في حلقة جديدة من برنامج 1544 الذي يُعرض على قناة الـMTV، تطرّق الإعلامي طوني خليفة الى موضوع التقمّص أو عودة الروح الى جسد آخر بعد الموت، وهو معتقد تؤمن به الطائفة الدرزية، فيما يخبر الكثيرون أنهم عادوا بعد موتهم بأجساد أخرى، حيث يتذكرون حوادث حصلت معهم في حياتهم السابقة.
وكان لفريق العمل في البرنامج لقاء مع فراس الحلبي، الذي يقول أن اسمه كان عصام سعيد، الذي قُتِل خلال الحرب الأهلية عام 1976. فراس تذكر أهله وتذكر الشخص الذي قتله وقال ان اسمه حنا، كما أشار الى أنه كان أول شهيد يسقط، قبل أن ينتقل الى جسد فراس الحلبي في منطقة فالوغا، وبات مع الوقت يتذكر أمورا سابقة عن جيله الماضي.
وتقول أم فراس أن الأخير كان في عمر الأربع سنوات يجمع الطعام ويضعه خلف المقاعد، ويقول أنه سيعطيه لأولاده، وحين تصرخ عليه كان يقول لها :’أنا كبير وأنا زعلان بدي روح عند اهلي بـصاليما’. وتكمل الوالدة القصة مشيرة الى أن زوجة عصام سعيد، السيدة حياة، أتت ذات مرة كي تتأكد ان فراس هو زوجها سابقا، وكان لا يزال بعمر الأربع سنوات، فقال :’هذه زوجتي حياة’، حينها تأكدوا أنه كان عصام سعيد في حياته السابقة.
وقد توجّه فريق العمل الى صاليما، وتحديدا الى المكان الذي قُتل فيه فراس في حياته السابقة، فالتقى الأخير بزياد ابن عصام الذي كان يبلغ 11 سنة حين توفي والده، وتذكر فراس تماما كيف حصلت الحادثة، ومن اي درج صعد قبل أن يتم اطلاق النار عليه.
قصة أخرى عن التقمص يرويها رامي بو حمدان ابن الكحلونية في الشوف، الذي حمل معه أثر رصاصة في بطنه، قُتل بها على حاجز في حياته السابقة. يقول رامي أنه كان متزوجا من سيدة تدعى لينا، ولديه ولدين يدعيان مكرم وريما، وله أخ يدعى عماد.
وعن الرصاصة، يؤكد أن الطبيب أجرى له تحاليل وصور داخلية، ولكنه في النهاية صرّح للأهل قائلا :’ان كنتم تؤمنون بالتقمّص، فهذه الرصاصة خلقت مع الصبي من حياته السابقة’.
وفي هذا الإطار، حلّ رامي ضيفا على الإعلامي طوني خليفة مباشرة داخل الإستديو، حيث أشار الى أن أهله يخبرونه أنه كان في صغره يبكي حين يسمع أغنية ‘يلا تنام ريما’ (لأن ابنته في حياته السابقة تدعى ريما)، وقد نطق باسم عماد حينها (اسم أخيه)، وكان ذلك يعيد اليه بعض الصور القديمة. وحين مرّ في بلدة المشرفة (في عمر 10 سنوات) تذكر كل ما حصل معه سابقا، ولما اقترب من المنزل ورأى السيارة التي قتل فيها والزجاج المكسور في الأمام، شعر أن حلما قد تجسّد أمامه. ويشرح تفاصيل حادثة ‘مقتله’، مشيرا الى أنهم كانوا حينها يعملون على تهريب احدى العائلات المسيحية الى منطقة أخرى، وتعرّضوا لاطلاق نار من أحد الحواجز الأمنية، فرأى أخيه يخرج من باب السيارة وسمع الصراخ قبل أن تصبح الصورة سوداء أمامه. وأضاف أنه علم لاحقا أنه بالفعل كان هناك ذلك الحاجز في تلك المنطقة تلك الفترة.
وتابع أن الصور الأولى التي بدأ يراها كانت صورة وجهه ووجه أخيه من حياته السابقة، لافتا الى أنه ورث حب الشعر الطويل والعصبية الزائدة وجسده النحيل من الجيل السابق.
