تستمر معاناة معتقلي الرأي في سجن الرزين الإماراتي, ويتعرضون لانتهاكات وتعذيب نفسي وجسدي غير مسبوق في تاريخ الإمارات منذ صدور الأحكام السياسية عليهم في العام الماضي.
فبعد أن كشف المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان, قبل أسبوع, عن علمه من مصادر موثوقة أن المعتقلين يتعرضون إلى عقاب منهجي داخل سجن الرزين منذ فترة، معتبراً ذلك انتهاكا صارخا لحقوقهم, أكد مركز الإمارات لحقوق الإنسان أن سجناء قضية الإماراتيين ال٩٤ الذين أدينوا بعد محاكمات هزلية، وبعد تعرضهم لانتهاكات ممنهجة داخل سجون أمن الدولة يعانون من تدهور حالتهم النفسية والجسدية نتيجة تعرضهم للتعذيب والمضايقات المنهجية داخل سجن الرزين.
يشار إلى أن سجن الرزين يعد أبرز السجون الإماراتية سيئة السمعة والمتواجد في إمارة أبوظبي تحت إدارة وزارة الداخلية ورقابة النيابة العامة.
وأوضح المركز في بيان له أمس على موقعه الإلكتروني اطلعت عليه “شؤون خليجية”, إنه تم تأكيد هذه المعلومات من مصادر مقربة من السجناء والذين فضلوا عدم ذكر اسمائهم.
وأوضح أن من ضمن هذه الانتهاكات, حرمان السجناء من الخروج من زنازينهم مما إلى اصابتهم بنقص في فيتامين “د ، وظهور الأعراض التي تصاحب هذا النقص والأضرار الجسدية والنفسية المترتبة عليه, وحبسهم في زنازينهم في ظلام دامس من الساعة ١٠ مساء الى الساعة ٥ صباحا. هذه الحالة تعرضهم الى مشاكل نفسية و تقودهم الى الجنون, وتجويعهم بشكل واضح مما ادى الى معاناتهم من سوء تغذية حاد.
وأوضح المركز أن الكثير من المعتقلين يعانون من أمراض تستلزم من السجن توفير أنواع و كميات محددة من الأكل تتناسب مع الحالة الصحية لكل منهم و لكن السجون لم توفر ذلك, مشيرا إلى أنه يتم حجز بعض المعتقلين في الحبس الانفرادي لفترات طويلة وبدون أية مبررات أو إجراءات قانونية وهذا انعكس سلبيا على حالتهم الجسدية والنفسية.
وأشار إلى أن المعتقلين في السجن كما جاء على لسان المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان الدكتور محمد الركن والذي يعاني من نفس الظروف في هذا السجن “يعاملون كرهائن يتصرف معهم الخاطف كما يشاء وليس كسجناء يحكمهم القانون.
ودعا المركز السلطات الإماراتية إلى الافراج الفوري عن جميع سجناء الرأي دون أي شروط أو قيد, وإيقاف كافة الانتهاكات والتعذيب وسوء المعاملة التي تمارس ضد السجناء, وتوفير الرعاية الطبية اللازمة للسجناء والنفسية لمن يحتاجها, والالتزام بقرارات مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة والقانون الدولي لحقوق الإنسان في معاملة السجناء, وتحسين أوضاع السجون واحترام حقوق السجناء.
وكان المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان قد أوضح أن المعاملة السيئة والانتهاكات التي يلقاها المعتقلون أدت إلى تدهور الحالة النفسية والصحية لهم, كاشفا عن الانتهاكات نفسها التي اعلنها مركز الإمارات لحقوق الإنسان, إلا أنه أشار إلى أن هذه المعاملة السيئة قد تؤدي لظهور عدة حالات مشابهة لحالة المعتقل عيسى السري، المستشار التربوي والرئيس السابق لجمعية المعلمين بالإمارات, والذي يعاني من تدهور حالته النفسية والصحية بسبب المعاناة والتعذيب الذي تعرض له في الحبس الانفرادي, إذ لم يكن يشكو من شيء قبل اعتقاله، وبعد الانفرادي لوحظ عليه أثناء المحاكمات أن حالته ليست طبيعية ويتكلم في أمور غير مفهومة، وطالب المحامي بعلاجه وعولج وتحسنت حالته.
