قبل ساعات من الكلمة التي ألقتها الحكومة المصرية في جلسة المجلس الدولي لحقوق الإنسان المخصصة للاستعراض الدوري لملف حقوق الإنسان بجنيف، اليوم الأربعاء، أعلنت 10 دول هي بلجيكا وهولندا وألمانيا وسويسرا والمكسيك والتشيك والنرويج وفنلندا وسلوفينيا وإمارة ليختنشتاين “اين هذه الإمارة”، عن الأسئلة التي ستوجهها إلى الحكومة المصرية، غير أن كلمة الوفد المصري جاءت خالية من إجابات شافية عن تلك الأسئلة.
ووفقا للنظام المعمول به في جلسات المراجعة، فإن وفد الحكومة يلقي كلمته، ثم يطرح ممثلو الدول أسئلتهم، لتقوم الحكومة بالرد عليها.
وبينما كانت الدول العشرة تأمل في أن تجد إجابة على أسئلتها التي طرحتها مسبقا قبل الجلسة، من خلال كلمة مصر، إلا أنها رأت أن الكلمة كانت خالية من الإجابة، فطرحت هذه الدول أسئلتها مجددا على وفد مصر، إلى جانب الأسئلة الأخرى التي استقبلها الوفد من آخرين، بحسب مراسل وكالة “الأناضول”.
وتمحورت الأسئلة في مجملها، حول قانون التظاهر وقانون منظمات المجتمع المدني، ونتائج التحقيق في أحداث فض اعتصامي رابعة والنهضة، وضرورة الكشف عن إجراءات التعامل مع أحكام الإعدام، ومتى سيتمكن خبراء الأمم المتحدة في مكافحة التعذيب واستقلال القضاء والاختفاء القسري من زيارة مصر، وضمان محاربة الفساد، ومسائلة المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان، فضلاً عن الخطوات التي قامت بها مصر في مجال تعزيز حقوق الإنسان كافة.
وركزت أسئلة بلجيكا على موقف الحكومة المصرية من دعوة فريق عمل الإجراءات الخاصة التابع لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في مجالات مكافحة التعذيب واستقلال السلطة القضائية وأحكام الإعدام خارج نطاق القضاء لزيارة مصر.
وطالبت ألمانيا بتوضيحات حول قانون منظمات المجتمع المدني وشرح الفقرة المتعلقة بالعقوبات على التمويل الأجنبي التي تتضمن نصا، وفق الرؤية الألمانية، غير واضح مثل مفهوم “عمل يضر بأي مصلحة وطنية”.
ودعت سويسرا، مصر، لتقديم توضيحات حول قانون التظاهر ومدى توافقه مع الأحكام الدستورية المتعلقة بضمان الحق في حرية التعبير، والخطوات التي يجري اتخاذها لضمان أن الاعتقال الإداري لا يستخدم كمقياس لمعاقبة أو إطالة أمد احتجاز الأشخاص المحرومين من حريتهم بدون تهمة لهم رسميا وعدم الوصول إلى محاميهم.
وأوصت هولندا الجانب المصري، بضرورة الالتزام بمواد قوانين منع التعذيب ومساواة المرأة في الحقوق وتجريم العنف المنزلي ضدها، ووضع تعريف واسع لجميع جرائم العنف الجنسي، وفرض حظر فوري على تنفيذ أحكام الإعدام وخفض عدد الجرائم التي يعاقب عليها القانون بالإعدام، بهدف إلغاء عقوبة الإعدام .
بينا انفردت جمهورية التشيك بطرح سؤال عن احتمالات الإفراج عن الصحفيين المحبوسين في مصر، وما إذا كانت الحكومة المصرية ستنظر في تنفيذ توصيات بعثة مراقبة الانتخابات في أعقاب الانتخابات الرئاسية مايو 2014، خاصة في مجال المشاركة السياسية للمرأة والمشاركة غير المحدودة في الوقت المناسب من المستقلين مراقبي الانتخابات الدوليين والمحليين والحق في حرية التجمع والتعبير.
