كتبت الطالبة الفلسطينية في مصر مريم الغرباوي رسالة إلى الصحافة المصرية كان عنوانها: عزيزي الصحفي الذي تأتيه المعلومات.. أنا فلسطينية!.
هذا نصها:
هذا العام هو عامي الأخير بكلية الإعلام جامعة القاهرة، تعلمت من أساتذتي في قسم الصحافة هناك أن أخلاقيات المهنة تحثني على عدم نشر أي معلومات دون التأكد من صحتها وتضليل الرأي العام، وأن أي رأي لابد أن يُبنى على حقائق موثقة بالأدلة، ورغم كوني طالبة فلسطينية بإحدى الجامعات المصرية، لم يوجه لي من قبل أي اتهام بأنني إرهابية أو أمثل خطرًا على الأمن القومي المصري “لا سمح الله”.
أكثر من عام والإعلام يحارب الإرهاب من وراء منابر اتخذت من العرب المقيمين في مصر وخاصة “الفلسطينيين” مبررًا لإرهاب لم يعرفوا مصدره بعد، باعتبارنا “أجندة خارجية” ومندوبين لحركة حماس التي يعدونها الذراع اليمنى للإخوان الإرهابيين – على حد وصفهم – في مصر، ومن يومها ولم أجد لتساؤلاتي: “متى أصبحت خطرًا على الأمن القومي المصري لأنني فلسطينية” ، و”متى أصبحت إرهابية”، إجابة!!
لم يتوقف دور الإعلام عند هذا الحد، ولم أكن الوحيدة على هذا الحال، فعشرات الطلاب العرب ولاسيما “الفلسطينيين والسوريين” بدأوا الحذر في التعامل مع أشقائهم المصريين خوفًا من رد الفعل الذي ظهر سلبًا بعدما وجه أحد الإعلاميين لـ اللاجئين السوريين رسالة خلال برنامجه نصها: “لو أنت دكر تاخد بعضك وعلى سوريا وملكش دعوة بمصر”، وانتهاءً بمقال أخير لأحد الصحفيين الأجلاء عنوانه “خطر طلاب سوريا وفلسطين وليبيا والعراق بالجامعات المصرية”.
“الأمن القومى المصرى، يأتى فوق كل الاعتبارات، السياسية والدبلوماسية والإنسانية، وأى تهديد له لابد أن يقابله قوة ردع، وحسم كبير”.. هذه الكلمات كانت بداية المقال المذكور أعلاه، انتهى بمعلومات مؤكدة من وجهة نظر الكاتب مفادها أن طلاب فلسطين وسوريا وغيرهم من الوافدين العرب، تم تجنيدهم للمساس بأمن مصر.
من الواضح أن المعلومات داخل هذا المقال مؤكدة لا تحتمل الشك أبدًا، كما قال الكاتب، وكان لابد من نشرها لتوعية الشعب ولفت نظر الحكومة المصرية لهؤلاء الإرهابيين المنتشرين بالجامعات لديها، مع العلم بأن العمليات الإرهابية الأخيرة كان لهم يد فيها، لكن السؤال الذي تطرق لذهني هو من أين للأستاذ الصحفي بمثل هذه المعلومات الخطيرة؟ وأين دليله على هذا الكلام، إن كانت الحكومة المصرية بأجهزتها الأمنية والمخابراتية لم تعلن حتى الآن عن مرتكبي حوادث الإرهاب؟
قبل عام عقب الرئيس عبدالفتاح السيسي حينما كان وزيرًا للدفاع، على استشهاد 16 جنديا في رفح خلال شهر رمضان بأن الجيش المصري لو عرف من قتل جنوده في رفح لن يتركه ثانية واحدة على ظهر الأرض، وصرح بأن الجناة الحقيقيين سيظهرون قريبًا، وعلى رغم من أنه لم يتم حتى الآن الإعلان عن الفاعل بشكل رسمي، ليخرج الصحفي بمعلوماته الخطيرة ويكشف اليد الخفية وراء الإرهاب في مصر.
وأضاف الصحفي الجليل إلى معلوماتي، أن العمليات التفجيرية التي حدثت أمام جامعة القاهرة، كانت بيد عناصر فلسطينية وسورية هناك، وبما أنني تابعت الأحداث الأخيرة لانتمائي للجامعة واهتمامي بهذا الأمر، لم أجد أخبارًا توضح المسئول عن هذه العمليات، ولم يذكر وقتها غير أنهم جماعات إرهابية دون ذكر جنسيتها أو مصدرها، هل من الممكن أنه يعلم ما لا تعلمه أجهزة الأمن؟
المفارقة هنا أنه عند بوابة الجامعة منذ يومين، وعندما رأى أحد أفراد فالكون هويتي الفلسطينية: ابتسم قائلًا: “يمكن تكوني داخلة تفجري الجامعة”، قاطعته ضاحكة: “مش فاضية النهاردة”، السؤال هنا: “ماذا لو تزامن وجودي مع حدوث أحد التفجيرات فعلاً؟! هل سيحملونني وقتها مسئولية هذا التفجير كوني فلسطينية؟!.. حكيت القصة لأحد زملائي بعد قراءة مقال الكاتب المحترم، فقال: عشان تعرفي إن بتوع فالكون أرحم من الصحفيين.. تقول الأسطورة: الأمن في مصر أرحم من “الأمنجية”.
أدركت يومها أن أمن الجامعة المنوط بحمايتنا من الإرهاب يعي أضحوكتنا الإعلامية المتداولة في بعض الفضائيات والصحف عن خطورة الوافدين على أمن مصر، ومع هذا خرج علينا الكاتب باكتشاف خطير، عن أن هناك ثورة قادمة تحت تسميات فضفاضة والأجهزة الأمنية ليس لديها بيانات عن هؤلاء الطلاب أو عددهم، “اللي هما جزء من الإرهاب اللي هيعملوا الثورة دي”، ذكائي المحدود وقف حائلاً دون فهمي لكيفية وصول مثل هذه المعلومات الخطيرة والمهمة إليه، هل الأستاذ العزيز على اتصال مباشر بهذه الجماعات جعله يعرف مخططه؟ أم أن هذا جزء من آلية جديدة للصحافة في مصر “معرفة المصيبة من مصدرها”؟..
أود أن أضيف لمعلومات الكاتب المحترم ماهية الإجراءات التي يمر بها الوافد لتجديد إقامته، ولكن هذا حديث طويل يحتاج إلى كتاب لا مقالة، يكفيه معرفة إجراء واحد منهم يتطلب مني كوافدة الذهاب لجهاز الأمن الوطني “بحاله” فقط للتأكد من سلامة الهوية؟ أي أجهزة أمنية هذه التي يفترض الكاتب أنها لا تعلم بوجودنا، وهي أقرب إلينا من بطاقة الهوية.
وبعد كل هذه المعلومات التي تعد تحريضًا صريحًا للرأي العام ضد الوافدين في مصر، هل يستند الكاتب المحترم على وثائق وأدلة تؤكد أساطيره عن أعدائه من الوافدين العرب؟ أم أنه كان يقدم خدماته الإعلامية كواحد من الصحفيين الشرفاء؟!!