شن الكاتب السعودي طراد العمري هجوما شديدا على الأمير الوليد بن طلال، فقال: “إنه ينتقد وزراء بعينهم وينهى عن انتقاد وزراء من أصدقائه، وهذا ليس من المنطق أو العدل أو الإنصاف أو المساواة”.
و أضاف، أن الوليد بن طلال لا يعرف المواطن، ولا يعرف أن البطالة والأجور المتدنية مست رغيف المواطن الذي لا يأتي إلا بالعمل، ولأنه لم يُكتب اسمه يومًا في قوائم “البطالة”، ولم يسجل في “حافز”، أو “الضمان الاجتماعي”.
وأكد العمري، أن الوليد مجرد ظاهرة صوتية، وأرقامه غير منطقية، وآراءه جدلية، وتصريحاته نارية، وتوقيتاتها جماهيرية، وإلا فما سر هجومه الحاد على وزير البترول دون غيره؟!
وانتقد الكاتب في صحيفة “الحياة” طراد العمري، خطابَ الأمير الوليد، حول انخفاض معدلات النفط ، والتي ستؤثر على المواطن؛ مبينًا أن الأمير الوليد أقحم المواطن بقضايا ليس له علاقة فيها،
وتساءل الكاتب، لماذا غضب الوليد بن طلال من نقدنا لصديقه وزير العمل في وسائل الإعلام بسبب أرقام أكثر تضليلاً وأكبر استخفافًا بالعقول؟
وقال: من أين للوليد بن طلال هذه الحماسة والاهتمام بالمواطن التي ظهرت فجأة في تصريحاته الأخيرة؟ ومن أين له تلك التصنيفات الجديدة بتقسيم المواطن إلى صنفين: مواطن واعٍ، ومواطن غير ذلك؟
***
والشعب تنشر لقرائها نص المقال :
يصف الكثيرون في الداخل والخارج، ومنهم كاتب هذه السطور، الوليد بن طلال بأنه “رجل أعمال”، أو “أمير أعمال” ناجح، لكن في الوقت نفسه، وبالقدر ذاته يصفه بعضهم بأنه ظاهرة صوتية، وأرقامه غير منطقية؛ وآراؤه جدلية، وتصريحاته نارية، وتوقيتاتها جماهيرية، ما تناقلته وسائل الإعلام حول رأي الوليد بن طلال الحاد ضد وزير البترول، كان بكل تأكيد كبوة يلام عليها هو أولاً، ومساعدوه في العلاقات العامة والإعلام.
ما استوقفنا، أو استفزنا، في تصريحات الوليد أمران: الأول: حشْر المواطن في قضية هي أبعد ما تكون عن همومه والتأثير اليومي المباشر فيه.
الثاني: رفض الوليد بن طلال في وقت سابق نقدنا لصديقه وزير العمل في وسائل الإعلام؛ بسبب أرقام أكثر تضليلاً وأكبر استخفافًا بعقول المجتمع، وهنا نتساءل: من أين للوليد بن طلال هذه الحماسة والاهتمام بالمواطن التي ظهرت فجأة في تصريحاته الأخيرة؟ ومن أين له تلك التصنيفات الجديدة بتقسيم المواطن إلى صنفين: مواطن “واعٍ” ومواطن غير ذلك؟ وهل يجوز للوليد بن طلال أن ينهى عن خلق ويأتي مثله، في نقد الوزراء وموظفي الخدمة المدنية؟ وأخيرًا، ما بال كثير يتذرعون بالمواطن، ثم نكتشف أن ذلك كان للاستهلاك فقط؟.
استنكر الوليد بن طلال، على كاتب هذه السطور مطالبتنا لوزير العمل كشف الحقائق وتفسير الأرقام أمام الملأ في مقالة بعنوان: “مطلوب مناظرة مع وزير العمل” (الحياة، ٩ شباط ٢٠١٣)، فلم يمضِ أقل من ٢٤ ساعة على نشر المقالة، حتى سارع الوليد بن طلال بكتابة خطاب مدبج في أعلاه بالشعار الملكي (السيفين والنخلة)، يطالب فيه الكاتب بإلغاء المناظرة مع نسخة من الخطاب لصديقه وزير العمل؛ حسنًا، لا بأس تنازلنا عن المناظرة، وأعلنا ذلك في مقالة بعنوان: “الأمير ينقذ الوزير”، وقلنا: “إن الوليد عزيز وغالٍ.. وسنسحب طلب المناظرة؛ إنقاذًا للوزير من الورطة والتوريط، وتفاده المناظرة ووزارة العمل”. (الحياة، ٢٠ شباط ٢٠١٣)، فكيف يجيز لنفسه ما لا يجيزه لغيره؟! .
