تتواصل ردود الأفعال المحلية والدولية في ليبيا على حكم المحكمة الدستورية الليبية العليا الذي صدر صباح اليوم بعدم دستورية قرارات “لجنة فبراير” بشأن تعديلاتها على الإعلان الدستوري وقرارها بإجراء انتخابات برلمانية عاجلة، ما يعني “بطلان انتخابات البرلمان” المنعقد بطبرق (شرقي ليبيا) والمحسوب على قوات خليفة حفتر.
ويرى مراقبون أن قرار المحكمة بحل برلمان طبرق، اليوم سيزيد حدة المواجهات المسلحة ضد قوات حفتر الموالية للبرلمان “المنحل” كما أن الحكم سيؤثر بالسلب على كل الدول التي هرعت وساندت البرلمان واعترفت بالحكومة التي شكلها بعد فشل قوات حفتر في تحقيق انجازات عسكرية ملموسة على الأراضي الليبية.
وكان عدد من أعضاء مجلس النواب المنتخب في يونيو الماضي المقاطعين لجلساته بطبرق قد طعنوا أمام المحكمة في دستورية عقد النواب جلساتهم بطبرق، بالإضافة إلى طعن قدمه المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق) على قرارات “لجنة فبراير” التي انبسقت عنها الانتخابات الليبية وهو ما نتج عنه حكم المحكمة العليا اليوم بقبول الطعن في عدم دستورية” الانتخابات واصدرت بالتالي حكما “يقضي بحل البرلمان”.
وبحسب تصريحات صحفية لمسعود الكانوني، مستشار بالمحكمة العليا، فإن الحكم بعدم دستورية قرارات “لجنة فبراير” يعني بطلان انتخابات البرلمان ومن ثم يعتبر بهذا القرار منحلاً.
فجر ليبيا تدعوا قوات حفتر لتسليم نفسها
وعقب صدور حكم الدستورية العليا ببطلان برلمان “طبرق” دعا المكتب الاعلامي لعملية فجر ليبيا المؤيدة لثورة 17 فبراير والمؤتمر الوطني الليبي، دعت كافة الليبين بدون استثناء للاجتماع والالتفاف حول الشرعية الواحدة المتمثلة في المؤتمر الوطني العام و الحكومة المنبثقة عنه برئاسة عمر الحاسي وأعضاء حكومته.
كما دعت فجر ليبيا جميع الليبين إلى ترك كل التصدعات التي تولدت عن البرلمان الساقط و التي كادت تعصف بالبلد و نسيجه الاجتماعي، وذلك على حد قولهم.
وطالب المكتب الاعلامي لقوات فجر ليبيا كل من سماهم الفئات الخارجة عن سلطة الدولة الشرعية بإلقاء السلاح وتسليم أنفسهم لقوات الجيش الوطني الحقيقي متمثلا في قوات فجر ليبيا التابع لرئاسة أركان الجيش التابع لرئاسة المؤتمر الوطني العام .
كما دعت الحركة الجميع لاستثمار هذه الفرصة الأخيرة لوحدة الصف وجمع الكلمة ونبذ كل العصبيات الجهوية و القبلية و التكتلات السياسية والعسكرية المتمردة .
حل برلمان طبرق صفعة قوية لحفتر وشركاه
وبحسب مراقبين فإن حل برلمان طبرق بعد قرار المحكمة الدستورية العليا يعد صفعة قوية في وجه اللواء خليفة حفتر، وشركائه من الداخل وداعميه في الخارج.
من جهته قال الدكتور مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية: إن قرار المحكمة الدستورية العليا بليبيا بحل برلمان طبرق يمثل “صفعة” قوية لقوات حفتر والجيش الليبي، وشركائه في الداخل والخارج.
وتابع غباشي أن القرار سيقلب الموازين داخل الساحة السياسية الليبية، مؤكدا أنه يعد انتصارا لقوات المعارضة والكتائب التي تحارب قوات حفتر.
ومضى غباشي قائلا: سيكون لقرار المحكمة الدستورية أثر بالغ على السياسة الإقليمية تجاه ليبيا، خصوصا أن المجتمع الدولي كان يتعامل مع برلمان طبرق وحكومة عبد الله الثني، وقوات حفتر، باعتبارهما النظام الليبي الشرعي، مؤكدا أن القرار قد يصحبه تغير في السياسة الدولية تجاه حفتر وسيجبره على التعامل مع الطرف الآخر.
وبحسب مراقبين فإن حكم اليوم سيجبر أطرافًا دولية عدة بالتعامل مرغمين مع كتائب الثورا التي اتهمت في بعض الوقت بأنها ميليشيات مسلحة أو متطرفة على حد زعمها.
ويرى المراقبون أن جنرالات الانقلاب العسكري في مصر وحكومتي الإمارات والسعودية من أكثر الأطراف التي ستتضرر بهذا الحكم، خاصة أنها كانت ومازالت تدعم حفتر وقواته وبرلمان طبرق بكل أشكال الدعم المادي والسياسي والعسكري، حتى إنهما اتهما أكثر من مرة بالمشاركة في عمليات قصف جوي لقوات تابعة لكتائب الثوار الليبية والمحسوبة على المؤتمر الوطني.
وبحسب المراقبين فإنه مع احتمالية اشتداد المعارك في الفترة القادمة ضد قوات حفتر قد يضطر لسحب عملية الكرامة التي اعلن عنها، أو مغادرة ليبيا تماما واللجوء إلى مصر أو الإمارات في حال استطاع الثوار أن يسيطروا على قواته بشكل كامل انطلاقا من حكم اليوم الذي سيعطيهم شرعية أكبر في الشارع الليبي.
“برلمان الأزمات”
ومنذ عقد برلمان طبرق أولى جلساته في أغسطس الماضي، بمدينة طبرق الليبية وتعيش ليبا انقساما حادا، وصراعا مسلحا بين كتائب محسوبة على الثورة الليبية والتي يؤيدها “المؤتمر الوطني ” بطرابلس، وبين كتائب مسلحة مدعومة من بقايا نظام القذافي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر بهدف القيام بانقلاب على الثورة والشرعية الدستورية في البلاد ويؤيدها “برلمان طبرق”
وعقد مجلس النواب أولى جلساته في مدينة طبرق (شرق ليبيا) بحضور 158 عضوا، حيث أحدثت هذه الجلسة خلافا سياسيا حادا؛ حين قاطعها عدد من النواب، وعلى رأسهم المحسوبون على تيار الإسلام السياسي، رافضين الذهاب للاجتماع في طبرق، كونها من المدن المؤيدة للعملية العسكرية التي يقودها اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، ضد كتائب الثورة في ليبيا.
وبينما دعا النواب المقاطعون إلى الالتزام بالإعلان الدستوري الذي أصدره المؤتمر الوطني (البرلمان السابق)، والذي ينص على أن مدينة بنغازي (غرب ليبيا) هي المقر الدائم للبرلمان، رفض ذلك النواب الداعمون لعقد الجلسات في طبرق، وغالبيتهم محسوبون على التيار الليبرالي، معتبرين موافقة 158 نائبا يعطيهم شرعية لذلك.
وإثر ذلك، تصاعدت الأزمة السياسية في البلاد؛ حيث عاود المؤتمر الوطني السابق عقد جلساته في طرابلس وشكل حكومة برئاسة عمر الحاسي، بينما شكل مجلس النواب في طبرق حكومة مؤقته برئاسة عبد الله الثني.