كشف الدكتور أعلية علاني، الخبير الدولي في الإسلام السياسي والسلفيين بشمال أفريقيا والشرق الأوسط، عن أن لديه معلومات من مصادر موثوقة، تفيد أن عمرو موسى، السياسي البارز، بدأ منذ عدة أشهر مصالحة بين السلطة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وجماعة الإخوان المسلمين.
وقال علاني، إن هذه المصالحة، تجرى على “نادر هادئة”، تتضمن شروط السلطة، والتباحث حول شروط “الإخوان”، موضحا أن شروط النظام تتمثل في امتثال الجماعة لقانون الأحزاب بحل حزب الحرية والعدالة، بدعوى قيامه على أساس ديني، وتغيير اسم التنظيم من “جماعة الإخوان المسلمين” إلى مسمى آخر، وإصدار ميثاق سياسي جديد بعدم اللجوء للعنف والالتزام به، وفى مقابل ذلك السماح لهم بالمشاركة ف الانتخابات البرلمانية.
وأضاف إن المعلومات تفيد بأن القيادات الإخوانية التي تواصل معها موسى، تحفظت حتى الآن على موضوع تغيير اسم الجماعة، لأن الاسم يعنى لها الرمزية، وأكد أن هذه النقطة أصبحت تشكل نقطة الخلاف الرئيسي في المصالحة.
وتابع الخبير التونسي، في حوار أجرته معه صحيفة “المصري اليوم” وتنشره غدا السبت، إن التفاوض بين الطرفين، بدأ خجولا ويمكن أن يتطور، معتبرًا أن الإخوان ليس لديهم سند يعتمدون عليه، بعد خسارة حركة النهضة الانتخابات البرلمانية في تونس، وسيضطرون في النهاية إلى القبول بالحلول الوسطية والتفاوض.
وأشار إلى أن شخصية مثل عمرو موسى تعتبر مقبولة نسبيا، في عملية المصالحة، لأنه كان ينتقد الجماعة، وفى نفس الوقت ليس هناك مواقف عدائية له معهم، حيث أبقى نوعًا من التواصل معهم.
ولفت إلى أن الجماعة لا تستعجل المصالحة أو الدخول إلى البرلمان الحالي، ومن الممكن الدخول في البرلمان القادم.
وقال إن هناك عامل الوقت، فالإخوان من الصعب إعلانهم الدخول إلى الانتخابات، وهم من كانوا يطالبون بعودة الرئيس المعزول محمد مرسي أولا، ومن الصعب دخولهم كتنظيم، ومن الممكن الدخول بأسماء تابعة لهم غير معروفة ويكون ذلك بعلم السلطة.
وأضاف علاني، إن مسألة المصالحة تبدأ بأن تهدأ النفوس في البداية، ولو تستطيع الحكومة أن تعطي إشارات أولية من الجانب الإعلامي بتخفيف الهجوم على الإخوان، وبالتوازي، الحوار مع بعض الشخصيات، ووقف تنفيذ أحكام الإعدام، ومن يقومون بالتفاوض لهم مصداقية، وفتح قنوات مع شباب الإخوان وبعض الشيوخ الذين يقبلون التفاوض، وتخفف الضغوط الاقتصادية عليهم، منوهًا بأن كل هذا يؤدي إلى تخفيف الاحتقان تدريجيًا.
ورأى أن الجماعة أمام خيارين، إما أن تعود إلى أسلوبها في عهدي مبارك والسادات، وهى المشاركة عبر قوائم مستقلة أو أحزاب قريبة منها، أو تدخل بأجندتها والالتزام بقانون الأحزاب ،وهذا الخيار مؤجل، ويصعب أن يحدث الآن، وبالتالي يصعب الحصول على مقاعد كثيرة، وربما يدفعون ببعض العناصر بشكل غير علني ليكونوا في مؤسسات الحكم.
