عاد الداعية المصري، المثير للجدل، محمود شعبان إلى صدارة المشهد الإعلامي في مصر من جديد بتصريحات أدت في النهاية إلى اعتقاله.
وحسب الوكالة الرسمية، أمر المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا تامر فرجاني الثلاثاء بحبس الأستاذ في جامعة الأزهر 15 يوما على ذمة التحقيقات التي تجرى معه بخصوص التحريض على العنف في التظاهرات التي دعت إليها جهات سلفية في 28 من الشهر الجاري تحت شعار “انتفاضة الشباب المسلم”.
الداعية المصرية المعروف غاب عن المشهد العام منذ سقوط نظام الرئيس محمد مرسي في تموز/يوليو 2013، وقبلها كان أحد أبرز الدعاة المعروفين بمواقفهم المتشددة، خاصة فيما ورد عنه من دعوته لقتل قادة المعارضة آنذاك.
خطيب ممنوع من الخطابة
وأثار الأستاذ المساعد بقسم البلاغة والنقد بكلية الدراسات الإٍسلامية انتباه المصريين مؤخرا، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، بمقطع فيديو له أثناء إلقائه خطبة في أحد المساجد، يشكك فيها في أهمية مشروع توسعة قناة السويس.
ورجح الداعية السلفي في خطبته، أن تضطر الحكومة إلى الاستعانة بعوائد قناة السويس الأصلية، لسد أموال المودعين.
أثار اعتلاء شعبان المنبر، على ما يبدو، غضب الأجهزة الأمنية، لأنه ممنوع من ممارسة الخطابة.
أحد المصلين احتج عليه أثناء الخطبة وطالبه بعدم الحديث في السياسة:
من الاستوديو إلى الحبس
أحالت جامعة الأزهر محمود شعبان إلى مجلس تأديب لـ”تحريضه على العنف”، في دعوته إلى التظاهرات يوم 28 الجاري.
ظهر محمود شعبان الأحد ليدافع عن نفسه في حلقة من برنامج الإعلامي المصري وائل الإبراشي، لكنه ما أن ترك استوديوهات مدينة الإنتاج الإعلامي حتى اعتقلته السلطات، قبل أن تفرر الإفراج عنه لاحقا.
لم يمر يوم واحد، حتى أمرت النيابة العامة باعتقاله مجددا، ثم قرر المحامي العام حبسه 15 يوما.
الحلقة المثيرة للجدل التي ظهر فيها شعبان، كانت مثار هجوم ونقد من البعض على الإعلامي وائل الإبراشي، لأنه قام “بتسليم شعبان”في إشارة إلى توريطه وثم القبض عليه.
الإعلامي المصري خرج بعدها معلنا أنه اتصل بوزير الداخلية للحصول على توضيحات بهذا الشأن.
من بين الاتهامات التي وجهت له “الانضمام إلى جماعة أنشأت على خلاف أحكام القانون، الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والحقوق والحريات العامة”.
أنكر محمود شعبان خلال التحقيقات كافة الاتهامات المنسوبة إليه، لكن تم حبسه في النهاية.
تزامن ذلك مع إعلان الداخلية المصرية اعتقال خمسة سلفيين وصفتهم بأنهم “بؤرة إرهابية” تخطط للتظاهرات المرتقبة التي دعت إليها الجبهة السلفية.
“هاتولي راجل”
محمود شعبان معروف في مصر بشيخ “هاتولي راجل”، وهي العبارة الشهيرة التي صدرت منه وكانت بداية ذيوع صيته.
قال هذه العبارة منتقدا الرئيس المصري آنذلك محمد مرسي لأنه أجرى حوارا تلفزيونيا مع امرأة، وهو ما رأى شعبان فيه مخالفة شرعية وأن الأولى كان إجراء المقابلة مع رجل.
لكن أشهر مواقفه كانت الفتوى التي قيل إنه أجاز فيها قتل قادة جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة للرئيس المصري محمد مرسي، وخص بالذكر محمد البرادعي وحمدين صباحي.
أمر النائب العام بضبطه وإحضاره بعد سلسلة من ردود أفعال وجدل فقهي وزخم إعلامي كبير ومخاوف من وقوع اغتيالات سياسية خاصة أن الفتوى تزامنت مع مقتل المعارض التونسي شكري بلعيد.
الإبراشي كان له دور كبير في الحملة ضد فتوى الداعية المصري.
شعبان دعا في فتواه إلى “قتل قادة الجبهة التي تسعى إلى الوصول إلى كرسي الحكم” مستندا في ذلك إلى حديث منسوب للنبي محمد يفيد “من بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخرِ”.
وفي تفسيره للحديث قال شعبان إن “الإمام النووي فسره على أنه يجب أن ندفع الثاني. فإن لم يندفع إلا بحرب وقتال فقاتلوه، فإن دعت المقاتلة إلى قتله جاز قتله، لا ضمان فيه لأنه ظالم متعدٍ في قتاله”.
وأكد شعبان في برنامج تلفزيوني أن البرادعي وصباحي طالبا أكثر من مرة بإسقاط مرسي، وأنهما يسعيان لانتخابات رئاسية مبكرة، لذلك فهما يخرجان على الحاكم ويجب قتلهما، على حد تعبيره.
كما عاد شعبان من جديد في لقاء تلفزيوني ليوضح أنه لم يكفر المعارضة وأن الفتوى ليست متروكة “لعامة الشعب”، وأن الحاكم والقضاء هما المنوطان بتطبيقها بعد استشارة هيئة كبار العلماء في الأزهر، كما قال.
فتاوى القتل
لم تكن المرة الأولى وقتها التي تصدر فيها فتاوى تحرض على قتل المعارضين بدعوى حماية الشرعية فقد سبق أن أصدر الداعية المصري وجدي غنيم فتوى بقتل أعضاء “بلاك بلوك” التي أخذت زخما إعلاميا باعتبارها جماعة تدعو للعنف.
وأحيت هذه الفتاوى وقتها جدلا فقهيا حول فهم النصوص الدينية، والجهة التي تطلق الفتاوى، والمؤهلات العلمية لمن يصرح بآراء فقهية.