاليا الاستفادة من علاقة موسكو بالرياض، وأن الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية السوري إلى موسكو كانت للتنسيق مع روسيا وتوصيل رسائل للرياض، كما أن النظام السوري يستفيد أيضا من علاقته مع زعيم الانقلاب العسكري في مصر، الذي أظهر دعمه لبشار ونظامه، وتوسيطه في العلاقة مع السعودية، وهو الأمر الذي انعكس على الخطاب السعودي تجاه سوريا، الذي لا يتحدث إلا عن إرهاب الجماعات “داعش” و”النصرة”، وتوارى تمامًا، بل اختفى أي حديث عن جرائم بشار والنظام السوري.
الخليج العدو اللدود للثورات العربية:
وبحسب مراقبين، فإن تلك الخطوات المثيرة للجدل من قبل نظامي السعودية والكويت تأتي في وقت يستمر فيه الأسد وجيشه النظامي بقصف الأحياء السورية وقتل العشرات من الأطفال والشيوخ والنساء يوميا ببراميله المتفجرة، ومن ثم فإن نظام بشار لم يتغير في شيء حتى تبدأ تلك الدول الخليجية في تغيير سياستها معه.
ويعتبر المراقبون أن سياسة دول الخليج الحالية وعلى رأسها السعودية والكويت تجاه سوريا لا تُفهم إلا في إطار مساعيهم لتحسين صورة نظام بشار الأسد وإعادة إنتاجه من جديد في شكل مختلف، تماما كما فعلت دول الخليج مع كافة بلدان الربيع العربي، حيث استخدمت نفوذها المادي والسياسي في إعادة إنتاج الأنظمة القمعية التي ثارت عليها شعوبها لمنع انتقال الثورات إليها في الخليج، ونجحت تلك الدول بالفعل في إعادة إنتاج نظام مبارك في مصر، ووأد ثورة يناير عن طريق دعمهم للانقلاب على أول رئيس مدني منتخب الدكتور محمد مرسي، ووقوفهم مع قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، الأمر ذاته يحاولون تكراره في تونس حيث يدعمون وبقوة عودة نظام بن علي عن طريق دعمهم للسبسي هناك، وفي ليبيا كذلك تسعى الدول الخليجية لإعادة إنتاج نظام القذافي عن طريق دعمهم للواء المتقاعد خليفه حفتر وميليشياته العسكرية.
المصدر : شؤون خليجية