مع ارتفاع وتيرة العنف والقتل في محافظة “الإحساء” شرقي المملكة العربية السعودية، خلال اليومين الماضيين زادت الشكوك والأسئلة حول طبيعة تلك الأحداث ومن يقف وراءها، وهل ما يجري في المحافظة الشرقية ذات الأغلبية الشيعية مجرد أحداث جنائية عابرة، أم أنها بداية حقيقة لفتنة قد تشهدها مدن السعودية بين السنة والشيعة بالمملكة، أم أن تأثير الدولة الإسلامية المعروفة بـ”داعش” بدأ يظهر داخل المملكة بعد كل الاجراءات الصارمة التي تتخذها السعودية ضدها في الداخل والخارج.
وكانت المنطقة الشرقية بالمملكة قد شهدت أول أمس أحداثا دامية أسفرت عن مقل 5 مواطنين وإصابة 9 آخرين وذلك عقب قيام قام ثلاثة رجال مجهولو الهوية، بالترجل من سيارة بالقرب من إحدى الحسينيات الشيعية بقرية الدالوة بمحافظة الإحساء عند الساعة 11:30 مساء أمس، وقاموا بفتح أسلحتهم الرشاشة بصورة عشوائية ضد الموجودين في المكان، والذين كانوا يحتفلون بذكرى “عاشوراء” وهو ما نتج عنه مقتل 5 مواطنين وإصابة 9 آخرين.
الأحداث نفسها لا تكاد تهدأ في المنطقة، ليعاود صوت الرصاص وبرك الدم تعود في التدفق من جديد في أقل من 24 ساعة، ولكن هذه المرة بين أفراد من الأمن السعودي ومطاردين قالت الداخلية السعودية: إنهم مطلوبون بتهمة التورط في حادث “الإحساء”، حيث أعلنت وزارة الداخلية السعودية مساء أمس الثلاثاء 4 نوفمبر 2011 عن مقتل رجلي أمن وإصابة اثنين آخرين ومقتل مطلوبين اثنين في بريدة بمنطقة القصيم أثناء محاولات القبض على عدد من المتورطين في حادث محافظة الإحساء.
المنطقة الشرقية خطر على النظام
ويحذر مراقبون من أن يؤدي هذا الاعتداء إلى إذكاء روح العدواة والتفرقة بين أبناء المحافظة البالغ عددهم أكثر من مليون نسمة، وغالبيتهم من المواطنين الشيعة، في وقت صدرت فيه الاتهامات من قبل شخصيات شيعية معروفة في الشارع، طالبت بالثأر.
ويأتي الاعتداء في ظرف شهر من قيام محكمة الرياض بالحكم بالإعدام تعزيراً ضد 8 من المواطنين الشيعة في محافظة القطيف، أبرزهم المرجع الديني نمر باقر النمر، المعتقل منذ عام 2012، والذي تتهمه المملكة بالخروج على ولي الأمر، ورفع السلاح على الدولة، ودعم جماعات التمرد الشيعية في البحرين.
وقد قوبل هذا الحكم باحتجاجات محدودة في بلدة العوامية، مسقط رأس النمر، فيما حذّرت طهران رسمياً من الإقدام على إعدامه، وتوالت التصريحات من مسؤولين إيرانيين بالتهديد بإشعال الشارع السعودي كردّ فعل أولي على حكم الإعدام، كان أبرزها ما جاء على لسان رئيس قوات “الباسيج” شبه العسكرية، محمد رضا نقدي، الذي هدّد بأن “إعدام النمر لن يمرّ دون رد”، مضيفاً أن حياة العائلة المالكة في السعودية “ستتحول إلى جحيم”.
هجوم الإحساء ينقل قلق السعودية من داعش
وبحسب صحيفة “فايننشال تايمز” فإن مقتل خمسة من الشيعة في شرق السعودية، زاد من مخاوف وصول تأثير الدولة الإسلامية المعروفة بـ”داعش” في بلد يقوم باتخاذ الإجراءات المشددة لمنع ذلك.
وقالت الصحيفة: إن أشرطة فيديو، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، حول الآثار التي خلفها الهجوم، والذي حدث أثناء مغادرة مصلين شيعة في حسينية، حيث يحتفل الشيعة هذا الأسبوع بعاشوراء، ذكرى مقتل الإمام الحسين بن علي، وعادة ما تثير هذه الاحتفالات نزاعات طائفية، بحسب الصحيفة.
ويشير التقرير إلى أن الهجوم يأتي في الوقت الذي تتوقع فيه السعودية المشاركة في التحالف الدولي ضد الدولة، وصول تأثيرات وتداعيات في سوريا والعراق إلى أراضيها. وزادت وتيرة الهجمات في العراق، خاصة في مدينة بغداد أثناء الاحتفالات.
وأوضحت الصحيفة أن مراقبين عبروا عن قلقهم من قيام متعاطفين مع “داعش” بهجمات ضد الشيعة، أو الأجانب المقيمين في السعودية، في استنساخ واضح لأساليب الجماعات الجهادية في العراق وسوريا.
ويلفت التقرير إلى أن آلاف السعوديين انضموا إلى صفوف الجماعات الجهادية في العراق وسوريا، بعضهم تأثر بخطباء المساجد والدعاة، رغم ما تمارسه السعودية من سياسات متشددة ضد هؤلاء.
وترى “فايننشال تايمز” أنه في الوقت الذي تلاحق فيه السلطات المتشددين، إلا أنهم يلتقون مع التعاليم الوهابية، التي تتبعها المملكة في عدد من الملامح، بحسب زعم الصحيفة.
وتختم الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن السعودية تعيش حالة من التوتر، خاصة في المناطق الشيعية في القطيف والإحساء، منذ أن أصدرت محكمة سعودية حكما يقضي بإعدام ناشط شيعي وهو الشيخ نمر النمر.