كشف مصدر عراقي مطلع عن تورط سماسرة إيرانيين وعراقيين في صفقات أسلحة مشبوهة مع تنظيم “الدولة الاسلامية” مقابل الحصول على النفط. وهي صفقات تخشى دوائر غربية وإقليمية من أن تكون وراءها ايران في سياق حرصها المعلن على دعم قدرة التنظيم الإرهابي على الصمود لأطول فترة ممكنة لأن ذلك يخفف عليها الضغوطات في الملف النووي ويشعل جذوة حرب سنية سنية تضعف مكونا دينيا “عدوا” في المنطقة دون ان يكون الشيعة مجبرين على قتاله على الأقل في المدى المنظور.
وقال مدير المركز الجمهوري للبحوث الأمنية في العراق معتز محيي الدين في تصريح نقلته عنه إحدى الصحف الخليجية “إن هذا الأمر بات مثبتا وواضحا بالنسبة للحكومة العراقية المركزية، إلا أنها عاجزة عن اتخاذ أي موقف تجاه هذه الفضيحة الكبرى”.
وأضاف أن بعض تفاصيل هذه الصفقات بين طهران و”الدولة الاسلامية” لا تزال غامضة.
ويقول مراقبون إن الحكومة العراقية مضطرة للصمت وعدم إثارة هذه الفضيحة لأنها ربما تمس شخصيات نافذة ومقربة من دوائر مسؤولة وقد تكون نشاطاتها تلقى الحماية والتغطية عليها من قبل مسؤولين كبار في الدولة العراقية.
وتحدث محيي الدين عن وجود شكوك حول استعمال مطارات النجف والبصرة وإربيل لتمرير هذه الصفقات. وقال إن الحدث الابرز الذي يكشف هذه النشاطات المشبوهة هي تلك “القضية الكبرى التي تمثلت في ضبط طائرة في مطار بغداد كانت تحمل شحنة من أربع شحنات مقررة إلى جهات، وصفها نواب عراقيون بالمشبوهة وتسعى لقتل العراقيين”.
ويثير المراقبين المخاوف من أن هذه الصفقات لتسليح تنظيم الدولة الاسلامية يمكن أن تكون بعلم طهران نفسها وبضوء أخضر منها، وذلك في سياق مخططها لتأمين صمود هذا التنظيم الإرهابي ضد ضربات التحالف الدولي لأكثر وقت ممكن، لأن ذلك في تقدير بعض كبار المسؤولين الإيرانيين، يعزز موقفها الإقليمي ويساعدها على امتصاص الضغوطات التي يمكن ان تفرضها عليها الدول الغربية خاصة في الملف النووي، وايضا يضعف المكون السني في المنطقة في عملية اقتتال ذاتي.
وفي الاسبوع الاول من شهر نوفمبر/تشرين الثاني، قالت قيادات عراقية في التحالف الشيعي إن مسؤولين إيرانيين أكدوا لها أنهم يتمنون هزيمة التحالف الدولي أمام “الدولة الإسلامية”، وذلك وفقا لما نقلته مصادر مطلعة في بغداد عن هذه القيادات.
وأضافت تلك القيادات أنها رصدت “الكثير من المؤشرات والمعلومات والمعطيات التي تبرهن على أن النظام الإيراني غير معني لا من قريب ولا من بعيد بالقضاء على تنظيم ‘الدولة الإسلامية’ سواء في العراق أو سوريا”.
وأكدت نفس المصادر أن بعض القيادات المتنفذة داخل أجهزة النظام الإيراني تعتقد أن هزيمة التحالف الدولي أمام “الدولة الإسلامية” سيجعل شيعة العراق أكثر إذعانا وتبعية لنظام ولاية الفقيه في طهران، لذلك فهي تخطط بشكل غير مباشر وسري للقيام بكل ما يسرع مثل هذه الهزيمة.
وأكد محيي الدين، أن هناك مافيا وسماسرة إيرانيين وعراقيين يعملون على تهريب السلاح لـ”الدولة الاسلامية” مقابل النفط العراقي، في حين يؤكد عدد من المتابعين لشؤون العراق أن مثل هذه العمليات لا يمكن ان تتم دون علم السلطات الإيرانية التي تحكم قبضتها بقوة على كل مفاصل الدولة العراقية لأن مثل هذه النشاطات يمكن أن تشكل خطرا على ايران نفسها فيما لو صارت عمليات خارجة عن الرقابة المباشرة لأجهزتها الاستخباراتية.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، قال قيادي سياسي عراقي معارض للائتلاف الشيعي الحاكم في العراق، رفض الكشف عن اسمه، إن ايران ترى في “الدولة الإسلامية” خطرا عليها فقط، في حال هدد بقاء نظام بشار الأسد في دمشق أو اقترب من المراقد الشيعية في المدن العراقية المختلفة، لكنها استراتيجيا تعتبر التنظيم الإرهابي وسيلة فعالة لإضعاف السنة في العراق وسوريا.
واضاف أن طهران لا تستطيع تحمّل النتائج السياسية لانتصار التحالف الدولي على تنظيم “الدولة الإسلامية”، لأن مثل هذا الانتصار قد يؤدي إلى إنهاء حقبة حليفها الأسد والشروع في إصلاح واسع للعملية السياسية العراقية، تشمل إعادة هيكلة المؤسسات العسكرية والأمنية، وربما تصل النتائج الى إبرام اتفاق أمني استراتيجي بين الغرب وبغداد.
وقال محيي الدين إن المافيا المكونة من ايرانيين وعراقيين تشتري برميل البترول من التنظيم الإرهابي بمبلغ عشرين دولارا ويتم تهريبه إلى المناطق الحدودية الإيرانية حيث يباع بخمسين دولار إلى دول أخرى على رأسها أفغانستان.
وفي سياق متصل، أكدت مصادر عراقية مطلعة أن توقيفات واسعة شهدها إقليم كردستان العراق لعدد من السياسيين والعسكريين من ضباط البيشمركة، لتورطهم في صفقات سلاح مع “الدولة الاسلامية” وصفقات نفط مشبوهة.
وأفادت المصادر أن التوقيفات شملت أشخاصا يتبوأون مراكز بارزة في الإقليم، بيد أن تعتيما فرض على الموضوع منعا لتأثيره على سير المواجهة الميدانية ضد “الدولة الاسلامية” في العراق وكوباني أيضا.