من فيديو وضعه في “يوتيوب” الاثنين الماضي، وطوى خبره العالم بأسره، تمكن مخرج نرويجي من خداع ملايين العرب والأجانب، كما وسائلهم الإعلامية أيضاً، بقصة مأساوية في الفيديو، مدتها دقيقة واحدة فقط، وبطلها طفل “سوري” اتضح أنه خرافي، وباعتراف المخرج لارس كليفبرغ نفسه.
انطوت حكاية الفيديو على أكثر من 6 ملايين شاهدوه في “يوتيوب” وغيره، كما على جميع وسائل الإعلام العالمية التي روت قصته، حيث ظهر الطفل في مشهد بطولي وهو ملقى على الأرض بعد أن أصابه قناص بالرصاص.
ظن من كانوا يصورونه بعدسة هاتف جوال أنه قضى قتيلاً، لكنه فاجأهم ونهض من جديد، فصرخوا مهللين: “الله أكبر، عم يتحرك.. لساته عايش”، وبعد ثوان وقف الطفل وركض نحو فتاة عمرها مثله 8 أعوام، وأنقذها من رصاص القناص، لذلك سموه “الطفل البطل من سوريا” بوسائل الإعلام، إلا أنه لم يكن بطلاً ولا من سوريا، بل هو ممثل محترف من مالطا، كالطفلة تماماً.
تحدث مخرج الفيلم في تقرير نشره موقع “بي بي سي” وكشف فيه حقيقة الفيديو، وقال إن فريقا سينمائيا نرويجيا قام بتصوير المشاهد في مالطا الصيف الفائت، وتعمد أن يكون أقرب إلى الواقع قدر الإمكان “لتسليط الضوء على أوضاع الأطفال في مناطق النزاع″، طبقاً لتعبير المخرج البالغ عمره 34 سنة.
قال كليفبرغ أيضا إن هدفه من الفيديو كان معرفة ردات فعل وسائل الإعلام والنقاشات عن مشاركة الأطفال في النزاعات المسلحة وسقوطهم فيها كضحايا، وذكر بأن التصوير كان بمالطا في مايو الماضي، وفي منطقة كانت مخصصة لتصوير أفلام، مثل “توي” و”غلادياتور” وغيرهما.
كما اعترف أنه تسلم تمويلا مشتركا من “المعهد النرويجي للأفلام” وأيضا من “صندوق الصوت والبصرية” التابع لمجلس الفنون في النرويج، قيمته 280 ألف كرونر، أي تقريبا 40 ألف دولار، لإعداد الفيديو الذي قام بدور البطولة فيه الطفل المالطي ومواطنته الطفلة المالطية أيضا “وهما ممثلان محترفان، فيما الأصوات التي تسمع في خلفية اللقطات هي للاجئين سوريين بمالطا”، وفقا لما اعترف به.
وذكر المخرج المزيد، فقال إنه كتب سيناريو قصة الفيديو “الذي استطعت أن أخدع به ملايين الناس، لكنني لم أكن مرتاحا وراضيا”، فيما أوضح المنتج جون إينار أن نجاة الطفل بعد إطلاق النار عليه “كان إشارة على أن الفيلم ليس حقيقياً، وكانت لدينا مناقشات طويلة مع ممولي الفيلم حول أخلاقيات صنع فيلم غير حقيقي كهذا”، مؤكداً أن دوافع صانعي الفيلم “كانت شريفة، للفت نظر العالم لما يحدث في سوريا”.
وأوضح المخرج أنهم تعمدوا إضافة كلمة “بطل” للعنوان، بحيث أصبح “الطفل السوري البطل” حين قاموا ببثه في حساب لهم بموقع “يوتيوب” من أجل زيادة الجدل “لكننا في النهاية سعداء، لأن الفيلم حقق هدفه، وأثار جدلا فعلا”.