وتساءلت النرويج عما إذا كانت مصر تخطط للسماح بإجراء تحقيقات مستقلة بشأن مزاعم الاستخدام المفرط للقوة، بتفريق التجمعات السلمية والاجتماعات، وضمان مساءلة من ثبت استخدامه المفرط للقوة ضد المتظاهرين من قوات الأمن.
وانفرد ممثل أيسلندا بالسؤال حول مدى إجراء مصر تحقيق نزيه في فض اعتصام رابعة العدوية الذي نظمه مؤيدو الرئيس المرسي الأسبق محمد مرسي تزامنا مع عزله في 3 يوليو 2013 .
ممثل إسرائيل في الجلسة، أوصي مصر بالتطبيق الفعال للسياسات التي تضع حدا للاتجار في البشر. في الوقت الذي طالبت فرنسا بإلغاء عقوبة الإعدام وضمان حرية التجمع السلمي واحترام اتفاقيات مناهضة التعذيب.
وقالت بريطانيا إنها قلقة من تزايد عدد المحتجزين في مصر وأحكام الإعدام الجماعية والتضييق على الحريات. فيما قال ممثل الولايات المتحدة: “نوصى بتعديل قانون عمل منظمات المجتمع المدني والتقليل من الاستخدام المفرط للقوة”.
في الوقت الذي رد فيه الوفد المصري على توصيات حقوقية في جلسة مراجعة حقوق الإنسان بجنيف قائلا إن “هناك مغالطات في كلمات عدد من الدول استندت إلى معلومات خاطئة”.
وقالت ميرفت التلاوي رئيسة المجلس القومي للمرأة بمصر (حكومي)، عضو الوفد، إن “الإخوان المسلمين كانوا يريدون إلغاء كل القوانين التي ضمنت حقوق المرأة”، مضيفة “كانوا (الإخوان المسلمين) يريدون إلغاء قانون الخلع وخفض سن الزواج إلى تسع سنوات”.
في الوقت الذي قال محمد خلف ممثل النيابة العامة خلال الجلسة، إنهم “يجرون تحقيقات حول العنف الذي تشهده البلاد”.
وكان إبراهيم الهنيدي، وزير العدالة الانتقالية قال في جلسة اليوم، إن بلاده لم تطبق إجراءات استثنائية في مكافحة الإرهاب.
وفي كلمته بجنيف أمام جلسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بخصوص مراجعة حالة حقوق الإنسان في مصر، أضاف الهنيدي أن “الحكومة المصرية ورغم إعدادها لقانون مكافحة الإرهاب (لم تتم المصادقة عليه ولم يدخل حيز التنفيذ)، إلا أنها اكتفت بتطبيق المواد المنصوص عليها في قانون العقوبات (الخاصة بالإرهاب، دون تطبيق القانون الجديد المشدد)، مفضلة أن يكون صدور القانون الجديد من خلال مجلس النواب المنتخب (لم ينتخب بعد)”.
وتعقد جلسة مراجعة حقوق الإنسان كل 4سنوات، لدراسة ما حققته الدول المختلفة من تقدم في الملف الحقوقي، وعقدت آخر جلسة للمراجعة عام 2010.
وكان “المجلس الثوري المصري” المناهض للرئيس عبدالفتاح السيسي، قد استبق جلسة مصر بالمجلس الدولي لحقوق الإنسان، وعقدوا أمس الأول، مؤتمرا صحفيا بجنيف اتهموا فيه الحكومة بممارسة العنف مع المتظاهرين.
غير أن أعضاء بالوفد الرسمي المصري المشارك في جلسة مراجعة حقوق الإنسان، عقدوا أمس مؤتمرا صحفيا بجنيف، قالوا فيه إن هناك نية لدى الحكومة المصرية لتغيير قانون التظاهر وإطلاق سراح بعض النشطاء السياسيين، مضيفين أن أداء جماعة الإخوان المسلمين وانتهاجها العنف هو الذي دفع الحكومة لاتخاذ بعض الخطوات المقيدة للحريات.
وصدر قانون التظاهر في نوفمبر 2013، ويرى منتقدوه أنه “يقيّد الحريات”، فيما تقول الحكومة المصرية إنه جاء مماثلا لقوانين دول غربية، تنظم حق التظاهر، ولايقيد هذا الحق.