لا يزال الجميع مدهوشاً أمام صورة الطفل السوري الذي أنقذ شقيقته من الموت، ورصاص القناص ينهال عليه… الفيديو الذي انتشر على كل مواقع التواصل، ونشرته المواقع الإخبارية الغربية، مؤكدة أن الطفل هو بطل سوري صغير”. لكن الفيديو البطولي لم يقنع الجميع.
بعد هدوء موجة “الاندهاش” بالطفل بدأت تطرح علامات استفهام حول حقيقة الفيديو: يقع أرضاً، ثم يقوم، يصاب مجدداً يسقط أرضاً ثم يقوم… يتجه إلى شقيقته التي تختبئ خلف سيارة مدمرة، يسحبها، ويركضان ليصلا إلى الضفة الآمنة، والرصاص يتساقط عليهما.
الفيديو مثالي لدرجة لا تبدو حقيقية؟ لكن هل هو صحيح؟ هل يمكن أن يكون ما حصل تمثيلا؟ هل اصطنع الطفل السقوط أرضاً؟ كيف يمكن للقناص ألا يصيبه؟ وفي حال لم يكن يصطنع الموت، أي في حال أصيب حقيقة، لماذا لا تظهر الدماء على ملابسه؟ وفي حال أصيب كيف وقف على رجليه وركض بهذه الرشاقة لينقذ أخته؟
فنياً، يبدو الفيديو صحيحاً، طريقة تصويره ومونتاجه تشبه كل ما شاهدناه منذ انطلاق الثورة السورية. لكن ماذا عن تعليقات الشخصين اللذين يفترض أنهما يصوران؟ أصواتهما منفصلة عن مكان حصول إطلاق النار… ومع ذلك تحركات الطفل تبدو حقيقية، لكن مجدداً تفاصيل الشريط، غياب الدم، حركته السريعة بعد النهوض من الأرض كلها تبدو أقرب إلى مشهد تمثيلي. مشهد يعرف بطله جيداً كيف يتحرك، وكيف يؤدي دوره بإتقان.
قد يكون الفيديو حقيقياً، ولن يكون مستغرباً، فقد وصلتنا فيديوهات كثيرة منذ انطلاق الثورة السورية، تكشف عن الكثير من الشجاعة عند الأطفال السوريين.
وقد لا يكون الفيديو حقيقياً، لكنه في كل الحالات نجح في خطف الأنفاس، نجح في إيصال رسالة إلى المشاهد إلى العالم، الذي يبدو مشغولاً اليوم بالضربات الدولية لداعش، وبمعارك كوباني… ولعلّ كل هذا الغموض المحيط به، هو الأكثر تعبيراً عن غموض الوضع السوري، عن تعقيداته.
هل الفيديو صحيح؟ هل الفيديو غير صحيح؟ هل الطفل بطل؟ هل الطفل ممثل؟ لا يبدو الجواب مهماً… ففي شوارع سورية حتماً بطولات، وفظائع لا تلتقطها كاميرا.
ليال حداد
العربي الجديد