وسبق أن أعلن اهالي المعتقلين السياسيين في سجن الرزين إن صحة معتقليهم تدهورت كثيرًا لفرض مسؤولي السجن التفتيش المهين لمن يرغب بالذهاب إلى الطبيب، وهو ما يرفضه أحرار الإمارات.
وأضافوا في تغريدات لصفحة متضامنون على تويتر، أن المسؤولين عن السجن يطلبون خلع الملابس كاملة لتفتيشه عاريًا، لمن يريد الذهاب إلى المستشفى، وهو ما يتنافى مع القانون الإماراتي والدين والأعراف والقيم الإنسانية، وحقوق السجناء.
وتقول منظمة ريبريف المعنية بحقوق الإنسان: إن 79 % من سجناء الإمارات يتعرضون للتعذيب في السجون الإماراتية، ومعظم المعتقلين السياسيين يعانون الأمراض المزمنة، لكنهم يمتنعون عن طلب العرض على مستشفى السجن لما يتعرضون له من إهانات.
كما ترفض إدارة سجن الرزين التابعة لوزارة الداخلية، عرض المعتقلين المصابين بأمراض على الأطباء، مما يتسبب بمضاعفات، وتمنع في كثير من الأحيان الأدوية عن المصابين بأمراض مزمنة، مما يؤدي إلى تفاقمها.
ومن جانبها, طالبت الأمم المتحدة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين الذين الحكم عليهم بأحكام سياسية في يوليو، وتم تصنيفهم بالمعتقلين تعسفًا، وسبق أن نشرت الأمم المتحدة تقريرًا أكد أن الجهاز القضائي الإماراتي يتعرض للتدخل من قبل السلطة التنفيذية وجهاز أمن الدولة.
وفى سياق متصل, نقلت السلطات الامنية في أبوظبي المعتقل في سجن الرزين احمد غيث السويدي إلى السجن الانفرادي بدون أسباب معلومة.
وكان والد المعتقل أحمد غيث قد انتقل إلى رحمة الله في أبريل الماضي, إلا أن جهاز الأمن حرم الابن من رؤية والده لمده عامين, حيث كان جهاز الامن قد منع الدكتور احمد الصديق والمعتقل احمد الرستماني و المعتقل الحر خليفة النعيمي من حضور تشييع موتاهم.
ويقول مراقبون إن حرمان الولد من رؤية والدة أو والدته عند الوفاة انتهاك صارخ لحقوق الانسان وحرمان وتعدي على الاعراف والتقاليد والشرائع السماوية.
ووصف ناشطون الانتهاكات في سجن الرزين بحق المعتقلين بأنها وصمة عار على حكومة الإمارات.
وكانت منظمة العفو الدولية قد ذكرت في بيان سابق لها مجموعة من تلك الانتهاكات وهي مشابهه كثيرا لما سبق ذكره وهي: كثيراً ما يقوم حراس السجن يداهمون الزنازين ويضربون السجناء ويصادرون مقتنياتهم، ومنها ملابسهم وأدوات الحمام والدفاتر, وتعرَّض السجناء للضرب, ووضع بعض السجناء في الزنازين الانفرادية بدون ماء وطعام كاف, ومنع العائلات من الزيارة, وأحجام السلطات عن تزويد السجناء بأدوات النظافة، كالصابون وسائل غسل الشعر، لعدة أشهر, وتقليص كمية الوجبات وعدم السماح لهم بشرائها ولا بشراء الطعام والماء بسبب إغلاق مخزن السجن, فقدَ السجناء الكثير من وزنهم، مما أدى إلى انهيار اثنين منهم على الأقل في 20 أبريل/نيسان.
وتم إغلاق نوافذ كافة الزنازين بالطوب، مما منع دخول الضوء الطبيعي, وتم نقل السجناء إلى زنارين أخرى أثناء أعمال البناء، مما يجعلها شديدة الاكتظاظ.