دبي ـ أ ف ب – أحدثت الإمارات عندما نشرت قائمتها “للمنظمات الإرهابية” في وقت سابق هذا الشهر صدمة في أوساط منظمات إسلامية “خيرية” معروفة في الغرب وجدت نفسها على قائمة واحدة مع تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية.
لم يكن مفاجئا وجود الإخوان المسلمين على رأس هذه القائمة نظرا إلى الجهود الكبيرة التي بذلتها الإمارات في الفترة الأخيرة لمواجهة التنظيم الإسلامي العالمي.
إلا ان وجود منظمات مثل مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) الذي مقره واشنطن، جمعية الإغاثة الإسلامية في بريطانيا وبعض أكبر الجمعيات الإسلامية في فنلندا والسويد والنروج ودول أوروبية أخرى، أثار مطالبات من عدة حكومات غربية بتقديم تفسير من قبل الإمارات حول خطوة إدراج هذه المنظمات التي لم يعرف عنها أي نشاط “إرهابي”.
ويرى خبراء أن توسيع الإمارات قائمتها لهذه الدرجة يهدف إلى التأكيد على أن الحرب على الحراك الإسلامي هي حرب أيديولوجية بقدر ما هي تقليدية.
وقال فريديريك فيري الخبير في الشؤون الخليجية في مؤسسة كارنيغي للسلام إن الهدف الحقيقي للقائمة الإماراتية هو “الإسلام الناشط سياسيا”.
لكن فيري حذر من أن اللائحة الإماراتية قد تأتي بنتائج عكسية “عبر دفع حركات سياسية إسلامية نحو العمل السري”. وقال إن الإمارات “كانت لفترة طويلة بمنأى عن الإرهاب”؛ لكن “قلقها المفرط قد ينقلب إلى نبوءة للمستقبل”.
وأضاف أن الإمارات “تحاول أن تشمل مجموعات غير عنيفة مرتبطة بالإخوان المسلمين في إطار واحد مع المجموعات الإرهابية الحقيقية مثل بوكو حرام في نيجيريا والقاعدة”.
ويبدو من غير البديهي أن تقود الإمارات الدولة المنفتحة اجتماعيا التي تعيش فيها غالبية من الوافدين الأجانب من حوالي 200 بلد، هذه “الحرب ضد الإرهاب”.
فالإمارات لم تُستهدف أبدا بهجمات على أراضيها، كما لم تشهد تظاهرات مماثلة لتلك التي خرجت في دول أخرى في المنطقة في سياق الربيع العربي.
لكن قادة الإمارات يرون تهديدا في جماعة الإخوان المسلمين الهادفة لإقامة حكم إسلامي، والتي تأسست عام 1928 في مصر وتوسعت إلى كل المنطقة.
ويقول اندرو هاموند الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا إن “معايير (اللائحة) أخذت بالاعتبار كل ما يمكن أن يكون له أي علاقة بالإخوان المسلمين حتى من بعيد”.
وشنت الإمارات في السنوات الماضية حملة ضد جماعة الإخوان المسلمين، وأصدرت أحكاما بالسجن على عشرات من أعضائها، كما مارست ضغوطها على قطر المجاورة لكي توقف دعمها للإخوان.
واستخدمت أيضا قوتها العسكرية ضد الحراك الإسلامي عبر قصف مواقع مقاتلين إسلاميين في ليبيا، والانضمام إلى التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” في العراق وسوريا.
ويرى مصطفى العاني الخبير في مركز أبحاث الخليج الذي يوجد مقره في جنيف أنه “بالنسبة للإمارات، الإخوان المسلمون يشكلون تهديدا أمنيا، ليس بالضرورة تهديدا آنيا.. إنما تهديد مستقبلي”.
وأضاف أن الإمارات لا تواجه “تهديدا أمنيا وشيكا أو محتملا، لكن، بدون شك، الوضع والبيئة الأمنية في المنطقة نتيجة الأحداث الجارية في سوريا والعراق” تثير قلق الإماراتيين.
وقد نشرت الإمارات في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر قائمة للتنظيمات “الإرهابية” تضم 83 مجموعة إسلامية تنشط على المستوى العالمي، ويقاتل القسم الأكبر منها في سوريا، متجاوزة إلى حد كبير قائمة السعودية التي تضم تسع منظمات، ولائحة الولايات المتحدة التي تشمل 59 “منظمة إرهابية أجنبية”.
ومما كان مثيرا للاهتمام هو غياب ميليشيا حزب الله الشيعي اللبناني وحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة عن اللائحة.
وقد أثار نشر هذه اللائحة احتجاجات من قبل بعض المنظمات المدرجة.
فعبر مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير)، أحد أكبر المجموعات الإسلامية المدافعة عن الحريات المدنية في الولايات المتحدة، عن استغرابه لوجود اسمه على اللائحة مذكرا “بمبادراته المتعددة لمكافحة الإرهاب”.
كما قال اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا المقرب من الإخوان المسلمين إنه تلقى هذا النبأ “بمفاجأة وغضب”. وأضاف أن “الكثير من المنظمات الإسلامية الغربية الأخرى أدرجت أيضا على اللائحة بشكل جائر”، مشيرا على سبيل المثال إلى اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا المقربة أو المتفرعة من الإخوان.
كما طالب الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه الداعية الشيخ يوسف القرضاوي بسحبه من القائمة التي وضعتها الإمارات “للمنظمات الإرهابية”، مؤكدا تمسكه بالوسطية ونبذ التطرف.
وبحسب مسؤولين إماراتيين، فإن هذه المجموعات بإمكانها ان تلجأ إلى القضاء للمطالبة بشطب اسمها عن اللائحة.
وألمح وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان في مقابلة مع فوكس نيوز إلى أن المجموعات التي أدرجت على اللائحة تدعم وتمول بشكل سري مجموعات تقوم بأعمال عنف.
من جانب آخر قال “بالنسبة للعديد من الدول إن تصنيف الإرهاب هو حمل السلاح وترهيب الناس. بالنسبة إلينا، ان الأمور تتجاوز ذلك بكثير، فلا يمكننا أن نتسامح حتى مع أقل من ذلك بكثير”.