في مؤشر قوي على استمرار الخلافات بين الدول الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي، كشفت مصادر خليجية أن الرياض تستعد للتحضير لاستضافة قمة قادة مجلس التعاون الخليجي نهاية الشهر المقبل بدلا من الدوحة بعد اعتراض سعودي وبحريني وإماراتي على عقدها في قطر.
وبحسب وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) فإن مصادر خليجية في الرياض قد أكدت لها أن تأجيل اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي الذي كان مقررا عقده اليوم بالدوحه إلى أجل غير مسمى جاء بسبب عدم وفاء قطر بالتزاماتها خاصة فيما يتعلق بالتدخل في الشؤون الداخلية لبعض الدول ومنها البحرين والإمارات بحسب ما أوردته الوكالة.
وأوضحت المصادر “أن هناك اقتراحات بأن تستضيف العاصمة الرياض – دولة المقر – القمة الخليجية المقبلة، حلا للغيابات التي كانت ستحدث إذا انعقدت القمة في الدوحة خاصة من قبل البحرين والإمارات “.
وأرجئ أمس بشكل مفاجئ الاجتماع الوزاري الخليجي الذي كان من المقرر أن تستضيفه العاصمة القطرية الدوحة اليوم الإثنين للتحضير للقمة الخليجية التي كان من المفترض أن تستضيفها قطر في ديسمبر المقبل، إلا أنه سيتم نقلها للرياض بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الألمانية.
وشهدت العلاقات بين كل من الإمارات والبحرين والسعودية من جانب وقطر من جانب آخر، توترا في العلاقات اشتدت حدته في مارس الماضي، على خلفية اتهام الدول الثلاث الدوحة، بعدم تنفيذ اتفاق وقع في الرياض في نوفمبر الماضي، ويقضي بعدم التدخل في شؤون أي من دول مجلس التعاون، قبل أن تتمكن وساطة كويتية من التوصل، يوم 17 أبريل الماضي، إلى اتفاق بين الدول الخليجية على آلية لتنفيذ الاتفاق.
وعلى إثر الخلافات قامت الدول الثلاث بسحب سفرائها من قطر في حين أكد مجلس الوزراء القطري آنذاك إن “تلك الخطوة لا علاقة لها بمصالح الشعوب الخليجية وأمنها واستقرارها، بل لها صلة باختلاف في المواقف بشأن قضايا واقعة خارج دول مجلس التعاون”.
وأرجع مراقبون الأسباب الحقيقة وراء الخلاف بين دول الخليج ودولة قطر إلى التباين مواقف دول الخليج إزاء بعض القضايا الإقليمية خاصة الموقف في كل من مصر وليبيا وسوريا، حيث تدعم السعودية والكويت والإمارات والبحرين الانقلاب العسكري في مصر الذي تم ضد الاخوان المسلمين، كما تحاول الحد من نفوذ القوى الإسلامية في ليبيا، وتعمل على دعم المعارضة غير الإسلامية في سوريا، بينما تعرف قطر عموما بقربها من الاخوان المسلمين والإسلاميين في المنطقة، كما أنها دعمت وبقوة نظام الرئيس المدني المنتخب في مصر محمد مرسي المنتمي للإخوان.
كما يؤكد المراقبون أن السعودية وهي التي تتزعم الحلف الخليجي تطالب قطر أيضا بإدخال تغييرات جذرية على سياساتها الخارجية بشأن القضايا الإقليمية كدعمها لقطاع غزة وحركة حماس، وتقاربها مع تركيا، بما في ذلك أيضا طريقة تعاملها مع الوضع الإقليمي وتغطية قناة الجزيرة للأحداث، إضافة إلى عدم التدخل في الشأن الخليجي.
وفي مقابل مطالب دول الخليج لدول قطر بتغيير سياستها الخارجية ترفض قطر ذلك وتعلن تمسكها بسياستها الخارجية، وأن ذلك أمر “غير قابل للتفاوض”، بحسب تصريحات صحفية لخالد العطية وزير الخارجية القطري، كما أن قطر ترفض ماتصفه بحالة الهجوم الإعلامي المتواصل الذي تفبركه بعض الصحف ووسائل الإعلام الخليجية أو الصحف العالمية المدعومة من دول خليجية معينة.
وبحسب وزير الخارجية القطري فإن بلاده “تنتهج منظورا مختلفا في التعاطي مع القضايا السياسية وحل النزاعات.. دولة قطر لا يمكنها إلا أن تنتهج سياسة خارجية فخورة ومستقلة، بمعزل عن أي تأثير خارجي.”
وتقوم الكويت مؤخرا بعدد من الجولات الخليجية بهدف تهيأة الأجواء لإزالة التوترات بين دول التعاون الخليجي، إلا أن تأجيل الإجتماع الوزاري الذي كان مقررا عقده اليوم في قطر، وطلب عقد القمة الخليجية في الرياض بدلا من الدووحة يكشف وبحسب مراقبين أن العلاقات بين تلك البلدان لاتزال متوترة وأن الجهود الخليجية باءت حتى الآن بالفشل.
وكان وزير الخارجية الكويتي قد قام بجولة خليجية مؤخرا زار خلالها كلا من السعودية وسلطنة عمان، وذلك بعد يوم من جولة لأمير الكويت زار خلالها كلا من الإمارات وقطر والبحرين، وسط تكهنات أن يكون هدف الجولتين حل الأزمة الخليجة التي اندلعت بسحب السعودية والإمارات والبحرين سفراءهم من قطر في مارس الماضي.
وبحسب المراقبين فإن انسحاب كل من الإمارات والبحرين، مؤخرا من كأس العالم لكرة اليد التي ستستضيفها العاصمة القطرية في يناير المقبل، بالتزامن مع الجهود الكويتية التي تبذل لحل الأزمة، يعد مؤشرا قويا على صعوبة الجهود التي تقوم بها الكويت وصعوبة الأزمة الخليجية القطرية بل وربما دليل على فشل تلك المحاولات.