“احتضاننا الجنرال السيسي قصير النظر، على نحو مذهل، فالولايات المتحدة تحتاج إلى شركاء سلام، ودعم ضد المتطرفين الإسلاميين، واستقرار، وقضاء على فساد مستشر يخنق اقتصاديات المنطقة، ولا يمكن للمستبدين أو الإسلاميين تحقيق ذلك، فكليهما لا يحظيان بدعم واسع مطلوب لتنفيذ خيارات صعبة لتحقيق السلام والتقدم”.
جاء ذلك في سياق مقال لأستاذ القانون الأمريكي ديفيد سوبر اليوم الاثنين بصحيفة بالتيمور صن.
وإلى نص المقال:
احتفل الجنرال السيسي بعودته من الولايات المتحدة بحبس المدون البارز علاء عبد الفتاح، لمشاركته في مظاهرة سلمية
تاريخيا، فإن تعهدات واشنطن المتجددة بمنح مصر مساعدات عسكرية ضخمة حفزت قمعا شديدا على المعارضة في مصر..وإذا استمر ذلك القمع فإنه سيؤدي إلى خسارة كل من الدولتين.
استمرار قمع الديمقراطيين العلمانيين يفاقم عدم الاستقرار والفساد اللذين يحرمان بالمقابل أي نظام من الشرعية المطلوبة للفوز بالرضا الشعبي، والموافقة على محاربة التطرف.
السياسات الشرق أوسطية غالبا ما يتم تصويرها على أنها انشطار بسيط بين الإسلاميين والمستبدين، والمطالبة بالاختيار بين أحدهما، وكما كان متوقعا اختارت أمريكا المستبدين.
انطلاقا من معرفتهم لذلك، لعب المستبدون على التهديد الإسلامي، وقمعوا ديمقراطيين علمانيين، يستطيعون أن يكونوا خيارا ثالثا.
ولأنهم يؤمنون بالحوار العام المفتوح، فإن الديمقراطيين العلمانيين بمثابة سهلة للاعتقال، لا سيما وأنهم يروجون بشدة لنبذ العنف، لكن ذلك جعلهم أهدافا آمنة للقمع..بشكل أكثر صعوبة من قمع الإسلاميين، الذين يمتزجون في المساجد.
المستبدون أيضا يدركون أن استمرار التهديدات الإسلامية يضمن استمرار الدعم الأمريكي ويشتت الانتباه عن انتهاكات حقوق الإنسان.
لقد قدم الربيع العربي فرصة تاريخية للانفصال عن كآبة المستبدين أو الإطار الإسلامي، فالعديد من الديمقراطيين العلمانيين، الذين تلقوا تعليما أمريكيا حول كيفية تنظيم مؤسسات غير عنيفة، نزلوا إلى الشوارع مطالبين بتغيير أنظمة تسببت فسادها في خنق الاقتصاد، مثلما خنفت الشرطة السرية الاحتجاجات..وظل معظم الإسلاميين “جبناء” على الحياد، ولو وقفت الولايات المتحدة مع حلفائها الديمقراطيين الطبيعيين، لكانت المنطقة قد تحولت.
وبدلا من ذلك، أصاب التردد الولايات المتحدة، فساندت أولا مبارك ضد الثورة، ثم دعمت المجلس العسكري ، ثم فضلت الرئيس الإسلامي محمد مرسي الذي فاز بالانتخابات، فقط عندما استبعد المجلس العسكري الديمقراطيين العلمانيين..والآن بعد “اعتراضات موجزة، نصف قلبية”، ساندت واشنطن الرئيس السيسي الذي أظهر نفسه أكثر قمعا من مبارك.
احتضاننا للجنرال السيسي قصير النظر بشكل مذهل، فالولايات المتحدة تحتاج إلى شركاء سلام، ودعم ضد المتطرفين الإسلاميين، واستقرار، وقضاء على فساد مستشر يخنق اقتصاديات المنطقة، ولا يمكن للمستبدين أو الإسلاميين تحقيق ذلك، فكليهما لا يحظيان بدعم واسع مطلوب لتنفيذ خيارات صعبة لتحقيق السلام والتقدم.
وحتى بعد أن حبس السيسي معظم معارضيه العلمانيين والإسلاميين القابلين للحياة، وأرهب الصحافة، قاطع العديد من المصريين انتخاباته، واضطر لتمديد التصويت وإجبار المصوتين على الإدلاء بأصواتهم.
السيسي كشف مؤخرا عن خطة لمزيد من القمع، تحت مظلة قانون جديد، يواجه بموجبه أي مصري يتلقى تمويلا من الخارج عقوبة الحبس مدى الحياة، والإعدام في بعض الحالات، إذا ارتبط في الترويج لأنشطة تضر بالصالح القومي والوحدة.
ومنذ انقلاب العام الماضي، تم الزج بأعداد لا تحصى من المتظاهرين السلميين في السجون باتهامات مفادها أن الاحتجاج يقف ضد المصلحة الوطنية والوحدة.
التمويل من الخارج ضروري للحفاظ على أصوات مستقلة في بلد مثل مصر، يتحكم فيها الجيش في حوالي ثلث الاقتصاد القومي، وسلطة ليس لها رادع، لترهيب وإفلاس الممولين المحليين المحتملين للاحتجاجات.
فلاديمير بوتين ضيق الخناق على موارد المعارضة بذات الأسلوب…نحن تمول كيانات متعددة تروج للديمقراطية، والارتباط العام غير العنيف عبر أنحاء العالم.
نظام الجنرال السيسي منع المنظمات المصرية من تلقي مساعدات أمريكية، وحبس أعضاءها.
ووفقا للقانون الجديد، فإن نشطاء الديمقراطية وحقوق الإنسان قد يخاطرون بحياتهم..وقد يكتم ذلك القانون أفواه المصريين بالخارج، مخافة من أن يسوء تأويل دعمهم دعمهم لأفراد عائلاتهم ، ويفضي بذويهم إلى السجن أو إلى ما هو أسوأ.
الولايات المتحدة لن تقنع السيسي أبدا باحتضان الديمقراطية أو إنهاء الفساد المستشري الذي يثري الجنرالات، ولكن بإمكاننا استخدام نفوذنا المتعلق بالمساعدات الضخمة لتأمين بعض المساحة للأصوات المستقلة.
ينبغي على الرئيس أوباما الضغط حول طلبه الإفراج عن أحمد ماهر مؤسس حركة شباب 6 أبريل، التي أثارت ثورة 2011، ومد نطاق الضغط ليشمل الإفراج عن زميلي ماهر محمد عادل وأحمد دومة، وكذلك إطلاق سراح الصحفيين المحبوسين لمساءلتهم النظام..ينبغي أن نضغط للتراجع عن قانون التمويل الأجنبي الفضفاض المنفر، كما يجب أن نوضح للجنرال السيسي وكافة المصريين أننا تقف وراء هؤلاء الساعين للحرية والخطاب المفتوح.