يتخلص الجيش الأمريكي من قادة الإرهاب في جميع أنحاء العالم، ولكنه غير قادر على قطع رؤوس داعش، هذا ما أفاد به تقرير نشره موقع “فورين بوليسي” اليوم.
وقال الكاتب إن الولايات المتحدة وشركاءها في التحالف نفذوا تقريبا 800 ضربة جوية ضد أهداف تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، وضرب مواقع القيادة والسيطرة، معسكرات التدريب، المدرعات، مصافي النفط، شاحنات التزويد، قطع المدفعية والمخابئ. ولكن هناك غياب ملحوظ في القائمة المستهدفة لكبار قادة الدولة الإسلامية.
منذ بدء إدارة أوباما حملة القصف الجوي في العراق يوم 8 أغسطس الماضي، لم تنفذ الولايات المتحدة ما يسمى بـ”ضربة قطع الرأس”، وهو هجوم يهدف تحديدا إلى تصفية أحد كبار القادة العسكريين لداعش.
ويظهر غياب “التكتيك” من الحملات العسكرية بشكل صارخ، وفقا لكاتب التقرير، وهذا لأن الصيد الثمين للمتشددين، من الرؤوس الكبيرة، أصبح حجر الزاوية في إستراتيجية مكافحة الإرهاب التي تعتمدها إدارة أوباما في أجزاء أخرى من العالم.
في خطاب له يوم 10 سبتمبر للكشف عن حملته ضد الدولة الإسلامية، قال الرئيس باراك أوباما إن خطته لمحاربة داعش ستكون مشابهة للنهج المتبع في اليمن والصومال، حيث قضت على “الإرهابيين الذين يهددوننا، في حين ندعم شركاءنا في الخطوط الأمامية”.
ولكن وفقا لمسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية، فإن أيا من الغارات الجوية التي نُفذت حتى الآن لم تستهدف “قطع رأس الثعبان”.
ويقال إن غارة جوية في سبتمبر الماضي في الموصل قضت على أحد كبار مساعدي أبو بكر البغدادي، زعيم داعش، ولكن الجيش الأمريكي لم يؤكد مقتل أبو هاجر الصوفي. ويُعتقد أن المئات من مقاتلي الدولة الإسلامية قد لقوا مصرعهم بعد شهور من القصف الأمريكي، ولكنَ أيا من كبار القادة الآخرين للتنظيم، وبحسب ما ورد، لقي حتفه في غارة جوية.
وفي حين لم تستهدف الولايات المتحدة حتى الآن قيادة داعش، يلمح مسؤولون عسكريون أن مثل هذه الضربات آتية.
ويقول الكاتب إن ذلك يرجع جزئيا إلى الموارد، ذلك أن ملاحقة الأفراد ذات القيمة العالية تستغرق وقتا طويلا وجهدا كبيرا، والطلب على طائرات من دون طيار للمراقبة والاستطلاع مرتفع، وخصوصا أن الولايات المتحدة يزال لديها الكثير من القوات المتمركزة في أفغانستان.
ولكن، يستدرك الكاتب، على الولايات المتحدة العثور على زعماء الدولة الإسلامية قبل أن تتمكن من استهدافهم، وهذا يتطلب استخبارات واختراقات بشرية على الأرض.
الحاجة إلى معلومات دقيقة أمر حيوي، وذلك لأن العديد من الأهداف المحتملة كثيرا ما تنتقل بين المراكز السكانية الكبرى مثل مدينة الموصل بشمال العراق، مما يعني أن غارة خاطئة يمكن أن تسبب في خسائر كبيرة بين المدنيين.
وقال توماس ساندرسون، وهو زميل بارز في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، إن الولايات المتحدة تسعى لبناء شبكات من العلاقات اللازمة لجمع الاستخبارات البشرية في العراق وسوريا، ولكن هذا العمل صعب.
خلال الحروب في العراق وأفغانستان على مدى العقد الماضي، كان ضباط الجيش الأمريكي في القرى، يشرفون على مشاريع الأعمال المدنية، مما سهل من بناء علاقة مع السكان المحليين وجعلهم أكثر استعدادا لتبادل المعلومات، وفقا لما أورده الباحث.
ولكن العلاقات التي بنيت في العراق خلال العقد الماضي تبخرت عندما غادرت القوات الأمريكية في عام 2011. ومع رحيلهم، غادر جواسيس أمريكا، بشكل كبير، البلاد أيضا.
وعلى هذا، تحاول قوات العمليات الخاصة الأميركية ومسئولون في الاستخبارات بناء هذه الاتصالات الآن، ولكن على نطاق أصغر بكثير، وتحت ظروف مختلفة جدا. في العراق، يمكن للجيش الأمريكي أن يعتمد، إلى حد ما، على مصادر استخبارية لقوات الأمن العراقية، ولكن في سوريا، العلاقات الموثوقة أقل.
الاستثناء الوحيد هو في كوباني، عين العرب، البلدة الحدودية السورية-التركية، حيث تعمل الولايات المتحدة مع مقاتلين الأكراد السوريين هناك لتحديد أهداف الدولة الإسلامية لقصفها.
منذ بدء الضربات الجوية، تمكنت داعش من تكييف تحركاتها مع الحملة، حيث اختبأ مقاتلوها بين السكان المحليين في البلدات والمدن، وقلصت استخدامها للاتصالات الإلكترونية، وما عادت تتحرك في العراء في مجموعات كبيرة.
“لقد تسللوا داخل المدن، وهذا يجعل من الصعب جدا توجيه ضربات قطع الرأس”، كما قال ديفيد جونسون، وهو خبير عسكري في “راند كورب”، وأضاف: “لا يمكنك قتلهم إذا لم تتمكن من العثور عليهم”.
وقال كولن كلارك، الباحث في مكافحة الإرهاب والحرب غير النظامية في راند: حتى لو كان لدى الولايات المتحدة كل المعلومات الاستخبارية التي تحتاجها، تبقى هناك تساؤلات حول الحكمة من هذا النهج.
هناك نقاش منذ فترة حول ما إذا كان هذا النوع من الضربات من شأنه إدخال المزيد من المشاكل أكثر مما يحل. على سبيل المثال، فإنه يصنع شهداء يتم بعد ذلك استخدامهم لأغراض التوظيف. بالإضافة إلى ذلك، ففي مثل هذه الضربات غالبا ما يُقتل المدنيون عن غير قصد، وهذا يرفع الدعم الشعبي للمجموعة المستهدفة. كما إن “الشيطان الذي تعرفه أفضل من الشيطان الذي لا تعرفه”.
وقال كلارك إن معرفة دور البغدادي داخل المنظمة يحظى، على الأرجح، بتركيز كبير من عمل المخابرات في الوقت الحالي. هل هو العمود الفقري للفريق؟ كيف تعمل الشبكة؟ من هم سماسرة المجموعة الحقيقيين؟
“على الرغم من الكم الهائل من الدعاية والتحليل [بشأن تنظيم الدولة الإسلامية] منذ عام 2011، فإن الوقائع التي يمكن التحقق منها حول رؤوسها وهيكلها القيادي لا تزال قليلة ومتباعدة”، كما أورد تقرير صدر مؤخرا عن مجموعة صوفان، شركة الأمن والمخابرات.