بتمويل من الإمارات ينظم «الأزهر الشريف» مؤتمراً دولياً تحت رعاية الدكتور «أحمد الطيب» شيخ الأزهر يومي الأربعاء والخميس القادمين 3 و4 ديسمبر/كانون الأول الجاري بمقر مشيخة الأزهر بالدراسة شرق القاهرة تحت عنوان «مؤتمر الأزهر الشريف لمواجهة التطرف والإرهاب»، سوف تشارك فيه 120 دولة.
وكشفت مصادر أزهرية وإعلامية، أن المؤتمر تشرف عليه وتموله دولة الإمارات وسيكون أبرز المشاركين فيه بدعوات من الإمارات وغالبيتهم من الذين شاركوا فيما سمي «مجلس حكماء المسلمين» في أبوظبي في 19 يوليو/تموز الماضي وفشل في منافسة «اتحاد علماء المسلمين» الذي يقوده الشيخ «يوسف القرضاوي».
وأكد هذا ضمنا وكيل الأزهر، الدكتور «عباس شومان»، في مؤتمره الصحفي أمس الأحد للإعلان عن المؤتمر عندما أكد عدم توجيه دعوة لقطر وتركيا، لحضور مؤتمر الأزهر، بدعوي «أن الأزهر لن يمد يده لمن يقفون ضد إرادة المصريين ويعارضون منهجهم في الانطلاق وفق أسس ديمقراطية»، وأشار لأن أبرز الوفود من الإمارات والكويت وعمان، وقال أنه سيتم «تكريم وفود الإمارات والسعودية والكويت، تقديرا لدور بلادهم في دعم ومساندة مصر خلال المرحلة الانتقالية عقب الثورة المصرية في 30 يونيو/حزيران».
وجاء هذا برغم قول «شومان» إن: «المؤتمر يركز على الجوانب العلمية ولا علاقة له بالسياسة»، وأنه سوف يناقش 5 محاور هي: تصحيح مفاهيم مغلوطة تتعلق بالإسلام، وتعريف الدولة الإسلامية والخلافة الشرعية، وكذلك مناقشة التطرف وأثره على المجتمع، ومناقشة الإرهاب وأثره في المجتمعات العربية والإسلامية، ووضع رؤية مستقبلية وما الذي يمكن فعله للخروج من هذه الأزمة.
وبحسب مصادر في مشيخة الأزهر، سيشارك في المؤتمر علماء من كافة أرجاء العالم وممثلو الكنائس الشرقية والغربية، ووفود من 120 دولة.
وقال «شومان» خلال مؤتمر صحفي عقده أمس الأحد بالأزهر للكشف عن تفاصيل المؤتمر إن هذا المؤتمر «سيفضح الصانع لهذا الإرهاب محذرا الدول الداعمة للإرهاب من الاستمرار في دعم الإرهاب ومطالبة العالم الغربي بأن يكف عن إلصاق تهم الإرهاب بالدين الإسلامي».
لمنافسة «اتحاد علماء المسلمين»
ويقول مراقبون أن القرار الإماراتي الخاص بتصنيف الاتحاد العالم لعلماء المسلمين، الذي يرأسه الدكتور «يوسف القرضاوي» كمنظمة إرهابية مؤخرا، وعقد هذا المؤتمر العالمي للإرهاب في القاهرة برعاية الأزهر «متعمد ومقصود» لإفساح المجال للكيان الموازي الذي دشنته الإمارات يوليو/حزيران الماضي لكي يكون معبرا عن علماء المسلمين ولكن تحت اسم أخر هو «حكماء المسلمين»، وتلميع علماؤه مقابل «علماء اتحاد المسلمين»، مشيرين لأن مجلس أبوظبي لم يظهر أي نشاط أو فعاليات له منذ ظهور قبل خمسة أشهر لأنه ولد علي عجل ولم ينجح في إثبات وجوده علي الساحة بينما ظل «اتحاد علماء المسلمين» يمارس دورا مؤثرا.
ووجهت انتقادات عديدة من علماء الاتحاد العالمي ونشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي للمجلس الإماراتي الذي وصفه البعض بأنه يستهدف تبرير العلماء المنضمين له لقمع الحكام لشعوبهم بدعاوي الإرهاب.
كان الشيخ «حسن فوزي الصعيدي»، أحد قيادات «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» في قطر، قد قال أن هذا المجلس الإماراتي «وُلد على عجل.. لم يرَ الناس فيه معاناة حمل أو ألم مخاض.. ولكن هكذا وُلد فجأة»، وقال آخرون أنه يعكس «حالة التخبط والارتباك» الذي يعيشه الآن ما يسمى بـ«مجلس حكماء المسلمين»، والذي ظهر إلى النور فجأة تحت حضانة ورعاية قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة ككيان يهدف إلى «تعزيز السلم في المجتمعات الإسلامية».
فيما قال سياسيون أن المجلس الإماراتي جاء في الأصل كجزء من المنافسة والصراع الإماراتي القطري، والهدف من تدشين هذا المجلس هو منافسة المجلس القطري، أي لمواجهة «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين»، والذي بات يصنفه الكثيرون على أنه أداة دينية عابرة للحدود تشكل منبرًا لجماعة الإخوان المسلمين، ومعارضين للحكام العرب.
