أثناء إعطائي لمحاضره في مارس/آذار الماضي لبعض العاملين في متحف «رايكس ميوزيام» بمدينه لايدن بهولندا، وعلي رصيف أحد الشوارع في هولندا ناحية محطة القطار في مدينه لايدن الثقافية في الشتاء البارد، اقتربت منه قليلا ونظرت إليه أحسست أني أعرفه، اقتربت منه وجدته إنسانا مثقفا يتحدث العربية بعظمة وثقة الملوك والأمراء ويرفض المساعدة .
تحدثت معه فهو أب لثلاثة أطفال ومتزوجا ببكستانية ويقول لي إنه كان يركب أحسن السيارات ويسكن أحسن القصور، ويأكل أشهي وأطيب المأكولات. ولكنه فقد الأسرة والمال بل وفقد تقريبا حياه الرغد والعيش وقال أنه هنا منذ ما يقرب ١٥٠ يوما..
وأنه فقد كل شئ وأباه أخذ من حسابه في البنك في سويسرا عشرة ملايين دولارا وخسرها كلها في البورصة.
هذا الرجل هو الأمير «محمد بن طلال» وينتمي إلي عائلة «آل رشيد» التي حكمت السعودية سنوات طويلة. ولكن الأسرة خرجت وخرج هو معها لأسباب معينة من السعودية، وكان يصرف له معاشا كبيرا، وقد عاش منه طوال السنوات السابقة حتي توقف منذ حوالي عشر سنوات مضت، وظل ينفق مما كان يمتلكه من مال، إلي أن نفذت أمواله كاملة .
لقد صدقته من أول وهلة تحدث فيها معي لأني شعرت من حديثه الصراحة والشموخ والرفعة في الحديث.
فعاش الأمير «محمد بن طلال» في العراق لمدة عشرة سنوات، ثم ذهب لأمريكا وهناك دخل الجامعة وحصل منها على دبلومة في الاقتصاد والعلوم السياسية، وانتقل لأمستردام للحصول على الماجستير في الخدمة الاجتماعية من جامعة أمستردام وكان يكتفي بالحصول على الإقامة الدراسة ولم يفكر يوما في طلب اللجوء السياسي، أو الحصول على الإقامة بالزواج وكان يمكنه بسهوله الحصول على ذلك ولكنه رفض ذلك نهائيا لأنه يفتخر بكونه برنس سعودي .
وكذلك رفض أن يعمل بشهادته لنفس السبب والآن فهو بدون عمل ولا جواز سفر ولا مال ولا يستطيع حتى أن يشتري لنفسه زجاجة ماء.
تركته وتواصلت مع محافظ لايدن وتحدثت عنه ولفت النظر… إلا أنهم لم يلتفتوا إلي ذلك،… وعاودت الفكرة بالاتصال إلى أن ذهبوا إليه وعرضوا عليه المساعدة إلا انه رفض المساعدة… وظل يقيم في مكانه مع شدة البرودة…. إلا أنه أراد أن تتدخل الحكومة الهولندية في عوده ماله المنهوب من بنوك سويسرا وان تصرف له الحكومة مرتبا شهريا… وأن يقيم في سكن كبقية الناس… وسيعطيهم المال بعدما يستعيد ثروته.
عرضت الموضوع علي الصحف والجرائد الهولندية والبلجيكية الذين وجدوا أن الخبر يستحق الدراسة لأنه ماده دسمه إعلاميا .
فهو لا يحمل جواز سفر، ولم يحصل على تصريح للإقامة، لا مال ولا سقفف… ولا غطاء ولا دواء وبالرغم من هذا البرد انه يكسب احترام من يلتقي بهم ويكسب احترامهم وتعاطفهم معه فهو الأمير النبيل الذي يمتلك المال ولا يستطيع الحصول عليه!!!
فالسؤال هنا إلي منظمات حقوق الإنسان بل والمسئولين في هولندا «ارحموا عزيز قوم ذل»… ولماذا تتركون هذا الأمير بالذات على هذا الوضع المخزي؟ وننتظر الإجابة من الحكومة الهولندية نفسها، بل ومن «الاتحاد الأوروبي».
محمد عطا
الخليج الجديد