وأكد أن الإخوان منقسمون حول المشاركة، لكن الموقف الثاني الموازي للتنظيم السري؛ هو ألا تخرج الجماعة من المؤسسات، ويجب أن يبقوا بشكل خفي أو غير مباشر، مشددًا على أنه من مصلحة الإخوان والنظام التفكير في حل وسط.
ورأى الخبير التونسي، أن تيار الإسلام السياسي، لن يعود إلى الحكم في أي دولة عربية قبل 20 أو30 سنة، وبعد مراجعات عميقة كبيرة، ونوه بأن نظرية الاستئصال غير مجدية، مشيرًا إلى أن “المقاومة الأمنية” لهذا التيار تعطي غالبا دفعًا جديدًا له.
وبشأن اليمن، قال إن الصراع على أشده بين الحوثيين، وبين جماعة السنة والقاعدة، وحتى الرئيس السابق علي عبد الله صالح، أصبح رقما في هذه المعادلات السياسية، وهذا سيجعل منطقة الخليج تفكر في كيف تتأقلم مع مسألة الوضع اليمنى الجديد.
وأضاف: الترضيات التي تُعطى لإيران، مثل إمكانية التوافق حول خليفة للأسد في سوريا، وإمكانية التخفيف للضغط على الملف الإيراني في الجانب النووي هذه لا تُقدم مجانًا، فمن الممكن أن تؤثر طهران على جماعتهم “الحوثيون” في اليمن، على أساس أن يقع تقاسم للسلطة ليس فيه تغول لطرف معين، ويكون للشيعة تواجد في المؤسسات بما فيها “العسكرية”، وهو ما سيجعل مصالح الدول الكبرى والمصالح الإيرانية أكثر وضوحًا وتأثيرًا.
وتابع: “وفى مقابل ذلك، رأينا أن السعودية استقبلت وزير الخارجية الإيراني، وكيف بدأ الحديث عن تذويب الجليد بين البلدين، والصراع الذي دام سنوات عديدة، فمنطقة الشرق الأوسط مقبلة على تشكيل الأقطاب الجديدة، فهناك القطب السعودي وخلفه المجموعة الخليجية، والقطب الإيراني، وهناك تركيا التي تبحث عن موقع جديد، فنجد أنها منتقدة بشدة من طرف السعودية ومصر.
ولفت إلى أن “الدول الأوربية تعلم جيدا أن العمق المصري، موجود مع دول الخليج، وبالتالي دبلوماسية مصر متكاملة مع الخليج، والجديد أن القطب الإيراني سيحاول أن يتقارب مع مصر والسعودية لأن هناك خطرًا مشتركًا هو تنظيم “داعش”، منوها بأن “هذا التنظيم قادر أن يربك الدول الصغيرة، وبالنسبة لمصر لا ننكر الأخطار من سيناء، والإرهاب إذا لم يتم القضاء عليه في مصر؛ سيكون قريبا في الدول الخليجية، وهذا سيدفع مصر والدول الخليجية للتعاون مع إيران لأن الخطر مشترك”.
وقال إن روسيا وطهران، على استعداد للتضحية بالرئيس السوري بشار الأسد، بشرط بقاء نظامه.
وحول الانتخابات الرئاسية المنتظرة في تونس، قال علاني، إن هناك صعوبة في أن تحسم من الجولة الأولى، وإذا حسمت فيها؛ فستكون للباجي السبسي، فيما سيحل المنصف المرزوقي ثانيًا في كل الأحوال، سواء حسمها السبسي من الجولة الأولى أو الإعادة.
وأشار إلى أن هناك استقطاب ثنائي بين مرشح الليبراليين والديمقراطيين واليساريين الباجي السبسي، وبين المنصف المرزوقي الذي يعتقد أنه مدعوم من التيار الإسلامي والسلفي، والأخير لو حصل على كل أصوات حركة “النهضة”؛ فلن يصل إلى الرئاسة، لأنهم يمثلون خُمس عدد الأصوات، باعتبار أنهم حصلوا على حوالى مليون صوت في الانتخابات البرلمانية من أصل 5 ملايين عدد المسجلين، والذين شارك منهم أكثر من 3 ملايين.