كتب ريد ستاندش في مجلة “فورين بوليسي” عن إرث وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل، الذي استقال من منصبه يوم الإثنين، وقال إن مصر كانت هي البلد الوحيد الذي أقام معها علاقات قوية، فقد تعامل مع عبدالفتاح السيسي عندما كان وزير دفاع، وتعامل معه بعد الانقلاب.
ويشير الكاتب إلى أنه أثناء التحضير للإطاحة بمحمد مرسي في 3 تموز/ يوليو تحدث هيغل مع السيسي لمدة نصف ساعة، وحثه على تشكيل حكومة ممثلة. وتوثقت عرى الصداقة بين هيغل والسيسي في مأدبة غداء استمرت ساعتين. وأصبح هيغل نقطة اتصال الرئيس باراك أوباما مع مصر.
وترى المجلة أنه رغم هذه الصلات إلا أن تأثيره على السيسي يبدو قليلا، وإرث العلاقة يتبخر، وهذا واضح في إعلان وزير الداخلية يوم الثلاثاء 25 تشرين الثاني/ نوفمبر أنه لن يتردد باستخدام القوة ضد المتظاهرين في التظاهرة المزمع عقدها يوم الجمعة، وتمثل التهديد الأول والحقيقي لحكومة السيسي منذ انتخابه في حزيران/ يونيو.
ويقول ستاندش “لكن هناك أدلة قليلة ترجح وجود أثر ولو كان قليلا لجهود هيغل على تصرفات السيسي وحكومته، فالتحذير من استخدام القوة يؤشر للخلاف العميق بين الحكومة المصرية العسكرية والعلمانية من جهة، وبين قطاعات الإسلاميين في المجتمع المصري من جهة أخرى. فالدعوة للتظاهر نظمتها الحركة السلفية التي تعرف بـ (الجبهة السلفية)، وتعد الأولى التي ستنظم في البلد منذ بدء عمليات الملاحقة والقمع للمتظاهرين في آذار/ مارس”.
ويضيف الكاتب أنه بعد شهر من سيطرة السيسي على الحكم أدت التظاهرات لعملية قتل جماعي، بما فيها أسوأ مجزرة تشهدتها مصر في عقود، وأدت عملية القمع التي تمت تحت إشراف عبدالفتاح السيسي إلى سجن عشرات الآلاف من الناشطين الإسلاميين والعلمانيين، حيث تم سجن ثلاثة من الناشطين البارزين لثلاثة أعوام.
ويجد الكاتب أنه “وكصورة عن المدى الذي وصلت إليه مصر، كانت حكومة السيسي واحدة من الدول القليلة التي صوتت ضد قرار في الأمم المتحدة يشجب انتهاكات كوريا الشمالية في مجال حقوق الإنسان، وبعبارات أخرى فعملية التقارب التي قادها هيغل مع السيسي لم تسر حسب ما رسم لها”.
ويبين ستاندش أن “واشنطن تعاملت في علاقتها مع القاهرة التي دعمتها بـ 40 مليار دولار منذ عام 1948، بالإضافة للتدريبات العسكرية السنوية، والتبادل المكثف بين الضباط كحجر أساس في علاقاتها الاستراتيجية مع المنطقة. كما أن أهمية العلاقة العسكرية مع مصر تفسر السبب الذي جعل هيغل والبيت الأبيض يترددان في وصف الإطاحة بالرئيس محمد مرسي بكونها انقلابا؛ لأن مجرد استخدام الوصف كان سيجبر الولايات المتحدة لتجميد المساعدة السنوية، وقيمتها 1.3 مليار دولار، وتضحي بتأثيرها على الجنرال الذي تحول إلى رئيس”.
ويختم الكاتب بالقول إن علاقة هيغل مع السيسي توثقت أثناء أسوأ فترة من العنف تمر على مصر في تاريخها الحديث، وتقدم رؤية مثيرة وغير مريحة ونافذة عن تداعي سياسات الولايات المتحدة في مصر. وبحلول يوم الجمعة، ستغلق تلك النافذة، وستختفي معها كل آثار علاقة هيغل بمصر.