لم تمض ساعات على إعلان الإمارات خشيتها من اندلاع انتفاضة جديدة داخل الأراضي الفلسطينية، حتى سارع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، إلى طلب المساعدة من حكومات عربية على رأسها حكومة أبوظبي، بزعم أن ما يجري في مدينة القدس “مؤامرة إخوانية ضد الحكومة الإسرائيلية، والاستقرار بالمنطقة”، على ما أفادت القناة الإسرائيلية الثانية.
وقالت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية (وام) يوم الخميس إن وزير الخارجية الإماراتي، عبدالله بن زايد آل نهيان، “أعرب عن خشيته أن يؤدي الوضع في مدينة القدس المحتلة إلى انتفاضة ثالثة”.
ونقلت عنه قوله إن “ما تقوم به إسرائيل يصعب من مهمتنا، في توفير منطقة آمنة “.
لكن القناة الإسرائيلية الثانية قالت في اليوم ذاته إن “نتانياهو طلب مساعدة دول عربية صديقة من بينها الإمارات، وهو يعول كثيرا على دور أبوظبي التي ترفع لواء محاربة الإسلام السياسي السني في وأد أي تحرك عربي ضد يجري في القدس، ووقف أي تحرك للمنظمات الدولية لإدانة اسرائيل، على اعتبار أن ذلك يهدد إمارة أبوظبي نفسها وجهودها المستمرة في مواجهة المد الإسلامي”.
وأضافت القناة أن “الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان أعرب عن خشيته أن يؤدي الوضع في القدس إلى انتفاضة ثالثة، لكنه لم يقدم على إدانة إسرائيل”.
وأكدت أن ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي “شرع في حملة دعائية كبيرة وتحرك ديبلوماسي لدى الحكومات الغربية ودول عربية في مقدمتها الإمارات، لتأمين الدعم لأي خطوات قد تقدم إسرائيل على تنفيذها ضد الاحتجاجات التي ينظمها المقدسيون، بحجة أن جماعة الإخوان المسلمين هي التي تقف خلفها”.
وأوضحت أن نتانياهو “يستغل الحساسية التي تبديها أنظمة العربية تجاه جماعة الإخوان، بهدف شيطنة الاحتجاجات التي ينفذها الفلسطينيون في القدس”.
ونقلت القناة عن مصدر في ديوان نتنياهو قوله “نحن على علم أن حركة حماس والحركة الإسلامية بقيادة رائد صلاح تقف خلف الاحتجاجات، وهؤلاء ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين، وهدفهم زعزعة استقرار المنطقة عبر تفجير موضوع القدس”.
وقال إن “الرسائل التي نقلتها إسرائيل لدول عربية وعلى رأسها الإمارات في هذا الشأن، تهدف إلى منع قيام أي تحرك ديبلوماسي ضد إسرائيل في الأمم المتحدة والمحافل الدولية، وهو ما يبدو أن أبوظبي استجابت إليه”.
وأضاف أن “السلطة الفلسطينية، ورغم انتقاداتها العلنية لإسرائيل، تدرك جيدا أن احتجاجات القدس من تخطيط جماعة الإخوان وبدعمٍ من قطر وتركيا”.
وتسارعت في الأسابيع القليلة الماضية انتهاكات المجموعات اليهودية والمسؤولين الإسرائيليين للمسجد الأقصى، مما أدى إلى اندلاع مواجهات عنيفة داخل باحات المسجد وفي مدينة القدس ومدن أخرى بالضفة الغربية بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي.
وكانت وسائل إعلام ومراكز تفكير إسرائيلية قد شنت خلال الأيام الماضية هجوما منظما على جماعة الإخوان وحركة حماس بزعم وقوفهما وراء أحداث القدس.
وقالت صحيفة ميكور ريشون اليمينية إن “أحداث القدس تمثل مؤامرة أقدمت عليها جماعة الإخوان وحركة حماس، لدق أسفين بين إسرائيل والدول العربية، وإشعال المنطقة تحقيقا لأهدافها”.
