تناولت شبكة فرانس 24 الشهيرة فيديو التعذيب الذي قام فيه الجيش المصري بتصفية شباب من سيناء بعد تعذيب وحشي لهم و نشرت التقرير التالي و هذا نصه .
مجموعة من الرجال يرتدون الزي العسكري يستأسدون على اثنين من المدنيين، أحدهما مضرج في دمائه، في إحدى القرى بسيناء المصرية. صور تعذيب مرعبة نشرت مؤخرا على الشبكات ومواقع التواصل الاجتماعي. جميع المؤشرات تدل بوضوح على أن الجيش المصري هو المسؤول. لكن الوضع مختلف تماما في مصر، فلا السلطات ولا وسائل الإعلام المحلية تحرك ساكنا أمام هذه الوقائع المخزية …
رجل، تنزف ساقه بغزارة، يجبر على السير على أربع من عسكري يلاحقه بالركلات. ثم يأمر العسكري المصري الرجل الذي يغطي رأسه جلباب تقليدي، بالوقوف والسير على ساق واحدة. بعدها يطرحه أرضا مكيلا له الضربات في أنحاء مختلفة من جسمه ما اضطره إلى حماية وجهه بإخفائه بيديه.
وعند الثانية الخمسين من الفيديو نلاحظ التحاق عدد آخر من الرجال بالزي المدني بالعسكري والمشاركة في تعذيب الرجل. وفي الثانية 56 يدخل المشهد ضحية أخرى، رجل مغطى الرأس أيضا بجلبابه، يقف أمام حائط ويتلقى لسعات كرباج. وتواصل بعد ذلك سيل الشتائم والركلات على الرجلين، اللذين لم يتوقفا لحظة عن الآنين، حتى أتت لحظة رماهما فيها العسكريون في غرفة وحبساهما داخلها.
معظم وسائل الإعلام الحكومية والخاصة، التي تؤيد الرئيس عبد الفتاح السيسي والجيش، تجنبت الخوض تماما في هذا الموضوع. وحتى الصحف التي كشفت عن التعذيب عادت ونشرت تصريحات عسكريين، لم تكشف عن هوياتهم، تنفي جملة وتفصيلا الاتهامات بالتعذيب. هذا الفيديو من وجهة نظرهم ما هو إلا فبركة هادفة إلى تشويه صورة الجيش المصري في الوقت الذي يشن فيه عملية عسكرية واسعة النطاق في شبه جزيرة سيناء لإقامة منطقة عازلة على الحدود مع قطاع غزة.
ووفقا للمصادر العسكرية المجهولة التي نشرت هذه الصحف تصريحاتها، فإن هؤلاء العسكريين ما هم إلا مدنيون متنكرون وليسو جنودا حقيقيين. ويدللون على ذلك بحقيقة أن بعضا من هؤلاء العسكريين ينتعل خفين بلاستيكيين (شبشب باللهجة المصرية) وهو أمر ليس متعارفا عليه في قلب الجيش المصري.
وكانت شبكة الناشطين السيناوية سيناء24 هي التي نشرت الفيديو، بعد أن حصلت عليه من أحد العسكريين، على صفحتها في فيس بوك والمختصة بنشر أخبار شبه جزيرة سيناء. وبعد آن حققت هذه الشبكة في مصداقية الفيديو، عادت وأكدت أن الضحيتين عذبا بالفعل من قبل رجال وجنود الجيش المصري قبل أن يعدما لاحقا بأيدي نفس الجنود.
هذا الرجل الذي تنزف ساقه بغزارة يتعرض للضرب وهو ساقط على الأرض.
“صور هذا الفيديو يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول في إحدى ثكنات الجيش الصغيرة الواقعة على مقربة من قرية الجورة بمنطقة الشيخ زويد شمالي سيناء. كما أن وجود أشخاص بالزي المدني في الفيديو لا يغير شيئا من حقيقة الأمر طالما أنهم داخل ثكنة عسكرية
لقد توصلنا إلى تحديد هوية ضحيتي التعذيب، الأول هو أحمد أبو فريج، يبلغ من العمر 18 عاما، وهو الشخص المدني الأول الذي يظهر في الفيديو والذي كانت ساقه تنزف، وهو من قرية المهدية التي لا تبعد كثيرا عن موقع الثكنة العسكرية. (والقرية مسقط رأس شادي المنيعي أحد قادة جماعة “أنصار بيت المقدس” الجهادية والتي يلاحقها الجيش المصري منذ عدة أشهر في سيناء. كما أن القرية أحد مراكز تهريب المهاجرين غير الشرعيين-أسرة التحرير). والثاني يوسف عتيق الذي كان مؤذنا بأحد مساجد نفس القرية.
وأثناء القيام بعملية الاستقصاء، اكتشفنا أن المتحث باسم الجيش المصري، محمد غانم، قد نشر على صفحته في فيس بوك صور الضحيتين يوم 10 أكتوبر. وصاحب الصور تعليق يوضح أن الجيش المصري قام بتصفية اثنين من الإرهابيين بعد تبادل لإطلاق النار معهما في شمال سيناء تحديدا.”
توافق مقلق
كل الشواهد تؤكد بوضوح أن الأمر يتعلق بنفس الشخصين، ففي الفيديو نجد أن المدعو أحمد يرتدي جلبابا لونه بيچ تحته بنطال أبيض به العديد من بقع الدماء وملابس داخلية زرقاء. وفي الصور المنشورة على فيس بوك بقع الدماء في نفس المواضع على الجلباب والملابس الداخلية للرجل.
الضحية الثانية، يوسف عتيق، في الفيديو يرتدي جلبابا أزرق فاتحا وبنطالا كاكي اللون ونعتقد أنه ملتح (شاهدوا 1’04’’ ) وهو ما يتوافق بشكل مذهل مع الصور التي نشرها الجيش.
بالنسبة لنا لا مجال للشك ولو للحظة. فالجيش قام بتعذيب ثم تصفية الرجلين. وإضافة للصور والفيديوهات فقد حصلنا على شهادات من أقرباء الرجلين تؤكد أن رجال الجيش وصلوا إلى قرية المهدية يوم 10 أكتوبر على متن أربع سيارات همر عسكرية ثم اقتادوا الرجلين لمكان غير معلوم. كما أن المتحدث الرسمي باسم الجيش نشر صورهما في اليوم نفسه على أنهما إرهابيان تمت تصفيته
وليست هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها أشخاص من قرية الجورة إلى التعذيب والإعدام. في فبراير/شباط الماضي اكتشف السكان جثث رجل من سيناء ولم يفتح أي تحقيق في الموضوع
“تصاعد حدة التعذيب منذ وصول السيسي للحكم”
الشهادات التي تثبت وتوثق حالات التعذيب والاختفاء القسري لمعتقلين في أقسام الشرطة وثكنات الجيش المصري أكثر من أن تعد أو تحصى. منظمة “العفو” الدولية ذكرت أن زيادة كبيرة في الاعتقالات والتوقيف العشوائي والتعذيب حتى الموت رصدت في مصر بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي في العام 2014. المنظمة غير الحكومية ذكرت أن 80 شخصا لاقوا حتفهم أثناء الحبس الاحتياطي في الفترة الواقعة بين يوليو/تموز 2013 ومنتصف مايو/أيار 2014.
وقد قمنا بالاتصال بالمتحدث الرسمي باسم الجيش المصري، محمد غانم، للحصول على توضيحات بشأن فيديو التعذيب ولكننا إلى هذه اللحظة لم نحصل على أي رد بهذا الخصوص.