فجرت القائمة التي اصدرتها إمارة أبوظبي أمس وتضم 83 هيئة ومنظمة غالبيتها إسلامية خيرية ودعوية تنشط في أوروبا وأمريكا فضلا عن فصائل مقاومة سورية حالة من الغضب والصدمة في الأوساط السياسية والإعلامية.
واتسعت الصدمة لتشمل قطاعات شعبية واسعة لضم القائمة شخصيات اعتبرت من رموز الاعتدال الاسلامي ومن بينهم الشيخ أحمد بن حمد الخليلي مفتي سلطنة عمان وأحد الرموز الدينية الهامة بمنطقة الخليج فضلا عن كل أعضاء اتحاد علماء المسلمين .
وكان اللافت والمثير للسخرية والاستغراب ايضا هو ادراج مجلس العلاقات الاسلامية بالولايات المتحدة “كير” ضمن القائمة رغم أن حاكم دبي رئيس وزراء الامارات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أحد أكبر الداعمين والراعين للمنظمة الدعوية الخيرية الكبرى في امريكا وهو من قام بشراء مقرها ، الأمر الذي يؤشر الى أن إمارة أبوظبي لم تتشاور مع باقي الإمارات الست التي تكون الاتحاد منها بل فرضتها على الجميع ان لم تكن قد فوجئت بقية الإمارات الست بها مثل الآخرين.
ردود الفعل على قائمة أبوظبي شكلت جهات عدة كان أبرزها طلب بعض الدول الأوروبية مثل النرويج والسويد من حكومة أبوظبي توضيحات حول القائمة التي ضمت منظمات تعمل بالبلدين وتعتبر من أهم المنظمات الناشطة في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف .
وطلبت حكومة النرويج عبر وزارة خارجيتها توضيحات حول ضم القائمة منظمة “المجلس الإسلامي بالنرويج” الذي يعتبر أكبر شريك للحكومة النرويجية في عمليات مكافحة الإرهاب والتطرف ، معربة عن استغرابها إزاء ذلك.
على المستوى الشعبي انتقضت سلطنة عمان للدفاع عن مفتي السلطنة الشيخ الخليلي الذي ضمته القائمة وشنت وسائل إعلام عمانية هجوما واسعا على القائمة وواضعيها، ووصفت تلك الخطوة من جانب إمارة أبوظبي بأنها تصب في مجال تويتر الأوضاع في الخليج والمنطقة العربية.
كما دشن مواطنون من سلطنة عمان هاشتاجا على موقع “تويتر” حمل عنوان ( الامارات تدرج مفتي عمان بقائمة الإرهاب) شنوا من خلاله هجوما شديدا على سلطات أبوظبي وقال بعضهم إن من وضع هذه القائمة ليسوا مسلمين وسيكون لذلك عواقب سلبية على العلاقات بين مسقط وأبوظبي.
كما دشن مواطنون من كل أنحاء العالم هاشتاجا نشطا بعنوان (الإمارات تعلن الحرب على الاسلام) تناولوا فيه تاريخ أبوظبي في محاربة الإسلام السني بناء على طلب جهات أجنبية خدمة لأغراضها.
وأبدى بعض المغردين في الهاشتاج استغرابا كبيرا لعدم تضمن القائمة منظمات صهيونية متطرفة أو شيعية طائفية مثل “حزب الله” الذي يساهم في قتل المسلمين السنّة في سوريا ويدعم نظام بشار
كما أبدى مغردون من البحرين استغرابهم لعدم ضم القائمة منظمات إرهابية بحرينية مثل جمعية حركة حق الشيعية المرتبطة بإيران ويرأسها حسن مشيمع، وجمعية الوفاق الشيعية، وحركة أحرار البحرين الشيعية، كما غاب عنها أخطر المليشيات الشيعية الطائفية في العراق مثل حزب الدعوة الطائفي والذي يتدخل في سوريا ويقتل السنة فيها كما يفعل بهم في العراق.
وأرجع محللون خلو قائمة الإرهاب التي أعدتها إمارة أبوظبي من الحركات الشيعية الطائفية إلى الشراكة الإستراتيجية التي أعلن عبدالله بن زايد مع إيران في طهران مؤخرا.
