رجَالٌ غلاظٌ شدَاد لا يعصون ما أمرهُم بشَّار الأسد، جاهزُون لإتيان أيِّ فعلٍ إنْ هو صبَّ في صالحِ نظام البعث، كان ذاكَ بعضًا ممَّا رشحَ من صور انتشرتْ على مواقع في التواصل الاجتماعِي، مؤخرًا، كشفت جانبًا ممارساتهم، وأظهرتْ نمطَ حياتهم منذُ اندلاع الثورة السوريَّة التي اضطلعُوا بدورٍ في قمعهَا، قبل أن تتحول إلى نزاعٍ مسلح.
أفرادُ الشبيحة السِّمان منْ ذوِي السواعد المترهلة، وآثارُ الدربة الرياضيَّة باديةٌ عليهم، ليسُوا بحديثِي العهد فِي سوريا، حيثُ يعرفهم السوريُّون منذُ سنوات طويلة خلت، دأبُوا فيها على الاشتغال مهربِين للممنوعات من لبنان، بعدمَا أخذُوا الضوء من نظام بشَّار الأسد، مستفيدين من انتمائهم إلى اللاذقيَّة وانحدارهم من طائفته العلويَّة.
المهربُون دأبُوا على ركُوب سياراتٍ من نوع “ميرسيدِيس”، ذات زجاج قاتم، فلقبُوا بالشبيحة منذ منتصف التسعينات من القرن الماضي، قبل أنْ يعهدَ إليهم بمهمَّة “سياسيَّة” لإخماد الثورة. يدكُّ الجيش النظامِي السُورِي مَا شاء بالمدفعيَّة الثقيلة أوْ بالقصف في المدن الثائرة، ثمَّ يأتِي الدور عليهم ليبثُّوا الرعب، عبر عمليَّات تقتيلٍ وذبح، غالبًا ما يطلقُ عليها “التربيَّة”، في إشارةٍ إلى تطويع من تمردُوا، كيْ لا يفكرُوا ثانيةً في رفع صوتهم.
ولفظة شبيحة مشتقة من فعل عربِي فصِيح؛ هُو “شَبَحَ” يعنِي مدَّ أحدهم بغاية جلده، أيْ تعريضه للتعذيب، وهُو ما انبرت عناصر الشبيحة إلى القيام به بأكثر من صورة عقب اشتعال الثورة، دفاعًا عن نظام الأسد، في حين استخدم المصريُّون أيَّام ثورتهم لفظة “البلطجيَّة” لوصف المجرمِين المسلطِين على الاحتجاجات.
بيدَ أنَّ الشبيحة المناصرِين لنظام الأسَد، لا يسدُون خدماتهم في القتل والتنكيل مجَّانًا، ويتلقون بحسب تقديراتٍ من المعارضة السُّوريَّة، ما بينَ 100 إلى مائتَيْ دُولَار فِي اليوم الواحد، نظيرَ طاعتهم العميَاء للـ”معلم” أوْ “الخَال” كمَا يرُوق لهم أنْ ينادُوا مصدرِي الأوامر إليهم.
زيادةً على الأجُور المدفوعة، يعتمدُ الشبيحة في تأمين دخلهم، على ما ينهبونه من بيوت يهجمُون عليها ويتقلُون من بها، سيما أنَّ أسواقًا في سوريا باتت تسمَّى “أسواق السنة”، نظرًا إلى كون معروضاتها من متاع السوريِّين الذِين ثارت مدنهم فأخمدَ حراكهَا.
ولا يجدُ كثيرُون من عناصر الشبيحة حرجًا في أنْ ينعتُوا بـ”التشبِيح”، بل إنَّ منهم من يفخرُ بذلك، حتَّى أنَّ إحدَى صفحاتهم على موقع “فيسبُوك” سميت فرقة الشبيحة الرابعة، لتعزيز أفعالها برسائل إلكترونيَّة تهاجمُ المعارضة، وتروجُ لـما تراهُ تقدمًا للجيش النظامِي، فضلا عن مهاجمة دُول الخلِيج الداعمَة للمعارضة.
موازاةً مع مهاجمة دول الخلِيج، يغنِي عناصر الشبيحة في فيديُو على الانترنت، ما يفيدُ رغبةً لإفناء الطائفة السنيَّة، بدوافع طائفيَّة، مبدِين الافتخَار بالدعم الذِي يلاقونه من قبل إيران، الذِي أتاح للنظام السوري أنْ يصمد حتَّى اللحظة، وهم منتشُون ببنادق على سواعدهم، باتتْ تدرُّ عليهم رزقًا غمسَ دمًا.
هسبريس – هشام تسمارت