لم يكن إلغاء برنامج “المشهد المصري” الذي كان يعرض على قناة “الجزيرة” الإخبارية مجرد صدفة، أو إعادة لترتيب خريطة البرامج بالقناة، خاصة وإنه جاء بالتزامن مع خطوات للتقارب بين الدوحة ودول الخليج وفي مقدمتها السعودية، والتي يأتي الموقف من مصر في القلب منها.
واعتبرت جماعة “الإخوان المسلمين”، أن القناة تراجعت خطوة إلى الوراء نتيجة الضغوط الشديدة التى تتعرض لها قطر من دول الخليج العربى لمنع قيادات الجماعة من الظهور على شاشتها، والحد من خطاب القناة تجاه مصر.
وقال خبراء مختصون فى الشأن الإعلامي، نشر موقع “المصريون” آراءهم إن اتفاق الرياض التكميلى ألزم قطر بوقف الهجوم المستمر من قناة “الجزيرة” على مصر، مؤكدين أن دعوة العاهل السعودى الملك عبدالله بن عبدالعزيز لمصر بدعم اتفاق الرياض للمّ شمل الأمة العربية له عدة جوانب، على رأسها الممارسات الإعلامية ضبط الممارسات الإعلامية لكلا الجانبين، وبالتالى فإن ترتيب الأجواء بين الطرفين وإعادة العلاقات سيساهم الإعلام فيها بشكل رئيسي.
وأكد الدكتور حمزة زوبع، القيادى الإخواني، والذي كان من الضيوف الدائمين للقناة قبل مغادرته الدولة الخليجية، إن “الجزيرة” غيرت بالفعل من خطها الداعم للحراك المناهض لأحداث 3 يوليو”، موضحًا أن القناة اتخذت خطوة للخلف تمثلت فى إلغاء برنامج “المشهد المصرى” الذى كان يعرض على “الجزيرة الإخبارية”.
وأضاف زوبع، “قطر تملك وسيلة ضغط كبيرة وهى الجزيرة، وبالتالى سعت دول الخليج الأخرى للضغط على قطر للحد من تعامل القناة مع معطيات الأحداث فى مصر ومحاولة مساندة السلطة بشكل ما”، مؤكدًا أنه لما زاد الضغط على قطر تراجعت خطوة أخرى وتم منع ظهور بعض القيادات المعارضة للسيسى من الظهور على شاشة القناة.
وقال الدكتور عبد العزيز الخبير الإعلامي، إن الدعوة التى وجهها العاهل السعودي “دعوة مقدرة ومحاولة لها اعتبار لدى المصريين، فهى دعوة تخاطب القيادة المصرية من جانب وتخص من هذا الجانب الممارسات السياسية، فمصر لم تبادر بشن أى هجمات عدائية تجاه قطر عبر الوسائل السياسية، كما أنها تعاملت بصبر بالغ وحكمة مع التصرفات العدائية”.
وأوضح أن “الجانب الثانى من دعوة خادم الحرمين خاصة بالممارسات الإعلامية والرأى العام الشعبي، وفى هذا الصدد فإن الكرة فى الملعب القطرى لأن قطر هى التى بادرت بالممارسات الإعلامية السلبية، وبالتالى فإن ترتيب الأجواء بين الطرفين وإعادة العلاقات إلى ما كانت عليه قبل 1995 تستلزم إبداء قطر حسن النية”.
واعتبر أن “أول بادرة منطقية فى هذا الصدد هى إغلاق “الجزيرة المباشر مصر” التى تعد تصرفًا عدوانيًا بامتياز تجاه الدولة المصرية، كما تمثل انتهاكًا لمبدأ السيادة الوطنية على المجال الإعلامى المصرى وحالة نادرة فى الإعلام الدولي”، ورأى أنه “إذا قامت قطر بإغلاق “الجزيرة مباشر مصر” تلك خطوة إيجابية على المصريين إعلامًا وشعبًا والتعامل معها بالشكل اللائق”.
وقال الدكتور ياسر عبد الرازق، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن “من مصلحة قطر أن تحيد قناة الجزيرة حتى تحافظ على تواجدها بين دول الخليج، خاصة بعد أن عاد دور مصر الريادى فى المنطقة العربية بعد أحداث 30 يونيو، مؤكدًا أن هناك ضغطًا من دول الخليج على قطر حتى تغير من سياستها الخارجية”.
وأشار إلى أن “الجميع يعلم أنه لا توجد حرية إعلام فى قطر وقناتها الجزيرة، بل هى موجهة حسب الأغراض الشخصية، وبالرغم من الجزيرة مدعمة ببعض الدول الخارجية مثل الولايات المتحدة إلا أنه من مصلحتها أن تتجاوب مع الدعوات الخليجية بالمصالحة مع مصر حتى لا تصبح منبوذة فى الوطن العربي، خاصة أن الشعب العربى أصبح لا يشاهد قناة الجزيرة بل يعتبرها قناة محرضة على الإرهاب”.