وقال مركز القدس لدراسات المجتمع والدولة، الذي يديره دوري جولد، كبير مستشاري نتنياهو، إن “الإخوان خططوا للتصعيد في القدس بعد سقوطهم بمصر”.
وزعم الباحث في المركز بنحاس عنبري أن “الإخوان يخططون لتوظيف أحداث القدس في إشعال العالم، واعادة الاعتبار للخطاب الإسلامي المتشدد، على أمل أن يفضي الأمر إلى تدشين خلافة إسلامية بقيادتهم”.
وادعى أن “الدول العربية وفي مقدمتها الإمارات، تدرك أن إسرائيل فقط بإمكانها أن تحول دون تمكين الإخوان من توظيف قضية الأقصى في التحريض على الأنظمة العربية”.
وكان الشيخ كمال الخطيب نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني المحتل عام 48 قد فجر قبل ايام فضيحة مدوية بحق الإمارات، عندما قال إن “هناك دورا إماراتيا في بيع منازل تعود لمقدسيين في حي سلوان بمدينة القدس المحتلة لصالح جمعيات استيطانية صهيونية”.
وقال الخطيب في تسجيل مصور “بخصوص الأموال التي دفعت لأصحاب بيوت مقدسية وسربت للمستوطنين في سلوان، هذه الأموال وصلت من دولة الامارات مباشرة، دون أن تمر عبر سلطة النقد أو الرقابة الفلسطينية”.
وأضاف “على الجهات الأمنية والسياسية المختصة داخل السلطة الفلسطينية فتح تحقيق مباشر بالموضوع، ومتابعته على أعلى المستويات بشكل فوري”.
وكانت تساؤلات عديدة قد دارت في وقت سابق حول مشروع حكومة أبو ظبي المتمثل في بناء مسجد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، والذي قالت مصادر إماراتية وفلسطينية لموقع الجمهور إنه سوف ينافس المسجد الأقصى من حيث المساحة والفخامة.
وتساءل مراقبون عن النوايا التي تخفيها الإمارات وراء هذا المشروع.
وهناك من تساءل ايضا عن الأسباب التي دفعت أبو ظبي لبناء مسجد على أرض عرب فلسطين التي صادرتها إسرائيل في وقت سابق؟ وكيف منحت تلك الأرض لها بعد أن تمت مصادرتها؟
وقد أشارت هذه الأسئلة وغيرها الكثير بحسب المصادر إلى خفايا عظيمة بين طرفين الأول إسرائيل والثاني الإمارات، أو بالأحرى محمد بن زايد الذي أصبح الرئيس العربي القريب والمحبب لدى تل أبيب.
وقال مصدر مقرب من بن زايد للجمهور في وقت سابق أيضا إن أبو ظبي “تسعى لتقديم خدمة عظيمة للإسرائيليين من خلال بناء مسجد كبير بالقدس” في الوقت الذي يحتاج المسجد الأقصى ملايين الدولارات من أجل الصيانة والترميم، وفي وقت تسعى إسرائيل إلى هدم ثالث الحرمين الشريفين من خلال الحفريات المعلنة وغير المعلنة، التي باتت تهدد أساساته بشكل مباشر.
وأضاف المصدر “ستحاول أبو ظبي من وراء هذا العمل سحب البساط من المسجد الأقصى شيئا فشيئا، ليكون المسجد الجديد وجهة الفلسطينيين، وبذلك تفتح الإمارات الباب أمام إسرائيل لتتصرف بالأقصى كما تشاء”.
ويقع مسجد خليفة في منطقة العيزرية بالضاحية الشرقية للقدس الشريف، وقد أوشك هذا العمل على الانتهاء، وهو اكبر مسجد في فلسطين المحتلة بعد المسجد الأقصى.
وقد دفعت الإمارات ملايين الدولارات لإنجاز المسجد المذكور.
ويتسع المسجد لنحو 10 آلاف مصلي، وتبلغ مساحته نحو 7 آلاف متر مربع، ويقع على أرض مرتفعة لتقابل مأذنتاه مآذن الأقصى من الناحية الشرقية للقدس الشريف.