لو كان الوليد بن طلال مهتمًّا بأمر المواطن، لما نافح عن وزير العمل الذي ما فتئ يطلق تصريحات مضللة تستخف بعقول المواطنين، ونذكره بأن مجلس الشورى، قبل أسبوع فقط، ذكر بأن وزارة العمل أحد أسباب الإحباط والغبن للمجتمع. (راجع «الحياة»، ٣ نوفمبر ٢٠١٤)، وهنا نتساءل: أيهما أهم للمواطن، الحصول على وظيفة بأجر مناسب وبيئة عمل صحية، أم أسعار النفط التي تخضع إلى معطيات عالمية يتضاءل فيها تأثير السعودية، ولا يشعر بها المواطن بشكل مباشر؟ نجيب على الفور، ليس أكبر هم المواطن تقلبات السوق وزيادة ونقص أسعار النفط، فتلك مهمة أوكلها المواطن إلى قيادته السياسية التي يثق بها، التي استوعبت درس العقود الماضية، عندما انحدر سعر النفط إلى ٩ دولارات للبرميل، وتوقفت الموازنة العامة عن الصدور، ووصل حجم الدين العام إلى أكثر من ٦٠٠ ألف مليون ريال، وها هي دولتنا اليوم -ولله الحمد والشكر والمنة- تقضي نهائيًّا على الدين العام، وتحقق فوائض مالية، واحتياطات نقدية تصل إلى أكثر من ٣ تريليونات ريال، فلا عليك يا أمير الأعمال الثري، لا تحمل همّ المواطن، فقد كفاك بذلك عبدالله وسلمان ومقرن.
أخيرًا، من حق الوليد بن طلال أن يغضب من انخفاض أسعار النفط وتأثير ذلك في أرصدته واستثماراته في العالم، ومن حقه أيضًا، أن يستصرخ بالملك ومجلس الوزراء والمجلس الاقتصادي الأعلى، كما من حقه أن يخاطب الوزير بما شاء، فالمثل يقول “مس قلبي ولا تمس رغيفي”، لكن أن يَنهى عن انتقاد وزراء من أصدقائه، وينتقد هو وزراء ليسوا من أصدقائه؛ بحجة المواطن، فليس ذلك من المنطق أو العدل أو الإنصاف أو المساواة، الوليد بن طلال لا يعرف المواطن، ولا يعرف أن البطالة والأجور المتدنية مست رغيف المواطن الذي لا يأتي إلا بالعمل؛ ولأنه لم يكتب اسمه يومًا في قوائم “البطالة”، ولم يسجل في “حافز”، أو “الضمان الاجتماعي”، أو “التأمينات الاجتماعية”، أو “مصلحة معاشات التقاعد”.
المواطنون يا سيدي، هم أولئك المسجلون في تلك القوائم وأضعافهم الذين لا يزالون في قوائم البطالة.
ختامًا، نقترح على الوليد بن طلال، أن يتخلص من كل مساعديه للعلاقات العامة والإعلام، إما “بناءً على طلبهم”، أو “”ليس بناء على طلبهم”؛ فقد أضروا به كثيرًا، مع وافر التقدير للأمير.
***
وفي المقابل تدخلت العديد من الجهات، ومارست ضغوطها، وأعطت الأوامر لرئيس تحرير صحيفة “الحياة” بمنع النشر، ووقف الكاتب طراد العمري عن الكتابة لأجل غير مسمى.
وعلّق “العمري” على القرار قائلًا: “بلّغَتْني صحيفة الحياة أنني موقوف عن الكتابة فيها إلى أجل غير مسمى، لا أعرف الأسباب”.
وأوضح، أن رئيس التحرير هو من وافق على المقال ونشره، وأضاف، إذا كان هناك ما يُغضب، فلماذا لا يوقف مسؤول التحرير؟! .
وطالب العمري، ناشر صحيفة الحياة برد الاعتبار له ككاتب مواطن؛ موضحًا أن الصحيفة هي من أبلغته بالإيقاف، لكنه لا يعلم حقيقته.