قال موقع خليجي أن توجيهات صدرت للصحف ووسائل الإعلام السعودية بتكثيف الاهتمام بمباراة نادي الهلال السعودي وسيدني الأسترالي، التي انتهت في رحلة الذهاب بهدف لسيدني، وتقام مباراة الإياب اليوم، وتصوير المباراة وكأنها “معركة حربية”، يشارك فيها الجميع من أمراء ووزراء ودعاة ومشايخ، وخلق حالة من التعبئة العامة في البلاد لإلهاء المواطنين عن فساد النظام وقمعه، وحملات الاعتقالات التي طالت كبار المشايخ والدعاة، وآخرهم الشيخ محمد العريفي أبرز الدعاة السعوديين، وتهديدات باعتقال الكتاب الدعاة والنشطاء السعوديين على مواقع التواصل الاجتماعي في “فيس بوك” و”تويتر” إذا تعرضوا لاستيلاء الحوثيين على اليمن، إضافة إلى الحكم بالقتل تعزيرا على الزعيم الشيعي نمر باقر النمر، الذي أثار موجة غضب بين الشيعة في العوامية والقطيف والإحساء، إلى الحكم بالسجن على ثلاثة من أشهر المحامين السعوديين لأنهم انتقدوا وزير العدل في تغريدات على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”.
وقالت المصادر لموقع”شؤون خليجية”: إن حالة التعبئة الكروية جاءت بعد الاحتقان الشعبي في السعودية، من تخاذل النظام وتورطه في استيلاء الحوثيين على اليمن ووصولهم للحدود السعودية، في الوقت الذي أعلن الحرب على “تنظيم الدولة الإسلامية” عندما سيطرت على المناطق السنية في العراق، ووصولها بالقرب من الحدود السعودية، إضافة إلى تساؤلات حول مستقبل المملكة في ظل الصراع الذي خرج إلى العلن بين العاهل السعودي الذي يعاني من أمراض متعددة، وبين ولي عهده الذي تتواتر الأخبار عن إصابته بالزهايمر، والصراع على المناصب بين أبناء الاثنين – الملك وولي عهده – وحالة التذمر بين أبناء الأسرة المالكة.
وقد جاءت مباراة كرة القدم بين الهلال السعودي وسيدني الأسترالي، ليستغلها النظام لتصبح حديث الشارع السعودي وتلهيه عن مشكلاته، من تصريحات مستفزة من نائب رئيس الهلال ضد الأندية الأخرى تحيله للتحقيق، إلى حرب بين المشايخ على “تويتر” بدأت بتغريدة للشيخ عائض القرني ليرد عليه الشيخ عادل الكلباني، ويدور سجال بين الاثنين، إلى إثارة التعصب الرياضي على أشده بقصص وهمية وصلت إلى خلق قصة خرافية أو ساذجة بين زوج وزوجته، تمثلت في تهديد زوج سعودي لزوجته بالطلاق إن خسر نادي الهلال كأس آسيا والذي تقام مباراته النهائية مساء اليوم السبت.
زوج يهدد زوجته بالطلاق!
وطبقا للرواية المنشورة في صحيفة سعودية شهيرة فإن تفاصيل القصة – بحسب مركز واعي – أن الزوجة كانت قد دخلت في نقاش مع زوجها حول المباراة وأحداثها وبدأت في استفزازه بتمنيها خسارة فريقه لأنها تشجع فريقاً آخر، مما جعل الزوج يقسم بالله على أنه لو خسر فريقه فسيطلقها ثلاثاً.
المشايخ يدخلون الصراع الرياضي:
ودخل الصراع الرياضي بين المشايخ، وأشعلت تغريدات الشيخ عائض القرني عن التعصب الرياضي وتساؤله عن العقيدة و”الوطنية المزعومة” لدى من يشجع الفريق الأجنبي على حساب فريق وطنه، في إشارة إلى مباراة الهلال وويسترن سيدني القادمة، خلافاً سريعاً بينه وبين الشيخ عادل الكلباني، أثار مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وردّ “الكلباني” على تغريدة الشيخ “القرني” التي قال فيها: “التعصب الرياضي الأعمى حمَل بعضهم على أن تمنى أن يفوز الفريق الأجنبي غير المسلم على فريق وطنه؛ فأين العقيدة والوطنية المزعومة؟”.
