أصبح النظام الملكي في سلطنة عُمان لاعبًا رئيسًا في المفاوضات النووية الإيرانية، حيث يقوم، كما يقول مراقبون، بما هو أكثر من مجرد دور الميسر في هذه المحادثات.
وكان وزير الخارجية العماني، يوسف بن علوي بن عبد الله، متواجدًا بهدوء في فيينا حيثما كان من المفترض أن تؤدي الجولة الأخيرة من المحادثات إلى التوقيع على اتفاق، ولكن بدلاً من ذلك تم اتخاذ قرار بتمديد المفاوضات لمدة سبعة أشهر أخرى. ومن المتوقع أن الاجتماع المقبل سوف يأخذ مكانًا في سلطنة عمان نفسها.
ويقول مراقبون إن دور العمانيين نما “من قناة لإيصال الرسائل المتبادلة إلى وسيط موثوق به بين الأمريكيين والإيرانيين“. وعند الأخذ بالاعتبار أنها دولة خليجية، سنجد أن السلطنة لديها علاقات وثيقة بشكل غير عادي مع طهران، وكذلك مع الدول المجاورة المنافسة لإيران، مثل المملكة العربية السعودية، وباقي أعضاء مجلس التعاون الخليجي (GCC).
ويعود دور عمان كلاعب في مفاوضات إيران إلى الوقت الذي شكلت فيه هذه الدولة المكان بالنسبة للولايات المتحدة وإيران، لإجراء محادثات سرية ابتداءً من عام 2012. وقد مهدت هذه المحادثات السرية الطريق للمفاوضات العامة المباشرة، التي أدت إلى اتفاق مؤقت في نوفمبر الماضي، أدى بدوره إلى إطلاق جولات المفاوضات الحالية التي من المفترض الآن أن تصل إلى نتيجتها النهائية في 30 يونيو عام 2015. وكانت الجولة الأخيرة من المحادثات، قبل تلك التي أبرمت في فيينا يوم الاثنين، قد عقدت أيضًا في العاصمة العمانية، مسقط.
وقامت عمان سابقًا بنقل الرسائل بين الجانبين. وعلى سبيل المثال، أوصل السلطان قابوس رسالة خطية من الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، إلى الرئيس الإيراني، حسن روحاني، بعد تسلم الأخير لمنصبه العام الماضي.
ولا تقوم عمان بكل هذا من باب الإيثار، بل لديها مصالحها الخاصة في هذه المحادثات باعتبارها دولة خليجية قد تتأثر بنتائجها. وقالت سوزان مالوني، وهي زميلة بارزة في مركز سياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينغز: “لقد اشتكت دول الخليج دائمًا من أنه ينبغي أن تكون هناك آلية تمكنها من لعب دور مباشر في مثل هذه المفاوضات التي لها آثار عميقة على أمن هذه الدول“، وأضافت: “لكن، وبالطبع، أنا لا أعرف ما إذا كان مجلس التعاون الخليجي، أو بشكل أكثر تحديدًا، السعوديون، سيقومون باختيار العمانيين للعب هذا الدور لو كان بإمكانهم أن يختاروا“.
ووفقًا لتريتا فارسي، رئيسة المجلس الوطني الإيراني الأمريكي، “عمان هي واحدة من الدول القليلة في مجلس التعاون الخليجي التي تربطها في الواقع علاقات تاريخية إيجابية جدًا مع إيران”. ومرددة ما قالته مالوني، أشارت فارسي إلى أن “دول مجلس التعاون الخليجي كانت تشكوا من عدم وجود صوت لها على طاولة المفاوضات؛ وبالتالي، كان إدراج عمان كوسيط موثوق تطورًا هامًا”.
وقالت فارسي أيضًا إنه “وبدلاً من الإشارة إلى مجموعة الدول الست التي تتفاوض مع إيران باسم P5 +1، ربما ينبغي أن تتم الإشارة إلى هذه المجموعة باسم “عمان+الدول الست”.
ومن جانبه، قال مئير جافيدانفر، وهو محاضر إيراني في معهد IDC هرتزليا في إسرائيل: “لقد كان دور عمان في المحادثات النووية الحالية دورًا لا غنى عنه”، وأضاف: “بدون التدخل الشخصي للسلطان قابوس، وتسهيله للمحادثات السرية المباشرة، لكان من الممكن جدًا أن تأخذ المفاوضات الثنائية بين الولايات المتحدة وإيران وقتًا أطول بكثير لكي تبدأ“.
ولكن دور سلطنة عمان بقي، وبشكل مقصود، خلف الكواليس. وعندما طلبنا يوم الأحد من دبلوماسي إيراني قريب من المفاوضات مناقشة دور سلطنة عمان، رفض الدبلوماسي فعل ذلك، ولم يقبل حتى بأن يؤكد ما إذا كان وزير الخارجية العماني لا يزال في فيينا.
وليس من الواضح تمامًا ما هو الدور الذي كانت عمان قد لعبته في أحدث جولة من المحادثات، إلا أن فارسي أشارت عند اتصالنا معها إلى أن “عمان لم تعد ضرورية كرسول بين الجانبين، فقد أصبح التواصل بينهما مباشرًا الآن”. ولكنها، أضافت أن عمان “يمكنها أن تساعد في توضيح الأمور، وأن تساعد الجانبين في التغلب على الشك لديهما وعلى بعض مخاوفهما“.
وبدورها، قالت مالوني إن “دور وزير الخارجية العماني، لا يرقى تمامًا ربما إلى مستوى الشريك الأصغر لمجموعة P5 + 1“، إلا أنه “أكثر من مجرد وسيط ثنائي” بين واشنطن وطهران.
واعتبرت مالوني أن هذا الدور يشكل “توسعًا أو ارتفاعًا في الدور المعتاد للوزير، والذي كان تقليديًا بمثابة الميسر للاجتماعات أو ممر للرسائل“، وأضافت: “أعتقد أن زيادة نشاطه أمر مثير للاهتمام، خاصةً وأن هذه المناقشات تدور حول أمور تقنية عالية بشأن تفاصيل البنية التحتية، ولوائح العقوبات النووية. حضوره المتكرر يشير إلى أن جميع الأطراف ترى بأن لوجوده قيمة ما“.
باز فيد نيوز – التقرير