“ويل لأمة سائسها ثعلب، وفيلسوفها مشعوذ” قالها جبران خليل جبران في العشرينات من القرن الماضي.
كانت الإمارات وقتذاك قبائل متقاتلة تعاني من ضنك العيش.
ولم يشهد جبران ما فعل النفط الأسود في العرب، ولا شهد ميلاد إمارات وحدها “زايد” واخضع شيوخ قبائلها لسلطته بعد أن قعد على سابع احتياطي للنفط في العالم.
مات جبران قبل اعلان الإمارات دولة بأربعين سنة، ولم يتسن له أن يتعرف على سائس الإمارات ابن زايد ولا على فيلسوفها ضاحي خلفان.
ترك لنا نبوءته وإذا بالزمن يتدحرج سريعا حتى صار السفهاء يتصدرون المشاهد وهم الأكثر تعبيرا عما يجول في خواطر حكامهم السفهاء أيضا.
والإمارات الشاردة التي طالما غرم شيوخها بالأكبر والأطول رأت أن تكون الأفضل بتصدير السفهاء كسفراء يعبرون عن حضارة قديمة امتدت إلى أكثر من ثلاثين سنة.!
فصدرت لنا ضاحي خلفان ليعبر عن مكنون شيخه في أبوظبي.
“يا أم عمرو ألا تنهوا سفيهكم *** ان السفيه ان لم ينه مأمور”
والسفيه خلفان لا يشبه بهلول الرشيد مثلا، ولا هو بالمسؤول أو الخبير الأمني الضليع. فالانجاز الأمني الوحيد الذي يحسب له هو دوره المشبوه في اغتيال قيادي حمساوي في دبي ليخرج على الفضائيات برداء الأبطال متوعدا إسرائيل بالقبض على مسؤوليها ذلك قبل أن يستقبلهم في دبي وقبل أن يعلن بالأمس أنه “شخصيا” يعترف بإسرائيل.!
طيب احلف يا خلفان انك “شخصيا” تعترف بإسرائيل!
وكأن في الإمارات الخاضعة لسلطة محمد بن زايد بعد ان أطاح بأخيه في انقلاب ناعم يوجد شخصية تعبر عن رأيها وليس رأي شيوخها.
فالذين عبروا عن آرائهم يعذبون الآن في سجن الرزين الذي شبهته منظمات حقوقية بسجن “غوانتناموا” ومن كانوا بالأمس محل تكريم دولتهم ويمثلونها ويشرفونها في المؤتمرات العالمية أصبحوا كفرة تكفيريين لأن أحدهم غرد فرحاً بفوز مرسي في الإنتخابات!
وخلفان بلا شك السفيه الذي ينبح بلسان شيوخه. فقط اقرأ المواقف السياسية وقارنها بمواقف محمد بن زايد:
عداء مطلق للإخوان ولكل أصحاب الفكر الإسلامي وتحريض على قتلهم وسجنهم أينما وجدوا.. في مصر وليبيا وتونس واليمن والعراق وتركيا والكويت..
دعك من الزخرفات التي يغرد بها كل ستة أشهر عن إيران صديقتهم وحليفتهم الذين يقيمون اقتصادها وركز بمواقفه المؤيدة لإسرائيل.
فقد قال قبل عام بأن إسرائيل ليست عدوة وبالإمس استفزه اعتراف السويد بفلسطين فختم قائلا بأنه شخصيا يعترف بإسرائيل، وقبل اعترافه بأشهر كان خلفان نفسه ينسق الحماية الأمنية للوزير الصهيوني سيلفان شالوم في زيارته إلى دبي والذي – أي الوزير- لم يأت طبعا بدعوة “شخصية” من خلفان بل من شيوخه.
وانظر إلى دفاعه عن بشار “طيب القلب” بعد ان استقبل عائلته، ولو كان شرطيا يحمل أدنى قيم العدالة لأسقط “طيبة” بشار مع أول صور لحوم الأطفال السوريين المحروقة والمسلوخة والمعروضة على الفضاء.
لكنه سفيه مأمور..!
فلا يجوز أصلا نقده “شخصيا” بل يتعين تعرية الدور التآمري الذي يضطلع به محمد بن زايد ضد إرادة وتطلعات الشعوب العربية بدءا من إدارته لحرب أهلية في ليبيا ومرورا بدعمه لانقلاب مصر والتي أعاد لها نظاما أكثر استبدادا، وعطاياه المالية لرجال “بن علي” في تونس، وليس انتهاء بدعمه للحوثيين عبر صفقة تعيد نظام “علي صالح” وابنه إلى الحكم.
وطبعا لا تنسى علاقته مع إسرائيل العلنية والسرية.
وقد كان واضحا إنه تمنى لو تغرق غزة بدماء أهلها مقابل أن تسحق إسرائيل “حماس”. لكن “صديقه” نتنياهو لم يستطع لهذا الأمر سبيلا.
ونسي جبران أن يقول: ويل لأمة تتصهين أكثر من الصهاينة، لأنه لم يكن يعلم ماذا سيفعل النفط الأسود بالعرب وكيف صار فيلسوفهم حارس خمارات دبي بأمر سائس العرب – بماله ونفطه – محمد بن زايد.
نظام المهداوي