وقال “الكلباني” بأسلوب التندر الذي اعتاده متابعوه: “باب: من شجع فريقاً أجنبياً على فريق سعودي”، فردّ عليه الشيخ القرني قائلاً: “صديقي أبو عبدالإله: والله ما حللت الغناء ولا شجعت فريقاً على فريق”، وذلك في إشارة إلى فتوى الكلباني عن الغناء التي أثارت الجدل في فترة سابقة، إضافة إلى إعلان الكلباني لميوله لنادي النصر في وقتٍ سابق، ورد الشيخ الكلباني في وقت آخر على القرني بثلاث تغريدات قال فيها: “عزيزي أبا عبدالله، أذكر أنك قلت في برنامج نقطة تحول إنك تشجع الهلال ومعجب باللاعب ولهامسون، والله لم أرد إلا أن نترفع عن ذكر العقائد في التوافه وإغفال ذكرها في الملمات! وفهمك يكفي”، واختتم الكلباني تغريداته الثلاث بقوله: “ووالله لا أعرف ولهامسون ولا تعاونت مع مطرب وليس لي أغنية وطنية”.
وأثارت تغريدات الشيخين استغراب الكثير من مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي الذين تناقلوا صور النقاش بينهما.
الواقع المريض.. والبحث عن الإثارة:
وحتى المتخصصين في علم النفس دخلوا معركة الصراع الرياضي، فانتقد المتخصص في علم النفس الدكتور محمد التويجري، النقاش الرياضي الساخر الذي دار بين الشيخ عائض القرني والشيخ عادل الكلباني في تويتر، وقال: “واضح من ما حدث بين الشيخ عائض القرني والشيخ عادل الكلباني أن الشيخ عائض “هلالي” والشيخ عادل “نصراوي”، واعتبر التويجري، في لقائه ببرنامج “لقاء الجمعة” مع الإعلامي عبدالله المديفر، أن حالة الاستقطاب الرياضي الحالية التي ارتبطت بخوض فريق الهلال لنهائي كأس آسيا والتي لم ينج منها حتى الشيوخ، منفلتة وغير ناجحة، وأوضح التويجري أن “واقع مجتمعنا الرياضي أقل ما نقول عنه أنه واقع مريض”، مؤكداً أن الحوارات لدينا جميعها ناجحة ومفيدة عدا الحوارات الرياضية فهي منفلتة وتبحث عن الإثارة.
شيء غير طبيعي وشحن تجاوز الحدود:
أستاذ الفقه في جامعة القصيم، الشيخ الدكتور خالد المصلح، دخل في الحلبة وحذر من مخاطر التعصب الرياضي؛ مشيراً إلى أن الشحناء التي يولدها هذا التعصب المقيت من سفاسف الأمور وقد تصل إلى القتل، لافتاً إلى أننا لسنا ببعيدين عمّا جري في مصر قبل سنتين من مقتل أكثر من 70 شخصاً عقب مباراة كرة قدم، وقال المصلح خلال حديثه لبرنامج “يستفتونك” على قناة “الرسالة” الفضائية: “ما حدث شيءٌ غير طبيعي وناتجٌ من شحن، فالنفوس اذا غضبت عميت”، وأكّد أنه يجب أن يتحمّل كل واحد مسؤوليته في هذا الشأن، لافتاً إلى أن الرياضة ليست لتفريق المجتمع وإيجاد مشكلات ونكبات وشق اللحمة؛ إنما هي لتسليته وإدخال السرور والترويح عن النفوس وتنشيط الأبدان؛ داعياً إلى اتخاذ الموقف الحاسم، وأن يُمنع كل شخصٍ يكون محرضاً لأيِّ نوعٍ من أنواع التعصب المُقيت الذي يدخل فيه الجانب الاجتماعي.