وقالوا أن الاستعانة بـ«الأزهر الشريف» هذه المرة جاءت بهدف استغلال مكانته في توفير ظهير ديني للانقلاب العسكري في مصر وداعميه في دول الخليج عبر رجال دين، ضمن محاولات استغلال الدين للترويج للقمع في الدول التي شهدت ثورات مضادة بدعم خليجي.
جسد برأسين
وكان أحد عوامل فشل هذا المجلس الإماراتي، كما يقول أعضاء في اتحاد قطر، أنه وُلد برأسين، أحدهما الدكتور «أحمد الطيب»، شيخ الأزهر، والأخرى تمثلت في الفقيه الموريتاني الشيخ «عبدالله بن بيه»، أما الجسد فلم يخرج بالنضوج المرجو، حيث لم يحضر جلسة تدشينه في 19 يوليو/تموز الماضي إلا 14 من أصل 40 ، ولهذا يجري التركيز علي دور الأزهر وشيخه حاليا.
وقيل أن الصراع المكتوم بين «الطيب» و«بن بيه» على رئاسة المجلس استتبعه تصدعات في جسده المترهل، حيث شهد اجتماعه الأول الذي عقد في نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي غياب عدد كبير من الأعضاء الذين يمثلون دول: «السعودية والأردن وباكستان والهند وأمريكا والجزائر»، وكان أبرزهم كل من الشيخ «عبدالله قسوم»، رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، والقاضي والفقيه الهندي البارز «محمد تقي الدين العثماني».
والأول «قسوم» خرجت عنه تصريحات لقناة «الشروق نيوز»، يؤكد فيها أن مشاركته في «مجلس حكماء المسلمين»، الذي انعقد في أبوظبي مطلع أغسطس/آب الماضي لم تكن إلا نتاج «خدعة» تعرض لها، وإنه دعي إلى مؤتمر للعلماء فإذا به أمام «لقاء سياسي مشبوه»، ووجد نفسه أمام مجلس مواز لـ«الاتحاد العالمي العلماء المسلمين» الذي يقوده الشيخ «يوسف القرضاوي».
أما الثاني «تقي العثماني» فقد شنَّ حملة على قيادات المجلس، قائلاً إنهم اعتبروا سكوته بعد توجيه الدعوة إليه لحضور الاجتماع «علامة رضا» على قبوله الانضمام للمجلس، مضيفًا أنَّ قاعدة «السكوت علامة الرضا» لا تنطبق سوى على البكر التي يؤخذ رأيها في الزواج، متابعًا: «أنا لست بكرًا وهذه ليست قضية زواج».
أيضا المفكر «محمد المختار الشنقيطي»، وصف المجلس بأن «رسالته ستكون تقديم الإسلام بفهم المخابرات العامة وعلى هوى الثورة المضادة»، وذلك عبر تغريدة له بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، واتفق معه الأكاديمي السعودي «عبدالعزيز المطيري»، الذي وصف المجلس بـ«حكماء الغفلة والخوف والذل والجبن والخور».
أما «مسلم البراك»، النائب السابق في «مجلس الأمة الكويتي»، فقال في تغريدة أخرى: «بمعرفتنا فقط من المؤسسين وأين مكان التأسيس سنعرف لماذا أقيم هذا المجلس».
ولهذا أعرب «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين»، عن استغرابه من تصنيف الإمارات العربية المتحدة للاتحاد كـ«تنظيم إرهابي»، وطالب الاتحاد في بيان له دولة الإمارات بـ«مراجعة موقفها غير المبرر»، وقال إن «الاتحاد منظمة عالمية رسمية وقانونية لعلماء الأمة وتنتهج النهج السلمي الوسطي المعتدل».
وقال الاتحاد الذي يتخذ من العاصمة القطرية الدوحة مقرا له، ويرأسه الداعية الإسلامي «يوسف القرضاوي»، إنه «يرفض هذا التوصيف تماماً، ويتساءل عن خلو القائمة من منظمات إرهابية بالفعل والقول في بلاد كثيرة، إسلامية كانت أو غير إسلامية، حيث ركزت القائمة على المنظمات الإسلامية فقط ومن بينها منظمات إغاثية عالمية حصدت العديد من الجوائز والتقديرات لدورها في خدمة العالم».
وقال إن «هذا يضع علامات استفهام كثيرة حول تلك القوائم وتوقيت إصدارها ولمصلحة من هذا التشويه، وبما يفقدها مصداقيتها كذلك».
ومعروف أن «بن بيه» هو أحد أبرز رجال الدين المسلمين المعاصرين، كان قد استقال من «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» في سبتمبر/أيلول الماضي، قائلا إنه يحاول القيام بدور في سبيل الإصلاح يقتضي «خطاباً لا يتلاءم» مع موقفه بالاتحاد، في إشارة إلى الهيئة التي يرأسها «القرضاوي»، والتي يرى البعض أنها باتت أداة دينية عابرة للحدود تشكل منبرا لجماعة «الإخوان المسلمين»، فيما يري آخرون أن الغضب عليه ناجم عن صراع خليجي – خليجي، ورغبة إماراتية في توظيف علماء الدين لدعم الانقلاب في مصر.
الخليج الجديد