دانت منظمة هيومن رايتس ووتش الحملات التي تقوم بها السلطات السعودية ضد المنتقدين لها على شبكة الإنترنت.
ودعت المنظمة في تقرير لها، اليوم الأحد، الحكومة السعودية إلى إنهاء الحملة، وأن تكون على قدر التزاماتها بشأن احترام حرية التعبير.
وأشارت المنظمة إلى أن السلطات دانت في أواخر أكتوبر الماضي “3 محامين بارزين بتهمة انتقاد وزارة العدل، وصدرت بحقهم أحكام بالحبس تتراوح بين 5 سنوات، و8 سنوات.
كما احتجزت الشرطة ناشطة ليبرالية مُدافعة عن حقوق المرأة جراء تغريدات لها على موقع تويتر يُزعم أنها انتقدت مسؤولين دينيين رسميين، ودافعت عن حق المرأة السعودية في قيادة السيارات”.
وقالت سارة لنا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بأن هذه الملاحقات القضائية “تُظهر الحد الذي وصلت إليه حساسية السلطات السعودية تجاه قدرة المواطنين العاديين على التعبير عن آرائهم عبر شبكة الإنترنت، والتي تعتبرها الحكومة مثيرة للجدل أو من المُحرمات”، وأضافت بأنه “من الأفضل أن ينشغل المسؤولون السعوديون بإجراء الإصلاحات المُلحة، بدلاً من مُلاحقة مُنتقديهم على شبكة الإنترنت”.
وقال التقرير بأن “وكلاء النيابة والقضاة إلى بنود مُبهمة من قانون مكافحة جرائم المعلوماتية الصادر عام 2007، في توجيه الاتهامات ومُحاكمة المواطنين السعوديين بسبب تغريداتهم وتعليقاتهم السلمية على مواقع التواصل الاجتماعي”، حيث “تجرم المادة 6 “إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، والقيم الدينية، والأداب العامة، وحرمة الحياة الخاصة، أوإعداده أو إرساله أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية”، كما “يفرض القضاة عقوبات تصل إلى الحبس لمدة 5 سنوات، وغرامة تصل إلى 3 مليون ريال سعودي (800 ألف دولار أمريكي)”.
وأضافت المنظمة “أن على مجلس الوزراء السعودي أن يقوم بتعديل القانون على وجه السرعة حتى يتسنى له تعديل أو حذف البنود المُبهمة التي تُمكن مسؤولي العدالة الجنائية من تكبيل حرية التعبير على شبكة الإنترنت على نحو غير صحيح”.
وقالت بأنه بحسب وثائق المحكمة التي راجعتها المنظمة، فقد “استند وكلاء النيابة في قضيتهم بُرمتها ضد المحامين الثلاثة –عبد الرحمن الصبيحي، وبندر النقيثان، وعبد الرحمن الرميح- استندوا إلى تغريدات اعتبرها المسؤولون مساساً بوزارة العدل. ولقد اهتمت السلطات،على نحو خاص، بالتعليقات على طريقة معاملة القاضي محمد عبد الكريم؛ الذي واجه جلسة استماع تأديبية أمام المجلس الأعلى للقضاء في 2013، بعد أن انتقد وزارة العدل على موقع تويتر، بحسب مزاعم”.
ومن بين اتهامات أخرى، جاء في لائحة الاتهام ضد المحامين قيامهم بـ “النيل من نظام الشريعة القضائي، واستقلاليته، وتقويض سلطاته عبر التدخل في الإجراءات التأديبية الخاصة بالقاضي محمد عبد الكريم”.
ويواجه الصبيحي اتهاما إضافيا بـ “التدخل في السياسة العامة للدولة التي هي من اختصاص الملك، من خلال انتقاده لتوجيهات الملك بدفع خمسة مليارات دولار لدولة مصر”.
وفي 27 أكتوبر 2014، دانته المحكمة وحكمت عليه بالحبس لمدة 8 سنوات، وفرضت عليه حظراً من مُغادرة السعودية لمدة 10 سنوات، ومنعته من الكتابة في وسائل التواصل الاجتماعي أو غيرها من وسائل الإعلام. وأصدر القاضي أحكاماً على كل من النقيثان والرميح بالحبس لمدة 7 سنوات، وحظر سفرهما إلى الخارج لمدة 7 سنوات، وفرض حظر شامل على الكتابة في وسائل الإعلام العادية ومواقع التواصل الاجتماعي.
المنظمة أكدت أن التغريدات التي أُتخذت دليلا ضد المحامين، خلت من العنف، وكانت مجرد انتقادات طبيعية. كما استهدف مسؤولون سعوديون نشطاء لأسباب مُماثلة. وأشارت إلى قضية اعتقال الناشطة سعاد الشمري، وملاحقة الحقوقي مخلف الشمري قضائيا.
وعلقت سارة ليا ويتسن بالقول أن السلطات السعودية تقوم “بتخويف وحبس وإسكات النشطاء ضمن حملتها الشاملة على الانتقادات السلمية.
ولكن السلطات تقترف خطأً فادحاً إن هي ظنت أن بمقدورها منع المواطنين السعوديين إلى الأبد من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل الإعلام في الضغط من أجل تحقيق إصلاحات إيجابية.
يشار إلى أن الحكومة السعودية منزعجة من الإنترنت بصفة عامة ومواقع التواصل الاجتماعي على رأسها “تويتر” بصفة خاصة , حيث جدد مفتي المملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ, قبل أيام تحذيره من المواقع على شبكة الانترنت التي قال إن ظاهرها خير وباطنها ضلال.
وكان عشرات من النشطاء اعتقلوا وحُكم ضدهم بالسجن بسبب كتاباتهم على “تويتر” التي اعتُبرت “دعوة إلى الفتنة والخروج على ولي الأمر”.
وكانت وكالة الوسائط الاجتماعية “ذا سوشيال كلينيك” قد أشارت إلى أن السعودية بها أكثر من ثلاثة ملايين مستخدم “نشط” لـ “تويتر” يغردون بـ 50 مليون تغريدة في الشهر الواحد.
جدير بالذكر أن الداعية الإسلامي السعودي محمد العريفي -دكتور العقيدة والاستاذ المساعد بكلية المعلمين بجامعة الملك سعود, من أبرز المعتقلين بسبب تغريداتهم على “تويتر”, حيث انتقد أداء قطار المشاعر أثناء موسم الحج، إلا أن بعض التقارير الصحفية أكدت أن الاعتقال جاء بسبب رفضه المشاركة في خطة استخباراتية سعودية تستهدف المقاتلين في سوريا، ويظل السبب الأبرز لاعتقاله هو تغريداته على تويتر، وهي الخطوة انتقادات حقوقية واسعة.