وأوضح أن التعصب الرياضي من مداخل الشيطان للتحريش بينهم لقوله – صلى الله عليه وسلم -: “إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ”، وأردف: السباب والشتيمة والغيبة والنميمة والاتهامات والاشتباك بالأيدي والتحريض علي أعمال الإساءة للآخرين من أعمال الشيطان التي ينبغي أن يقطع طريقه، فكل هذا من عمل الشيطان، فالسباب بأي شكلٍ سواء بالشتم والتعييب وكل أنواع القباحة التي تُلصق بالناس؛ كل هذا مما يندرج مما نهى الله عنه ورسوله – صلى الله عليه وسلم – وذكر بالحديث “سباب المسلم فسوق وقتاله كفر”.
مدعاة إلى انتهاك الحقوق:
ورأى الدكتور المصلح التعصب الرياضي “مشكلة”؛ لأنه مدعاة إلى انتهاك الحقوق والخروج عن الصراط القويم وشحن القلب الذي يمنع وصول الخير، مشيراً إلى قوله – صلى الله عليه وسلم: “تعرض الأعمال في كل اثنين وخميس، فيغفر الله – عزّ وجلّ – في ذلك اليوم لكل امرئٍ لا يشرك بالله شيئاً إلا امرأً كانت بينه وبين أخيه شحناء”، وأضاف: “نحن مقبلون على صيام عاشوراء الذي تكفر به الخطايا، وبالتالي ستحجب هذه الخيرات عن بعض الناس بسبب هذه المشاحنات”، وقال: “يا إخواني لنسمو عن هذه المنازعات وسفاسف الأمور التي لا تعود علي الإنسان بخير، فلو أن شخصاً أخرج نفسه من المشهد المعترك بين المختصمين في نصر نادٍ أو ذمه أو تأييده أو القدح فيه لو أخرج نفسه وشاهد المشهد لوجد أنه نوعٌ من العبث!”.
إثارة الجماهير:
اللعب على وتر صراع “الهلال والنصر” وإثارة الجماهير مستمر، فقد واصلت الصحف الحديث عن سقوط صك “العالمية” عن نادي النصر، إذا فاز الهلال على “سيدني”، وقالت صحيفة إن “العالمية صعبة قوية” من أشهر الأهازيج التي تتغنى بها جماهير النصر منذ سنوات طوال، في محاولة منها لإغاظة المدرج الأزرق، بعد أن تمكّن النصر من الوصول إلى كأس العالم للأندية، واللعب فيها، رغم أن الهلال تأهل لكأس العالم، بيد أنه لم يشارك بسبب إلغاء تلك النسخة من البطولة، وإن جماهير النصر استطاعت نشر هذه الأهزوجة في دول الخليج، بل وصل مداها لبعض الدول العربية والآسيوية، وأن الهلاليين يأملون بأن يحقق فريقهم بطولة دوري أبطال آسيا الليلة، وذلك عندما يلتقي نظيره ويسترن سيدني الأسترالي في إياب المباراة النهائية على ملعب الملك فهد الدولي بالرياض؛ ليضرب عصافير عدة بحجر واحد، منها تحقيق البطولة الآسيوية السابعة في تاريخه، والتأهل لكأس العالم للأندية التي ستقام في المغرب، وإنهاء عبارة “العالمية صعبة قوية”.
في المقابل، يمنّي بعض النصراويين النفس بخسارة الهلال النهائي الليلة؛ حتى يتمكنوا من الاستمرار في التغني بأهزوجتهم الدائمة، ومناكفة غريمهم التقليدي، يُذكر أن التنافس الهلالي – النصراوي مستمر منذ سنوات عدة، ولا يزال قائماً حتى مع تغيير مراكز الفرق في المنافسة على البطولات من عدمه.