قبل ست سنوات أعلن الشيخ «خليفة بن زايد» رئيس دولة الإمارات عن بناء 12 ألف مسكن جديد للمواطنين في المناطق الشمالية، في نفس الأسبوع أعلن الشيخ «محمد بن راشد» نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي توصيل خدمات الصرف الصحي لإمارات الفجيرة وأم القيوين ورأس الخيمة خلال عامين، وحتى أمس لم يوف حاكم دبي بوعده، وتحولت «مكرمة» خليفة إلي مشروع يحمل عنوان «لجنة مبادرات رئيس الدولة»، حوله المسئولون عنه إلي وسيلة ابتزاز لفقراء يعيشون في مساكن متهالكة بناها الشيخين «زايد» و«مكتوم» في أوائل ثمانينات القرن الماضي.
وعود العطاء التي أطلقها رئيس الدولة ونائبه جاءت في أعقاب صعود أسطوري لبورصتي أبوظبي ودبي، وطفرة عمرانية غير مسبوقة في أبوظبي، ونمو اقتصادي مصنوع في دبي، وفي ظل منافسة أرادت فيها دبي امتلاك زمام القيادة بعد أربع سنوات فقط من رحيل المؤسس «زايد».
اليوم مازالت مساكن المواطنين في إمارات الجنوب تنعي حظها بعد أن تبخرت وعود و «مكارم» الحكام وبات الحصول علي مسكن جديد مرهون برضا أعضاء اللجنة التي شكلها «محمد بن زايد» واسند رئاستها لشقيقه «منصور بن زايد» الذي يتولي منصب وزير شئون الرئاسة، الذي أحالها هو الأخر لـ«أحمد الزعابي» المقرب إليهم.
وخلال الأعوام الماضية بدأت اللجنة حصر طلبات الإسكان وبحث كل حالة علي حده، ثم بدأت في التنفيذ، لكن بوتيرة متراخية بحيث لا يزيد عدد المساكن التي تبنيها اللجنة عن 200 مسكن سنويا في رأس الخيمة وأم القيوين والفجيرة وخور فكان وليمتد طابور الباحثين عن مسكن في هذه الإمارات .
في رأس الخيمة «أفقر إمارات الدولة من ناحية العمران» انتهت اللجنة خلال 5 سنوات من بناء حوالي 300 مسكن موزعة علي أكثر من 10 مناطق فقيرة، بمعدل 30 مسكن في كل منطقة فيما لم يزد نصيب الفجيرة عن 250 مسكنا ومثلها في خور فكان وكلباء.
وطبقا لإحصاء رسمي لوزارة الأشغال فإن عدد المساكن الآيلة للسقوط في رأس الخيمة وحدها يبلغ 4500 مسكنا يعيش فيها ألاف الأسر الفقيرة وهي المساكن التي تم بناءها في ثمانينات القرن الماضي بصورة عشوائية وساهمت عوامل التعرية وسوء التخطيط وعدم الصيانة في انتهاء عمرها الافتراضي بعد 15 عاما من بناءها بحسب خبراء.
في مناطق شوكة وكدرة والمنيعي ورفاج والغيل وشعم والجير وغيرها يضطر الأهالي لإجراء صيانة دورية لمساكنهم المتهالكة وينتظرون أن يحل عليهم الدور للحصول علي المكرمة، يقول «محمد الشحي» تقدمت بطلب للإسكان منذ 7 سنوات للحصول علي مسكن وأرفقت به تقرير هندسي يؤكد أن مسكني آيل للسقوط، وزارتنا اللجنة أكثر من مرة ووعدونا بإدراجنا ضمن لجنة مبادرات رئيس الدولة، وحتى الآن لم يتم التنفيذ، وفي كل مرة يعطوننا الوعود بالتنفيذ ولا جديد، ويضيف: يقيم معي في نفس المسكن ابني الأكبر الذي تزوج في أحدي حجرات المسكن، إضافة إلي أبنائي الخمسة، ونتمنى أن ننال رضا أعضاء اللجنة حتى نحصل علي المسكن الذي وعدونا به قبل 7 سنوات.
«مصبح القايدي» من منطقة شوكة يقول أن اللجنة زارتنا أكثر من مرة ووعدونا ببناء 30 مسكن، وحكومة رأس الخيمة وفرت الأراضي ومهدتها لكن اللجنة لم تقرر بعد بدء البناء.
لكن «أبو راشد» من منطقة شعم يري أن اللجنة تعمل وفق هوى الحكام وليس وفق احتياجات المواطنين، فعدد المساكن التي تم تسليمها حتى الآن قليل جدا قياسا بالوعود التي أطلقها المسئولون قبل سنوات، حتى أن زيارة الشيخ «محمد بن زايد» للمنطقة عام 2011 اعتبرناها بداية لعهد جديد لكن يبدو أن أهل رأس الخيمة وشقيقاتها في المناطق الشمالية ستظل كما كانت دائما فلا يمكن مقارنتنا بأبوظبي أو دبي.
ويضيف «أبو راشد» لا صرف صحي ولا مياه نظيفة ولا وظائف في رأس الخيمة التي تعتبر من أغني إمارات الدولة بما لديها من موارد، ويسال: أين وعود الشيخ «محمد بن راشد» التي قال فيها أنه سيمد خدمات الصرف الصحي لكل الإمارات الشمالية؟
ويقول أن مستشفي خليفة الذي بدأ البناء فيه منذ 6 سنوات لم يكتمل مع العلم أننا في رأس الخيمة بلا مستشفي متخصص في علاج الأورام، كل ذلك نتيجة أن حكامنا ينظرون لأبناء رأس الخيمة والفجيرة باعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية.
وتقول «أم راشد» أن اللجنة زارتها مرتين، وأنها تحدثت مع رئيسها وشرحت له ظروفها وظروف أبناءها المعاقين، لكن حتى الآن لم يتم التنفيذ وتعيش الأسرة في مسكن قد يسقط فوق رؤوس الجميع في أي لحظة.
سعود الطنيجي
الخليج الجديد