على الرغم من تحذيرات قانونيين من خطر الإفتاء بشرعية الزواج “غير الموثق”، لأنه لا يصون حقوق المرأة، ولايترتب عليه أي اعتراف رسمي بالأولاد ثمرة هذا الزواج “غير المقنن”، ومن أنه قد يفتح الباب لانتشار الظاهرة خصوصًا بين طلاب الجامعات، إلا أن علماء أزهريين أيدوا الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق فيما ذهب إليه بإباحة الزواج العرفي، والتي كانت قد أثارت جدلاً واسعًا خلال الفترة الماضية.
وقال الدكتور مجدي عاشور مستشار مفتي الجمهورية، إن الزواج العرفي كبقية العقود، ولابد من تحقق الأركان، واختلف العلماء فمنهم من قال إنه لابد من توفر ثلاث أركان هم الزوج والزوجة والشهود والصيغة وهي الإيجاب والقبول .
وحول مسألة توثيق الزواج، قال إن “شيخ الإسلام الشيخ عبد المجيد سليم عندما كان مفتيًا للديار المصرية قال إن الزواج يصح بدون توثيق، وإنه ليس ركنًا في تحقق صحة الزواج، وكذلك قال بهذا القول أيضًا فضيلة الشيخ أحمد هريدي مفتي مصر الأسبق وفضيلة الإمام الأكبر جاد الحق على جاد الحق، وقال فضيلته أن مسألة توثيق الزواج لحفظ الحقوق، وقد بدأ التوثيق عام 1931م”.
وقال الدكتور محمد وسام، مدير الفتوى المكتوبة بدار الإفتاء المصرية، “إننا عندما نتحدث عن الزواج العرفي لابد وأن نفرق بين الأسماء والمسميات وأن المسميات عليها مناط الأحكام وأن الحكم الشرعي لا يقف عند المسميات وأن في مسألة الزواج أن تحقق فيه الشروط والأركان الشرعية بعيدًا عن مسماه فإذا ما تحققت تلك الشروط فهو عقد زواج صحيح”.
وأكد وسام أن “مسألة التوثيق في الزواج هي مسألة إجرائية لجأ إليها المشرع المصري لحفظ الحقوق، كما يقول سيدنا عمر بن عبد العزيز رحمه الله ” يحدث للناس من الأقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور “فعندما ظهر التناكر وظهر إنكار الحقوق والزيجات لجأ القانون المصري إلى الإنزال بالتوثيق حتى لا ينكر الزوج أو الزوجة الزواج ، وأنه قبل عام 1931 لم يلزم المشرع القانوني التوثيق لعقود الزواج”.
وقال الشيخ أشرف سعد من علماء الأزهر إن “الزواج العرفي هو أن يتزوج رجل بامرأة بشهود وولي أو بغيره على مذهب الإمام أبي حنيفة وأن شرط الولي شرط كمال وليس شرط صحة وأن هذا الأمر معروف عند أهل العلم”.
وأوضح الدكتور عمرو الورداني مدير إدارة التدريب بدار الإفتاء المصرية، أنه عبر خبرته في مجال الإفتاء رصد ظاهرة تسمى بزواج الجامعات وهو الزواج الذي يتزوج فيه طالب بطالبة فيكون هناك صيغة العقد وشهود من زملائهم ومن خلال هذه التجربة وجد ما يسمى بأنماط المفتين.
وأشار إلى أن أحد هذه الزيجات ذهبت فتاة إلى أحد الذين يتصدرون للفتوى ولا يتقنون فن الإفتاء فسألته بعد أن حملت من زواجها الذي كان فيه الأركان مكتملة من شهود والصيغة والإشهار فلم يكن زواجا سريا ولكن كل الأصدقاء كانوا يعرفون فأفتى لها الرجل بأن هذا زنا فانتحرت هذه الفتاة فهنا استحق هذا المفتي لقب الجزار لأنه قد قتل هذه الفتاة وولدها في بطنها بفتوى .مشددا أن هذا الشخص قد وقع في خطأ وهو أنه لم يراع تفاصيل هذا الزواج.
وقال الشيخ مختار محسن الباحث في العلوم الشرعية، إن الزواج العرفي المعروف في مصر موجود به كل أركان الزواج الشرعي ولكنه غير موثق ولذلك فلا يمكن لأحد من العلماء أن يفتي بحرمة هذا العقد.
وتابع “غير أنه قد صدرت القوانين في بلدنا تمنع سماع دعوى الزوجية أمام القضاء إذا لم تكن موثقة وأن هذا ليس له علاقة بحلية العقد أو شرعيته فالعقد اتفاق وهذا الاتفاق يكون باللفظ وهذا عند جميع الفقهاء فالعقود ألفاظ وهذه الكتابة ليست إلا كناية وبالتالي فهذه الآراء هي آراء شخصية لا علاقة لها بأهل العلم”.
وقال الشيخ أحمد خضر أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية إن “التوثيق قد ظهر في مصر في عام 1931 حين اشترط أن لا تسمع دعوى الزوجية إلا إذا كان الزواج بوثيقة رسمية وقد صدر في هذا مرسوم رقم 78 لسنة 31 مادة 99، ولذلك لا نستطيع أن نقول إن الزواج الذي قد تم أركانه باطل بحجة أنه لم يتم التوثيق”.