وصرّح رامي أنه لم يكن يمتلك الجرأة للقاء أي أحد من عائلته السابقة، اذ وصل الى أمام المنزل ورحل، اذ شعر بخوف داخلي لم يجد تفسيرا له.
كما استضاف الإعلامي طوني خليفة أيضا القاضي مرسل نصر، وهو الرئيس السابق لقضاة الموحّدين الدروز، الذي أوضح أن هناك رأيين في موضوع التقمّص عند طائفة الموحّدين الدروز، الرأي الأول الذي يتمسك به بعض الشيوخ عملا بما ورد في كتاب الله : ‘يسألونك عن الروح فقل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا’، وهو شخصيا يتبنى هذا الرأي الذي يلتزم به جميع الشيوخ.
والرأي الآخر هو رأي اجتهادي قام به بعض الأئمة لتفسير بعض التناقضات التي تحصل، مثل التساؤل حول ‘لماذا هذا غني وهذا فقير، أو هذا أعمى وهذا بصير..’، وهؤلاء أصحاب نظرية التقمّص، ويعتبرون أن ثمة توأمان أحدهما ضرير والثاني بصير فـ’ماذا جنت يد الضرير حتى ولد ضريرا وماذا جنت يد البصير حتى ولد بصيرا؟’ والقول أن الله أراد ذلك، لا يُشبع فضول اصحاب هذه النظرية، فيستشهدون بقوله :’من يعمل مثقال ذرة خيرا يرى، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يرى’، وأضاف أنه عملا بقاعدة الفعل وردّ الفعل هذه، فكلّ عمل له نتيجة، وقد تحصل الأخيرة بتاريخ الفعل، وقد تتمادى الى جيل آخر.
وأضاف الشيخ أنه لا يدير ظهره لأصحاب نظرية التقمص، نظرا للحجج المقنعة التي يقدمونها، لا سيما وأنهم جاؤوا بهذه النظرية من كتاب الله، حيث ورد ‘وكيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا وأحياكم، ثم يميتكم ثم اليه ترجعون’. وأضاف الشيخ أن أصحاب هذه النظرية يعتبرون أن الجميع يتقمّص، ولكن من ينطق أو يتذكر هو الذي قُتل بحادث معين أو مات ظلما.
ثم قرأ الشيخ بعض الآيات :’وجاء قوله تعالى، الله يبدأ الخلق ثم يعيدكم ثم اليه ترجعون. أولم يروا كيف يبدي الله الخلق ثم يعيده وان ذلك على الله يسير. ويقول للإنسان اذا ما متُ سوف أخرَج حيا، ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون، ولا تقولوا لمن يُقتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء ولكن لا تشعرون’، مشيرا الى أن هذه الآيات التي يتمسك بها أصحاب نظرية التقمّص هي اجتهاد، فإن أصابوا فلهم أجرين، وان أخطأوا فلهم أجرا واحدا.
وتابع أن المسيحية الأولى كانت تؤمن بالتقمّص، حيث يقال ‘سيلد لك ابنا له روح ايليا وقوّته’ واعتبروا أن ايليا قد تقمّص. وأضاف أن أوريجينيس (185 – 254 م.) كان عالما عالميا وارتبط اسمه بالتقمص. وكتب هيرونيموس الدلماني (347- 419 م.) في رسالته الى ديميتريوس ان علم التقمص عند المسيحيين الأوائل تمّ تناوله كتقليد سري أخفي عن غير رجال الدين وكُشف للصفوة وحدهم. وحين عقد المجمع المسكوني في القسطنطينية عام 553 م. الذي لم يحضر البابا آنذاك لأنه لم يكن مقتنعا بما سيحصل، وكان يؤمن بالتقمص، ونتيجة هذا المجمع تمّ تحريم الإعتقاد بالتقمص ولعنوا من يعتقد به.
وفي الختام، سأل الإعلامي طوني خليفة رامي ان كان مستعدا للذهاب مع فريق العمل لزيارة أهله السابقين، فرفض ذلك وردّ السبب الى أسباب شخصية وخوف كبير يمنعه من ذلك، مفضّلا أن يكون جيل الماضي مجرد صور وذكريات في ذهنه.
وطلب الإعلامي خليفة من أهل رامي السابقين ان كانوا قد شاهدوا الحلقة، أن يتصلوا بفريق عمل البرنامج لمتابعة هذه القضية.