رأى تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”، اليوم، أعده مراسلها من مدينة سروج التركية، أنه بعد شهرين من قصف الولايات المتحدة لمقاتلي داعش إثر هجومهم على كوباني، عين العرب، في شمال سوريا، أصبح المصير الغامض للبلدة الحدودية وقود المعركة الحاسمة في الصراع مع تنظيم الدولة الإسلامية حول توسعها وطموحاتها.
وبالنسبة لواشنطن، فإن بلدة كوباني هي بمثابة الاختبار العام الحاسم لإستراتيجية الرئيس أوباما في الجمع بين القوة الجوية الأمريكية والقوات البرية المحلية. وبالنسبة لداعش، فهو اختبار لمناعتها وقدرتها القتالية وأداة لتجنيد الجهاديين.
ولكن بالنسبة لجميع من لهم مصلحة في كوباني، يمكن القول إنه ليس هناك طرف استثمر في هذه المعركة كما الشتات الكردي المنقسم الذي قاتل مدفوعا بأمل إنشاء وطن له بين مزارع وبساتين الفستق التي لا تزال من الناحية الفنية جزءا من سوريا.
وقال كاتب التقرير إن البلدة هُجرت تقريبا من جميع سكانها وما بقي فيها إلا المقاتلون، حيث يسيطر الأكراد على جانب من المدينة بغطاء جوي أمريكي، ومقاتلو داعش على الجانب الآخر. فيما قصفت الولايات المتحدة وحلفاؤها بالمزيد من القنابل في كوباني بأكثر من أي مكان آخر في المعركة ضد داعش.
ويقال إن زعيم داعش،، أبو بكر البغدادي، بعث بواحد من كبار قادته، والمعروف باسم “وزير الحرب”، إلى كوباني، حيث قُتل من مسلحي داعش أكثر من أي ساحة معركة أخرى.
وعلى هذا، فإن “القيمة الإستراتيجية للمعركة تكمن في الأهمية النفسية والدعائية لها”، كما قال إليوت كوهين، وهو مؤرخ عسكري في كلية بول نيتزه للدراسات الدولية المتقدمة ومسؤول سابق في إدارة الرئيس جورج دبليو بوش.
وبهذا المعنى، أصبحت كوباني نقطة تركيز العديد من المصالح المتنافسة للأطراف المنغمسة في الاضطرابات الإقليمية.
وكل من السعودية وإيران والأردن وتركيا –وجميعها مشارك في الحرب ضد الدولة الإسلامية- لديها بعض المصلحة في حسم نتيجة المعركة. في حين أن التركيز على كوباني أغضب مجموعات الثوار السورية الرئيسية، والتي يحاول أوباما تجنيدها للقتال ضد الدولة الإسلامية. وهم محبطون من عدم استهداف بشار الأسد.
وتمثل كوباني بالنسبة للأكراد نقطة ارتكاز لشعور قومي جديد خفف من حدة الانقسامات القائمة منذ فترة طويلة مع تركيا، حيث اتحدت ثلاثة فصائل كردية: المليشيات الكردية السورية المحلية، حزب العمال الكردستاني من تركيا ومقاتلو البيشمركة من العراق.
وبالنسبة للولايات المتحدة، فقد أكدت المعركة من أجل كوباني أيضا حقيقة أخرى: الأكراد يمكن الموثوق بهم وهم موالون لأمريكا.