وتوقع مغردون أن تؤدي قائمة أبوظبي الإرهابية إلى ردود أفعال سلبية واسعة على المستوين السياسي والشعبي خلال الأيام القادمة.
وتعليقا على ذلك أكد الخبير المصري في شؤون الجماعات الإسلامية ممدوح الشيخ أن هذا القرار يعكس حالة استقطاب إقليمي ستكون مضرة جدا بمستقبل العالم العربي والربيع العربي الذي كان من المفترض أن يستقبل بشيء أفضل من هذا، فضلا عن أن مبررات هذا القرار غير واضحة من الناحية القانونية.
واعتبر الشيخ، في اتصال هاتفي ببرنامج الصورة الكاملة على قناة “اون تي في ” المصرية أن “هذا القرار سيدمر الجسور التي كانت قائمة لعقود طويلة في المنطقة العربية بين جماعة الإخوان المسلمين وبين الأنظمة العربية التي لم تدخل في صراع معها وكانت ظاهرة اجتماعية وثقافية تتعايش مع هذه الدول بقدر كبير من التفاهم، وبالتالي بعد هذا القرار سيصبحون محظورين عرفا أو علنا وستكون لذلك نتائج غير إيجابية خاصة أن هذه الدول معظمها تعاني أصلا من مشاكل أخرى إرهابية أو طائفية، وبالتالي سيزداد بند آخر إلى بنود التوتر السياسي داخل هذه الدول مما يجعل من هذا القرار إجراءاً غير موفق على الإطلاق”.
لكن الغريب كان تبرير بعض الكتاب الإماراتيين المعروفين بقربهم من أجهزة الأمن بإمارة أبوظبي لهذه الخطوة، بل واعتراف بعضهم بأن أبوظبي كانت سباقة في محاربة الإسلام السني وحرضوا حكومات عربية أخرى على اتخاذ خطوات مماثلة.
فقد عبر رئيس مركز “المزماة” للدراسات والبحوث سالم حميد المعروف بقربه من أجهزة الأمن الظبيانية عن أمله في أن يتخذ مجلس الوزراء المصري قرارا مماثلا لما تم اتخاذه في الإمارات وأن يضع قائمة بالتنظيمات الإرهابية.
وأضاف حميد وهو من مذهب إسلامي باطني “سعدنا في الإمارات باعتماد مجلس الوزراء الإماراتي قائمة تنص على اعتبار المنظمات التي وردت في القائمة منظمات إرهابية”، ووصفها بأنها خطوة توعوية مهمة في منطقة الشرق الأوسط.. حسب تعبيره.
وأشار سالم حميد، في تصريح لبرنامج هنا العاصمة على تلفزيون CBC أن “هذا يرسل رسالة قوية مفادها أن الإمارات لا ترغب في التراخي عن التصدي للإرهاب أينما كان وستقابله بكل حزم وهي رسالة تذكير بإرهابية تلك الجهات التي تم حظرها، وهذا القرار لاقى ارتياحا كبيرا في الشارع المحلي الإماراتي من أبناء الوطن ومن المقيمين في الإمارات لأن هذا القانون يندرج تحت بند حماية الدولة وشعبها والمقيمين عليها من أي خطر يهدد الأمن والنهضة”!!
مستطردا بالقول إن “الإمارات كانت سباقة وهي من بادرت خلال السنوات الماضية في إعلانها صراحة الحرب ضد الإسلام السياسي السني وضد كل من يتاجر بالدين من أجل تنفيذ أجندات غربية”…حسب مزاعمه.
من جانبه، قال رئيس تحرير شبكة (إرم) الظبيانية تاج الدين عبدالحق ان الجماعات الموجودة في التصنيف مثل جماعة الإخوان هي معروفة منذ فترة والإمارات سبق أن صنفتها ضمن الجماعات الإرهابية ولكن الجديد اليوم هو تصنيف الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه الشيخ يوسف القرضاوي كمنظمة إرهابية وهذا يعني أن كل أعضاء الهيئة يصنفون بأنهم ينتمون لجماعة إرهابية وسيتم ملاحقتهم قانونيا.
ويضم الاتحاد نخبة من مفكري وعلماء العالم الاسلامي من كل دول العالم.
“بوابة القاهرة”