دولة تحتضر، وتقترب من السقوط، ودول مجاورة تترقب، للانقضاض عليها، وجماعات مسلحة بداخلها تصر على إعلانها شيعية، ورئيسان يتصارعان، حالى قدم جميع التنازلات السياسية، ويرغب فى تسيير الأمور، وسابق يصر على إنتاج نظامه من جديد، ومعارضة شيعية تطمح فى تحويل العاصمة من إسلامية إلى شيعية.. إنه اليمن الجريح الذى يسير نحو الهاوية.
فالمدن اليمنية تشهد اشتباكات مسلحة منذ قرابة الشهرين، بين جماعات الحوثى المعارضة لنظام الرئيس منصور هادى، التى سيطرت على غالبية مدن العاصمة صنعاء، وبين مقاتلى القاعدة من جانب، وحكومة صنعاء من جانب آخر، خلفت وراءها مئات القتلى والجرحى.
فرغم المحاولات الرسمية وغير الرسمية التى جرت لاحتواء الأزمة اليمنية بين الفرقاء، فإنها باءت بالفشل، فمازالت المواجهات المسلحة لغة الحوار بين اليمنيين، فالمحافظات تتساقط واحدة تلو الأخرى، والمستقبل اليمنى أصبح فى مهب الريح.
ثورة مضادة
فى المقابل وعلى الناحية السياسية، وبعيدا عن القتل والدمار، تدار ثورة مضادة ضد الرئيس اليمنى الحالى منصور هادى، يقودها نظام الرئيس السابق على عبد الله صالح، الذى رفض الخروج من صنعاء، متقمصا شخصية الرئيس المخلوع حسنى مبارك الذى قال: “سأموت على أرض هذا الوطن”، رافضا انضمام حزبه إلى الحكومة الجديدة التى أعلن عن تشكيلها الرئيس منصور هادى.
وكان حزب المؤتمر الشعبى العام، الذى يتزعمه الرئيس اليمنى السابق على عبد الله صالح، أعلن عدم المشاركة فى الحكومة الجديدة.
عزل منصور هادى
كما أعلن الحزب انتخاب “أحمد عبيد بن دغر” نائبا أول لرئيس المؤتمر الشعبى العام، وانتخاب “عارف الزوكا” أمينا عاما للحزب، خلفا للرئيس اليمنى “عبد ربه منصور هادى” الذى تم فصله من منصبه كأمين عام.
وفى وقت سابق تظاهر آلاف اليمنيين من أنصار الرئيس السابق على عبدالله صالح وحلفائه جماعة الحوثى، حيث احتشدوا فى ميدان التحرير وسط صنعاء للتعبير عن رفض العقوبات التى فرضت ضد الرئيس اليمنى السابق والقياديين الميدانيين لحركة الحوثى على أبو الحاكم وعبد الخالق الحوثى، مطالبين، بخروج السفير الأمريكى والمبعوث الأممى جمال بن عمر من اليمن.
كما اتجهوا إلى منزل صالح، مرددين شعارات تطالب برحيل الرئيس عبد ربه منصور هادى وعودة الرئيس السابق.
حكومة بحاح
وكان منصور هادي، منذ أيام، أعلن تشكيل الحكومة الجديدة، برئاسة خالد بحاح، استنادا إلى اتفاق السلم والشراكة والتفويض الذى وقعت عليه القوى السياسية مؤخرا، وضمت فى تشكيلها وزراء محسوبين على جماعة أنصار الله (الحوثى)، ومقاعد لأبناء المحافظات الجنوبية بنسبة 40%، كما حظيت المرأة بأعلى تمثيل لها منذ قيام الوحدة بين الشمال والجنوب فى عام 1990، حيث حصلت على 4 مقاعد بنسبة قاربت 12%.
وبينما حظيت الأحزاب السياسية بنسبة 38% من مقاعد الحكومة الجديدة، كانت بقية المقاعد من نصيب شخصيات مستقلة.
عقوبات دولية
فى المقابل قرر حزب المؤتمر الشعبى عزل الرئيس اليمنى عبد ربه منصور هادى من منصب نائب رئيس الحزب وأمينه العام.
وجاء قرار العزل بعد ساعات من فرض مجلس الأمن الدولى التابع للأمم المتحدة عقوبات على رئيس الحزب على عبد الله صالح – الرئيس اليمنى السابق – واثنين من زعماء الحوثيين لـ”تهديد السلم والاستقرار” فى البلاد، واتهام صالح بأنه الداعم الأساسى لحركة الحوثيين التى سيطرت على العاصمة فى سبتمبر الماضى، دون مقاومة، ثم توسعوا بعدها إلى المناطق الساحلية وجنوبى صنعاء.
كما قررت اللجنة الدائمة لحزب المؤتمر أيضا، فصل عبدالكريم الأريانى من منصب نائب رئيس الحزب.
نظام صالح
بدوره قال الدكتور محمد حسن، الخبير فى العلاقات الدولية والمحلل السياسى، إن الوضع فى اليمن معقد للغاية، لكنه وبكل تأكيد يسير نحو العودة لنظام الرئيس السابق على عبد الله صالح، مضيفا أن الثورة المضادة تقترب من إسقاط الثورة اليمنية.
وأوضح الخبير فى العلاقات الدولية لـ”مصر العربية” أن رفض حزب الرئيس السابق صالح للمشاركة فى حكومة بحاح محاولة لتعجيز الحكومة قبل عملها، ووصفها بغير المحايدة، قائلا إن إيران ولبنان تدعمان ما يحدث فى صنعاء، من أجل تحويلها إلى عاصمة شيعية.
وتابع حسن أن الجماعات الحوثية أمامها هدف واحد، وهو استرجاع حكم صالح، وهو ما ظهر فى احتجاجاتهم فى الأيام الفائتة، ومطالباتهم برحيل هادى وعودة صالح.
جدير بالذكر أن الرئيس اليمنى الحالى منصور هادى تولى رئاسة البلاد بعد تنحى على عبد الله صالح عام 2012، إثر احتجاجات شعبية دامية، وفى إطار اتفاق برعاية إقليمية، لضمان قرارات التنحى، كما بقى صالح رئيسا لحزب المؤتمر، الذى له 225 مقعدا فى البرلمان اليمنى من أصل 301.
ويُتهم الرئيس اليمنى السابق بأنه الداعم الأساسى لحركة الحوثيين، الذين سيطروا على العاصمة فى سبتمبر الماضى، دون مقاومة، ثم توسعوا بعدها إلى المناطق الساحلية وجنوبى صنعاء.
وتشهد اليمن اشتباكات ضارية بين نظام على عبد الله صالح والجماعات الحوثية، ضد النظام الحاكم الآن، برئاسة منصور هادى، خلفت وراءها مئات القتلى والجرحى.
وكان مجلس الأمن طالب فى أغسطس الماضى الحوثيين بإنهاء التمرد المسلح ضد الرئيس هادى، وهدد بفرض عقوبات على من يهدد استقرار اليمن.